تخرجت التونسية أروى هماني من كلية الفنون، في اختصاص هندسة الديكور، لكنها لاحقاً تركت تنسيق ديكورات المنازل الداخلية لتتفرغ للرسم والألوان، وخلقت من الفن التشكيلي عالمها الخاص الذي تفردت فيه عن غيرها.
تقول أروى لـ"العربي الجديد"، إنّ والدتها مصممة أزياء محترفة، وإنها أحبت ما تنتجه أمها من تصاميم متفردة، وكانت راغبة في دراسة ذات المجال الذي أبدعت فيه الأم. لكنها التحقت بكلية الفنون، ودرست فيها، ثم جعلها شغفها بعالم الموضة تبتكر "ماركة" خاصة بها تتميز بالرسوم على الملابس، لتستغل هوايتها مع إبداعها في الفن التشكيلي، ولاحقاً باتت ترسم على الحقائب النسائية أيضاً إلى جانب الرسم على الملابس.
تختار هماني الألوان المناسبة لكل نوع قماش، وكل شكل من الملابس، وهي ترسم خصوصاً ملامح المرأة المفعمة بالحيوية والجمال. تقول: "طالما أنّ ما أنتجه موجه بالأساس إلى المرأة، قررت أن أرسم ما تجود به مخيلتي من أفكار، وفي بعض الأحيان أرسم ما يطلبه مني الزبائن، ودائماً ما أستعمل ألواناً مختلفة، ومواد خاصة لحفظ تلك الألوان حتى تبقى مدّة طويلة على القماش، ولا تُمحى خلال تكرار غسل الملابس".
عقب تخرجها من الجامعة، عملت أروى باختصاصها في الديكور الداخلي لأكثر من ثلاث سنوات، ورغم نجاحها في هذا المجال، لكنه لم يجعلها تتجاهل اهتمامها بالرسم. فكانت ترسم على الأثاث مهما كان نوعه. تضيف: "كل قطعة لها زينتها ورونقها الخاص، وتتباين الألوان الخاصة بطبيعة الخشب، وطبيعة الأثاث. في فترة لاحقة، بدأت الرسم على الحقائب النسائية، مهما كانت المادة التي صنعت منها، سواء كانت من قماش أو جلد، وأصبحت أروّج ما أنتجه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً بعد أن خلقت ماركة خاصة بي لا يوجد مثلها في السوق التونسية".
تتابع: "أستعمل ألواناً خاصة تحفظ تلك الرسومات لمدد طويلة، وعادة ما ألجأ إلى الألوان الزاهية التي تتراوح بين الباردة والحارة، كما تُسمى في عالم الفن التشكيلي، وأرسم صوراً من الأفلام الكارتونية، أو بورتريهات نسائية، كما أرسم لوحات كاريكاتورية على الملابس، إضافة إلى الأشياء التي تميز تونس، ومن بينها أبوابها العتيقة، أو الحُلي المتعارف عليها في التقاليد التونسية النسائية".
وتضم الأسواق التونسية العديد من الملابس التي تظهر عليها رسومات مطبوعة، لكن ما تنتجه أروى هماني مختلف تماماً عن تلك الرسومات المكررة التي تستنسخ على آلاف القطع. فهي تنتج قطعاً فريدة، وعادة تكون الرسومات خاصة بزبون واحد.
عندما بدأت تلك المهنة، كانت ترسم على الملابس التي تنتجها والدتها، فتختار بعض الموديلات لتضفي عليها بلمساتها الفنية ذوقاً متميزاً، وبعض الرسومات تكون على خلفية الفستان، أو على أحد جانبيه، كما جربت الرسم على قطعة الملابس كاملة، وكل ذلك حسب طلب بعض النساء، ووفق أذواقهن.
لا تتكرر رسوماتها عادة في أكثر من قطعة، وقد تستغرق ما بين يومين إلى أسبوع كامل لإنهاء رسم فستان واحد، ويعتمد ذلك على طبيعة الرسم، وألوانه، وما يتطلبه من تفاصيل.
لا تعمل أروى هماني في ورشة خاصة بها، وإنما تعمل في بيتها، حيث خلقت ركناً خاصاً بعالمها التشكيلي، وأدواتها لا تختلف عن الرسامين العاديين كثيراً، فهي تستعمل الريشة والألوان. لكن المختلف هو تركيزها على استعمال مواد تحفظ تلك الألوان حتى لا تمحى من الملابس أو الحقائب. ما جعل ما تنتجه يشهد إقبالاً كبيراً من النساء الباحثات عن قطع فريدة فيها لمسات فنية.
وتفضل العديد من السيدات أن ينفردن بزي معين يجدنه لدى أروى، ويكون مختلفاً عن أي تصاميم تباع في المحال والأسواق، ما يجعلها تتلقى طلبات على مدار السنة.
وكما اختصت الفنانة التشكيلية التونسية بإنتاج تصميمات خاصة بها، تنفرد أيضاً بإنتاج تصاميم لكل فصل، وكل مناسبة، إذ تختلف التصاميم والرسوم على الملابس الشتوية عن تلك الصيفية، كما تختلف الرسومات بحسب المناسبات، فالرسوم على الملابس اليومية العادية دائماً أبسط من تلك الخاصة بملابس السهر والحفلات، كما تنتج تصاميم خاصة بمناسبات مثل شهر رمضان لتناسب أجواء شهر الصيام.
تقول أروى: "سافرت إلى أوروبا على حسابي الخاص لترويج إنتاجي، والذي لقي قبولاً كبيراً في الخارج كما حدث في الداخل، كونها تصاميم متفردة، وليست متكررة ولا مقلدة، وحصلت على شهادة حرفي مبدع للمشاركة في المعارض التونسية لترويج الإنتاج المحلي في العديد من الجهات والبلدان".