كشفت دراسة حديثة، أجراها علماء من جامعة هارفرد للصحة العامة، أن مرض التصلب العصبي المتعدد، المعروف باسم (MS)، قد يكون سببه فيروس Epstein-Barr، مشيرة إلى إمكانية إنتاج لقاح يمكن أن يقضي على المرض، على اعتبار أن سببه فيروسي.
وتعرّف منظمة الصحة العالمية مرض التصلب العصبي بأنه حالة التهاب ناتجة عن زوال مادة "الميالين" في الجهاز العصبي المركزي الذي يتكون من الدماغ والحبل الشوكي، والميالين مادة دهنية تقوم بحماية الأعصاب، وفي حالة التصلّب المُتعدد، يؤثر فقدانه على الطريقة التي تستخدمها الأعصاب لتوصيل النبضات الكهربائية من الدماغ وإليه.
وتشمل أعراض المرض عدم وضوح الرؤية وضعفاً في الأطراف والشعور بالتنميل وعدم الثبات ومشاكل في الذاكرة والإرهاق، ويتعايش ما يقارب 2.8 مليون شخص حول العالم مع التصلّب المتعدد، ويزيد التعرض للإصابة به بين النساء بمقدار مرتين إلى ثلاث مرات عن الرجال.
وتشير الدراسة التي نشرت في مجلة The Science الأميركية، وقادها عالم الأوبئة ألبرتو أشريو، إلى أن غالبية حالات التصلب المتعدد ناجمة عن فيروس Epstein-Barr "إبشتاين بار" الذي لطالما اشتبه العلماء فيه، ووجدت أن غالبية الإصابات بالمرض تسبقها الإصابة بالفيروس، وأن خطر الإصابة بالتصلب المتعدد زاد بمقدار 32 مرة بعد الإصابة بالفيروس.
وقال أشريو: "كانت هناك فرضيات تشير إلى أن فيروس إبشتاين يسبب التصلب المتعدد، لكن هذه تعد الدراسة الأولى التي تقدم دليلاً مقنعاً على العلاقة السببية بين الفيروس والمرض من خلال رصد الأرقام والحالات لمدة عقود".
ما هو فيروس إبشتاين بار؟
يعرف فيروس EBV بكونه أحد أكثر الفيروسات البشرية شيوعاً، وهو ينشأ في المقام الأول عن طريق اللعاب، ويمكن أن يسبب ارتفاع عدد كريات الدم البيضاء المعدية، ويسبب داء "الوحيدات"، كما يصيب معظم الناس من خلال التقبيل، أو استخدام الأكواب نفسها بين شخص وآخر، وفي كثير من الحالات، لا تظهر عليهم أية أعراض.
وفي بعض الحالات، يتسبب الفيروس عند وصوله إلى الخلايا المناعية مشاكل، بما في ذلك أنواع من مرض السرطان.
وحللت الدراسة بيانات 10 ملايين شخص في القوات المسلحة الأميركية على مدار عقدين من الزمن، ومن بينهم أصيب 801 بالتصلب المتعدد، وسبق أن أصيب 32 من أصل 33 شخصاً منهم بفيروس إبشتاين بار، ما يعني أن الفيروس كان جزءاً من الأسباب التي أدت إلى هذه النتيجة، خاصة أن المرضى كانوا يعانون من داء الوحيدات، وهو النموذج المتطور من فيروس إبشتاين، وهو أمر نادر لكنه يحصل.
وكشفت النتائج أن عدداً قليلاً من المصابين بالفيروس قد أصيب بالتصلب المتعدد، وبالتالي، لا يمكن أن يكون الفيروس السبب الوحيد للمرض، إلا أن ذلك لا ينفي وجود علاقة بين الفيروس والمرض، وقد حددت الدراسة عوامل خطر أخرى تؤدي إلى المرض، بما في ذلك المستويات المنخفضة من فيتامين (د)، والتدخين، إضافة إلى العوامل الوراثية.
وقال خبير التصلب المتعدد في جامعة شيكاغو أنطوني جيه ريدير، الذي لم يشارك في الدراسة، إن هناك أكثر من 900 جين غير طبيعي توجد لدى مرضى التصلب المتعدد، ما يعني أن الفيروس قد لا يكون السبب الوحيد.
وحذر ريدير من أنه "قد يكون من الصعب استخلاص السبب والنتيجة من دراسة وبائية، إذ يعاني الأشخاص المصابون بالتصلب المتعدد من فرط نشاط الجهاز المناعي، ما يجعلهم يطورون مستويات عالية من الأجسام المضادة للعدوى الفيروسية، وقد ينشأ التصلب المتعدد ليس بسبب الفيروس، ولكن بسبب طريقة استجابة الجسم له، والعديد من المرضى يؤكدون أنهم لا يصابون بفيروس الإنفلونزا على الإطلاق بسبب مناعتهم".
واتفق الباحث في التصلب المتعدد في جامعة كاليفورنيا- سان فرانسيسكو بروس كري مع رأي أنطوني جيه ريدير، ووجد أنه "من الصعب علاج التصلب المتعدد من خلال ملاحقة إبشتاين بار، لأنه قد يكون من الصعب العثور على الفيروس الفعلي لدى المرضى".