يحظى عيد الفطر في الجزائر باهتمام كبير، إذ تتجلى فيه مظاهر الفرح والابتهاج بتحضير الحلويات التقليدية والعصرية على حدّ سواء، إذ تتنافس النساء في تزيين مائدة أيام العيد بكل ما لذّ وطاب من الحلويات.
وتتصدر "البقلاوة" قائمة الحلويات التقليدية التي تتربع على عرش الحلويات في عيد الفطر، إذ يعتقد الكثيرون أنها تحتفظ بمرتبها العالية في مصاف الحلويات التي تتفنن النسوة في طهيها بالمناسبة الدينية.
ويستقبل سكان منطقة قسنطينة، شرق الجزائر، العيد بحلويات "البقلاوة" كما قالت نديرة دحماني، التي تعدّ أهمّ الحلويات للاحتفال بالعيد وأشهرها، وبخصوص التحضير قالت دحماني لـ" العربي الجديد" أنه يتم تحضيرها عن طريق تحضير العجينة المتكوِّنة من السميد وقليل من الزبدة وملعقة صغيرة من الملح ومزيج من الماء وماء الزّهر (ورود يتمّ تقطيرها تقليديا)، وبعد ذلك يتم وضع طبقات من العجينة في إناء من الألمنيوم طبقة فوق طبقة وغالباً ما يكون عددها ما بين 7 إلى 12 طبقة، كما يوضع خليط لحشو الطبقات مكوّن من اللّوز والجوز وقليل من السكر والزبدة والعسل وماء الزهر وتقوم بطهيه في الفرن.
وأضافت دحماني أنه بعد الطهي، الذي يستغرق ساعة زمن كاملة، يتمّ سكب العسل الساخن على المنتوج حتى يبرد ويكون جاهزاً للقسمة على شكل مكعبات متناسقة.
ويتردّد في منطقة قسنطينة أن "البقلاوة" هي حلويات عثمانية عرفتها الجزائر قبل خمسة قرون، إذ أفاد الباحث في التاريخ فوزي سعد الله بأن حلوى "البقلاوة" تعتبر "إحدى بقايا الإرث العثماني في البلاد، حيث كل الشهادات والروايات تؤكد بإجماعٍ لا يُشق أنها جاءتنا وجاءت إلى كل الجزائر مع العثمانيين، الذين حلّوا بالبلاد في بداية القرن 16 ميلادي".
وغير بعيد عن عائلة الحلويات التقليدية، تظلّ "الصّامصة" أيضاً في قلوب الجزائريين بفضل لذتها، ويتم تحضيرها بخلط اللوز والسكر الأبيض وماء الزهر وقشور البرتقال في وعاء عميق، ويتم خلط كل المكونات مع بعضها البعض حتى تتماسك العجينة، التي تؤخذ كمية منها لتوضع في أوراق ثم تطوى وتُشكل مثلثات، وتقلى في الزيت وحين تبرد يتم نقعها في خلطة اللوز أو الجلجلان لتقدم جاهزة ولذيذة.
بسهولة وخفّة في التصنيع تمكّنت حلوى "الطّابع" من المحافظة على مكانتها بين مختلف الحلويات التقليدية الجزائرية، إذ تتصدر هي الأخرى المراتب الأولى في محتويات قائمة حلويات العيد في الجزائر، كما يتمّ تحضيرها بخلط كلّ من الدقيق والزبدة والبيض والنشاء والسكر وقليل من نكهات الحلويات، وبعد خلطها جميعا تتشكل العجينة قطعة قطعة بأشكال مختلفة حسب القالب الذي تختاره المرأة، نحو قالب الوردة وقالت الهلال والدائري وغيرها من الأشكال التي باتت تلهم الصغار قبل الكبار، ثم يتم طهيها في الفرن.
لا تكتفي حلوى "الطابع" بذلك فهي عزيزة على ربات البيوت إذ يتم إلصاقها كل حبتين بالمعجون وقليل من الفول السوداني المرحي.
وعلى خلاف الأيام العادية، تتبادل العائلات الحلويات فيما بينها، خصوصاً بين الجيران وحتى تقديمها كهدايا للعائلات المعوزة، إذ كشفت فريدة بودهان العضوة في جمعية "ناس الخير" بولاية عين تيموشنت أن العشرات من العائلات فضلت أن تكون هداياها للفقراء كميات من الحلويات يتم توزيعها عليهم.
وقالت السيدة بودهان لـ"العربي الجديد" إن حملة جمع تبرعات الجمعية من الحلويات بلغت كميات معتبرة، إذ يتم إعدادها في علب خاصة، فضلاً عن توزيعها على دور العجزة والمستشفيات.
من عادات الجزائريين خلال العيد طهي "المقروط" أو "المقرود"، وهو من الحلويات التقليدية التي تصنف في المرتبة الثانية بعد "البقلاوة"، وتختص مناطق وسط الجزائر بمقروط اللوز ويتم حشوه باللوز ويُقلى في المقلاة بينما في الشرق الجزائري يشتهر بحشوه بالتمر ويطهى في الفرن.
ما زالت العائلات الجزائرية تتمسك بالحلويات التقليدية التي تزين مائدة أيام عيد الفطر، إذ تتصل بعراقة المجتمع الجزائري، بينما طرأت على الحلويات تعديلات على بعض الحلويات فيما أدخل البعض من التحسين على بعض الحلويات منها "التشارك" و"المشوّك" و"سليلات الفواكه" و"العرايش" وغيرها من الحلويات التي باتت تنافس الحلويات التقليدية من حيث الشكل واللون والذوق.
اللافت أن الحلويات التقليدية بقيت صامدة أمام أنواع لا تعدّ ولا تحصى من الحلويات العصرية، كما قالت كريمة حدو (52) من مدينة الشلف غربي العاصمة الجزائرية، خاصة أن التقليدية تكلفتها أقلّ بكثير مقارنة مع العصرية.
وأضافت حدّو لـ"الترا جزائر" أن الظروف الاقتصادية دفعت بالكثيرين إلى التوجّه مجدداً نحو تحضير الحلويات التقليدية في البيوت على حساب عشرات صنوف الحلويات الجديدة، خاصة الإعلانات التي تعرضها عشرات المحلات المتخصصة في صناعة الحلويات التقليدية والعصرية.
تختلف تسميات الحلويات في الجزائر من منطقة لأخرى، لكنها تظل مظهراً من مظاهر الفرح وجزءاً لا يتجزأ من الطبخ الجزائري وتدخل السرور على العائلات، كما أنها ميزة من ميزات التواصل في احتفالات الجزائريين أيام العيد.