أثارت أرقام حديثة بشأن آفاق توظيف خريجي الجامعات ذات التصنيف المتدني في المملكة المتحدة مخاوف كبيرة في قطاع التعليم، فوفقاً للموقع الحكومي "ديسكوفر يوني"، يتمكن نحو 20 في المائة فقط من خرّيجي هذه الجامعات من الحصول على وظيفة بدوام كامل بعد 15 شهراً من تخرجهم، ما يعني صعوبة انتقال الغالبية إلى سوق العمل.
ويرى كثيرون أن الأجور المرتفعة التي يحصل عليها بعض المستشارين في الجامعات جزء من المشكلة، ما يجعل من الصعب التغاضي عن التفاوت بين رواتب مسؤوليها وعدم وجود فرص واعدة للخريجين، ويثير تساؤلات حول أولويات هذه المؤسسات الأكاديمية، وما إذا كانت تركز على توفير تعليم جيد يجهز الطلاب لسوق العمل.
يقول مدير الأبحاث في مؤسسة "Policy Exchange" إيان مانسفيلد إن "الجامعات تتلقى تمويلاً حكومياً كبيراً يصل إلى أكثر من 10 مليارات جنيه إسترليني سنوياً، وفي ضوء ذلك، ينبغي التشكيك في الأساس المنطقي وراء إجبار دافعي الضرائب على تمويل تعليم متدن للطلاب، رغم وضعهم تحت عبء الديون مدى الحياة نظراً لكلفة الحصول على الشهادات التي تصل إلى 28 ألف جنيه إسترليني".
وسلط استطلاع حديث أجرته صحيفة "ذا ديلي ميل" الضوء على آفاق التوظيف المقلقة للخريجين، إذ أظهرت النتائج أن نسب الحصول على وظائف عليا بعد التخرج منخفضة، وهو ما يدفع إلى مزيد من التدقيق في أهمية درجات علمية معينة وقيمتها.
وبرزت درجة البكالوريوس في الكتابة الإبداعية من جامعة بولتون كواحدة من أسوأ الشهادات، إذ تم توظيف 40 في المائة فقط من خريجيها بعد مرور 15 شهراً. بالمثل احتلت جامعة ديربي مرتبة متدنية، إذ عثر ما يزيد قليلاً على ربع الحاصلين على درجة البكالوريوس (مع مرتبة الشرف) في تحليل الأداء وعلوم التدريب على وظائف تتطلّب مهارات عالية في غضون 15 شهراً بعد التخرج.
واللافت أنّ شهادات الجامعات ذات التصنيف الأعلى كانت دون المستوى أيضاً، بما في ذلك جامعة إيست أنجليا (UEA)، التي تحتل المرتبة 23 في التصنيف العالمي، إذ حصل 27.5 في المائة فقط من خريجيها في تخصصات علم الاجتماع والسياسة الاجتماعية والأنثروبولوجيا على عمل في غضون 15 شهراً بعد حصولهم على البكالوريوس.
وفي تناقض صارخ، تفوقت جامعة نوتنغهام، العضو المرموق في مجموعة راسل التي تمثل جامعات النخبة البريطانية، إذ تميّزت درجة خرّيجيها في الاقتصاد بمعدل رضا بلغ 73 في المائة، ووجد ما يزيد عن 57.6 في المائة منهم وظائف متميزة في غضون 15 شهراً بعد التخرّج.
تواصلت مراسلة "العربي الجديد" مع خريجي جامعات للتعرّف عن كثب إلى كيفية حصولهم على وظائف تتناسب مع تخصّصهم والوقت الذي احتاجوه لذلك، فقال ستيف (26 سنة)، إنّه نادم على ضياع سنوات من عمره وإهداره مبالغ كبيرة على دراسة تخصص إدارة الأعمال، إذ يعمل حالياً كبائع في متجر سيارات، وهي وظيفة لا تحتاج إلى هذه الشهادة. ويكمل الشاب البريطاني: "يضيع كثير من الطلاب وقتهم وأموالهم في الحصول على شهادات جامعية، بينما سيكون نظام التعليم أفضل لو حافظت البلاد على معاهد الفنون التطبيقية، والتي تمكن بعض الطلاب من دراسة تخصص فني إن لم يكونوا مناسبين للالتحاق بالتخصصات الأكاديمية في الجامعات".
بدورها، تقول آني (22 سنة)، إنّها حازت قبل عام على شهادة في اللغة الإنكليزية من جامعة مرموقة، لكنّها لا تزال تبحث عن وظيفة تناسب شهادتها، وتتابع: "أعمل حالياً موظفة استقبال في إحدى الشركات بانتظار العثور على عمل أفضل".
تخرج فريزر (26 سنة)، في تخصص علوم الكومبيوتر، ويقول إنه قرر الحصول على دورات تدريبية إضافية تمكنه من الحصول على وظيفة جيدة بعدما فشل في ذلك باستخدام شهادته الجامعية، ويضيف: "قيمة الشهادات باتت متدنية، على سبيل المثال، غالبية الخريجين من جامعة ديربي في تحليل الأداء وعلوم التدريب لم يصلوا إلى مستوى مهني مرموق، لكن خريجي الهندسة من الجامعة ذاتها يحصلون على وظائف مرموقة بمرتبات جيدة. درجتك وتخصصك هما ما يهم عند التوظيف، وليس اسم جامعتك".