آسيا الوسطى وجهة مفضلة لـ"البدو الرقميين"

08 يناير 2025
تطور تكنولوجي في روسيا، 1 ديسمبر 2024 (ألكساندر سايغانوف/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تسعى جمهوريات آسيا الوسطى، مثل كازاخستان وقرغيزستان، لجذب "البدو الرقميين" عبر تشريعات جديدة وتسهيلات خاصة، مستفيدة من تجربة استضافة الروس الهاربين من التجنيد.
- تواجه هذه الجمهوريات تحديات مقارنة بالدول الأوروبية والخليجية وروسيا بسبب تدني جودة الحياة والخدمات، حيث تعاني كازاخستان من قومية متشددة وتضييق على الناطقين بالروسية، بينما تواجه قرغيزستان عدم استقرار أمني.
- أطلقت كازاخستان تأشيرة Neo Nomad للبدو الرقميين، مشترطة دخلاً شهرياً وتأمين صحي، بينما عدلت قرغيزستان قوانين الهجرة، مما يعكس التنافس لجذب هذه الفئة.

مع توسّع ظاهرة العمل عن بعد من دون الذهاب اليومي إلى المكاتب، ولا سيما في مجال البرمجة وتكنولوجيا المعلومات، تبحث الجمهوريات السوفييتية السابقة في آسيا الوسطى عن حصتها ممن باتوا يُعرفون بـ "البدو الرقميين"، والذين تستفيد الدول المستضيفة لهم من إنفاقهم من دون أن يشكلوا عبئاً على سوق العمل ومنظومة الرعاية الاجتماعية.

ولعلّ هذا ما دفع بجمهوريتي كازاخستان وقرغيزستان في نهاية العام الماضي، إلى تبني تشريعات من شأنها تنظيم وضع "البدو الرقميين" بهدف جذب خبراء من أصحاب الكفاءة في مجال تكنولوجيا المعلومات مع تقديم عدد من التسهيلات للوافدين بعد تجربة استضافة عشرات الآلاف من الذكور الروس الهاربين من التجنيد، في أعقاب بدء الحرب الروسية في أوكرانيا عام 2022. إلا أن رئيس النادي الأوراسي للتحليل في موسكو، نيكيتا ميندكوفيتش، يشكك في قدرة جمهوريات آسيا الوسطى على منافسة الوجهات الأخرى للعاملين عن بعد نظراً إلى تدني مستوى جودة الحياة والخدمات فيها مقارنة بالدول الأوروبية والخليجية وروسيا نفسها.

ويقول ميندكوفيتش في حديث لـ"العربي الجديد": "يرمي إصدار تأشيرات خاصة للعاملين بالنظام عن بعد إلى جذب الخبراء في مجال تكنولوجيا المعلومات، الذي يعد من القطاعات الرائدة في القرن الـ21، وإن بات الذكاء الاصطناعي ينال حصته فيه شيئا فشيئاً مع إمكانية إسناد تصميم بعض المهام البدائية على الشبكات العصبية". ويقلل من جاذبية بلدان آسيا الوسطى لـ"البدو الرقميين" الروس، مضيفاً: "تشهد كازاخستان موجة تنامي الأمزجة القومية المتشددة والتضييق على الناطقين باللغة الروسية. يضاف إلى ذلك البرد الشديد شتاء مع تردي حالة المرافق. أما قرغيزستان، فتعيش حالة من عدم الاستقرار وتردي الأوضاع الأمنية".

ويخلص إلى أن هذه العوامل مجتمعة مع أسعار معيشية مرتفعة نسبياً لا تقل كثيراً عنها في المدن الروسية الكبرى، وتجعل روسيا نفسها أو دولاً أخرى مثل صربيا وجهة أفضل لـ "البدو الرقميين". وكانت كازاخستان قد قررت في بداية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، استحداث نوع جديد من التأشيرة من فئة Neo Nomad التي تمنح البدو الرقميين ممن يجمعون بين العمل عن بعد والسفر حول العالم.

ويوضح المكتب الإعلامي لوزارة السياحة الكازاخية أن المتقدم لمثل هذه التأشيرة يشترط فيه ألا يقل دخله خارج كازاخستان عن 3 آلاف دولار شهرياً، وأن يحمل وثيقة تأمين صحي وشهادة عدم المحكومية. وتوضح الوزارة أن التأشيرة الجديدة جرى اعتمادها مع الاسترشاد بتجارب نحو 50 بلداً استحدثت مثل هذه البرامج في أعقاب جائحة كورونا، على أن يُسمح لحملة التأشيرة بالإقامة في كازاخستان لمدة تصل إلى عام واحد مع الحفاظ على وظائفهم بالشركات الأجنبية.

وتشير تقديرات وزارة السياحة الكازاخية إلى أن استحداث هذا النوع من التأشيرة سيدرّ على كازاخستان أكثر من 7 ملايين دولار سنوياً في حال منحت لما يقل عن 500 من العاملين المتنقلين سينفقون أموالهم داخل الجمهورية من دون تشكيل عبء إضافي على سوق العمل المحلية.
وبعد بدء الحرب الروسية في أوكرانيا وإعلان التعبئة الجزئية في عام 2022، تحولت كازاخستان إلى واحدة من الوجهات الرائدة لمئات الآلاف من المغتربين الروس. وبحسب تقديرات القنصلية العامة الروسية في العاصمة السابقة ألما آتا، فإن نحو 80 ألف مواطن روسي ظلوا موجودين في كازاخستان بحلول نهاية عام 2023.

وحالياً، يمكن لحملة أوراق الهوية الروسية الإقامة في كازاخستان لمدة 90 من أصل كل 180 يوماً من دون تأشيرة، بعد تعطيل نظام Visa run الذي كان يتيح تصفير عداد أيام الإقامة عبر مغادرة البلاد لفترة قصيرة، ولو ليوم واحد، فالعودة، وذلك منذ نهاية يناير/ كانون الثاني 2023. ومنذ ذلك الحين، ألزمت كازاخستان المواطنين الروس الراغبين في قضاء مدة تزيد عن 90 يوماً على أراضيها باستخراج سمات الإقامة.

المرأة
التحديثات الحية

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وقع الرئيس القرغيزي، صادر جاباروف، هو الآخر على قانون تعديل تشريعات الهجرة بما يعفي البدو الرقميين من تسجيل أنفسهم في محل الإقامة واستخراج تصريح العمل مع السماح لهم بفتح حسابات مصرفية من دون حمل سمات الإقامة.

من جهتها، أشادت وزارة الاقتصاد والتجارة القرغيزية بنتائج المشروع التجريبي الذي أطلق خلال الفترة من أغسطس/ آب 2022 إلى ديسمبر/ كانون الأول 2023، وشمل استضافة مواطني ست جمهوريات سوفييتية سابقة، وهي أذربيجان وأرمينيا وبيلاروسيا وكازاخستان ومولدوفا وروسيا.
من جهة أخرى، قررت أذربيجان تقليص فترة إقامة الروس من غير حملة التأشيرة إلى 90 يوماً سنوياً اعتباراً من 1 يناير/كانون الثاني الجاري، وذلك رداً على أعمال مماثلة من قبل موسكو التي قلصت فترة إقامة الأجانب إلى 90 يوماً سنوياً بدلاً من المدة ذاتها كل نصف عام.

وتشير بيانات موقع Nomads.com إلى أن روسيا تأتي في المرتبة الثالثة عالمياً بين الولايات المتحدة وبريطانيا من حيث عدد البدو الرقميين المقيمين في الخارج بواقع نحو 4.3 ملايين شخص، وهو المعدل نفسه لكندا، متفوقة على ألمانيا وفرنسا اللتين حلتا في المرتبتين الخامسة والسادسة على التوالي.

المساهمون