أطلقت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" في الأردن، برنامجاً جديداً للحدّ من أسوأ أشكال عمالة الأطفال، في محافظتي عمّان والزرقاء، لمساعدة مئات الأطفال في الخروج من بيئات العمل الخطرة والعودة إلى التعليم والتدريب، وتزويد أسرهم بحزم الدعم لتخفيف العبء على الأطفال الذين يتوجّهون للعمل.
ووفق بيان صادر عن المنظمة، اليوم الاثنين، سيجمع البرنامج الذي تنفّذه المنظمة مع جمعيات محلية، بين كلّ من وزارة العمل والبلديات والمنظمات المحلية والقطاع الخاص، للتخلّص من عمالة الأطفال المؤذية وتوعية المجتمع حول آثارها السلبية على الأطفال ومستقبلهم.
ويقدّر المجلس الأعلى للسكّان في الأردن، عدد الأطفال العاملين بحوالي 76 ألف طفل، يشكّلون ما نسبته 1.89 في المائة من مجمل الأطفال في الفئة العمرية (5-18 سنة)، وذلك بحسب المسح الوطني لعمل الأطفال 2016، منهم حوالي 45 ألف طفل يعملون في أعمال خطرة.
وتقول ممثّلة "يونيسف" في الأردن، تانيا تشابيوسات، إنّ "عمالة الأطفال تسلبهم طفولتهم، فهي تحرمهم من حقوقهم وتعرّضهم للعنف والضرر النفسي والجسدي، وتحبسهم في حلقات فقر تمتد عبر الأجيال. سيساعد هذا البرنامج الجديد الأطفال، على الهروب من كابوس عمالة الأطفال، وسيقدّم الدعم الذي تحتاجه أسرهم التي عانت من صدمات اقتصادية كبيرة إثر جائحة كورونا".
وسيحدّد مختصّون اجتماعيون مؤهّلون، 400 طفل من أكثر الفتيان والفتيات هشاشة، من جميع الجنسيات،من بين من يعملون في أسوأ مواقع العمل، تتراوح أعمارهم بين 6 - 18 عاماً، في عمّان والزرقاء. وسيتلقى كلّ من هؤلاء الأطفال، الدعم النفسي والاجتماعي، إلى جانب مساعدتهم في الوصول إلى فرص التعليم واكتساب المهارات وريادة الأعمال والتدريب.
وسيقدم البرنامج الدعم لأسر الأطفال المهدّدين بخطر عمالة الأطفال، من خلال حزم دعم متخصّصة، إلى جانب توعيتهم حول الآثار السلبية لعمالة الأطفال، ومنحهم فرص سبل العيش والمساعدات النقدية.
ويقول مدير جمعية "رواد الخير"، أحمد البطاطا، وهي الجهة الشريكة للمنظّمة الدولية بتنفيذ البرنامج: "يمثّل الأطفال العاملون في الزرقاء وعمّان مأساة خفية في مجتمعاتنا، فهم يعملون، غالباً في الخفاء، في بيئات خطرة، مثل مرافق إعادة التدوير الصناعية وأسواق الخضار ومكبّات النفايات".
وأضاف أنّ "هذه الشراكة الجديدة مع "يونيسف"، ستبني قدرات العاملين الاجتماعيين في دعم الأطفال الأكثر هشاشة، وستؤسّس تحالفاً محلياً قوياً لإنهاء هذه الممارسة الضارة، برفاه مجتمعاتنا في المستقبل".
وسيركّز البرنامج أيضاً على إجراءات الوقاية، عن طريق تقديم برامج تعليمية وتدريبية تجمع بين التدريب المهني ودورات المهارات الحياتية والريادية، لتحسين فرص العمل للشباب للعمل في هذه المجالات. كما سيجري تنفيذ مشاريع سريعة الأثر، في القرى النائية التي يتعرّض فيها الأطفال للمخاطر بشكل أكبر، من أجل تحسين جودة الخدمات والفرص المقدمة للأسر، لتقليل اعتمادها على آليات التأقلم السلبية، كالزواج المبكّر وعمالة الأطفال.
وكان "مركز بيت العمّال للدراسات" قد أصدر تقريراً حول توقّعات تزايد أعداد الأطفال العاملين في زمن كورونا، قال فيه إنّ "ازدياد أعداد الأطفال العاملين بسبب جائحة كورونا سيكون نتيجة حتمية لانحسار الخيارات المتاحة أمام عدد كبير من الأسر، لتعويض فقدانهم لوظائفهم أو انخفاض الدخل الذي كانوا يعتاشون منه، والذين يتوقع أن يصل عددهم إلى 400 ألف أسرة. إذ ستلجأ الكثير من الأسر إلى استخدام أطفالها في أعمال قد لا يستطيع الكبار ممارستها، إمّا لانخفاض الأجور فيها أو لتفضيل بعض أصحاب العمل تشغيل الأطفال فيها، لسهولة السيطرة عليهم واستغلالهم".
ويمنع المشرّع الأردني تشغيل الحدث الذي لم يكمل السادسة عشرة من عمره، بأي شكل من الأشكال، كما يمنع تشغيله في الأعمال الخطرة أو المرهقة أو المضرّة بالصحة قبل بلوغ الثامنة عشرة من عمره، وهو يعاقب صاحب العمل المخالف بغرامة ما بين 420 و700 دولار.
يُذكر أنّ الحد من أعداد الأطفال المنخرطين في أسوأ أشكال عمالة الأطفال، يسهم في جهود الأردن لتحقيق الهدف الثامن من أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030.