"ممارسات تقييدية" بحق اللاجئين السوريين في لبنان والمفوضية تعبّر عن قلقها

29 يوليو 2022
أزمة خبز حادّة ترجمت في طوابير أمام الأفران (إبراهيم شلهوب/فرانس برس)
+ الخط -

تتّسع الحملات في لبنان على اللاجئين السوريين من بوابة أزمة الخبز، التي يحاول المسؤولون اللبنانيون النأي بأنفسهم عنها وتحميلهم كل أوزارها، وتوجيه أصابع الاتهام إليهم، في خطوة رفعت من منسوب الكراهية والعنصرية، وأجَّجَت الشارع، بحيث بات أي لاجئ سوري يحمل رغيفاً في يده معرضٌ للاعتداء.

وعبّرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان عن قلقها الشديد إزاء الممارسات التقييدية والتدابير التمييزية ضدّ اللاجئين في لبنان والتي يجرى تفعيلها على أساس الجنسية.

وقالت، في بيان اليوم الجمعة، إن "لبنان يشهد حالياً زيادة في التوتر بين الفئات المختلفة، وبالأخصّ في العنف ضدّ اللاجئين، ما يؤدي إلى تصاعد أعمال العنف على الأرض في عددٍ من المناطق والأحياء".

وأشارت إلى أن "للأزمة الاقتصادية في لبنان وقعٌ مدمّرٌ على الجميع، وخاصة على من هم الأكثر ضعفاً من بينهم"، لافتةً إلى أن "استمرار دعم المجتمع الدولي للبنان أمر بالغ الأهمية لضمان وصول الأمن الغذائي والاحتياجات الأساسيّة الأخرى".

ويشهد لبنان أزمة خبز حادّة ترجمت في طوابير أمام الأفران وتضارب بين المواطنين للحصول على ربطة واحدة، بينما يربط خبراء اقتصاديون الأزمة بالاحتكار وتهريب الطحين المدعوم إلى الخارج واستخدامه في الحلويات العربية وأنواع الخبز الأجنبية غير المدعومة لزيادة أرباحهم، ويتحدثون أيضاً عن ارتفاع الطلب على الخبز العربي الأبيض في ظل أعداد السياح الذين يتوافدون إلى لبنان بالآلاف يومياً، ومعظمهم ممن يستهلكون هذه المادة.

ودعت المفوضية السلطات اللبنانية إلى "ضمان سيادة القانون والوقف الفوري للعنف والتمييز ضدّ المستهدفين المقيمين داخل الأراضي اللبنانيّة"، مشددة على أنه "من الضروري أن يستمرّ كل من روح التضامن والاحترام المتبادل اللذين لطالما تميّز بهما المجتمع بكافة فئاته في لبنان".

قرارت ترفع منسوب الكراهية

وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، في تصريح له عقب إقرار البرلمان اتفاقية القرض المقدم من البنك الدولي ضمن مشروع الاستجابة الطارئة لتأمين إمدادات القمح، إن "معظم ربطات الخبز التي يجرى إنتاجها تذهب لغير اللبنانيين والجميع يعلم ذلك".

واتخذ عددٌ من البلديات والمحافظات والأفران قرارات عدة، سواء لبيع ربطات الخبز للبنانيين قبل السوريين، أو إجبار السوريين وغير اللبنانيين على الوقوف بالصفّ لشراء الخبز، بينما فتحت ممرات خاصة للبنانيين لإعطائهم الأولوية.

ولاقت هذه القرارات ترحيباً من مواطنين أشادوا باتخاذها، ما رفع من منسوب الكراهية في وجه اللاجئين، في حين اعترض العديد من اللبنانيين على تدابير من شأنها أن تهدد سلامة السوريين وتضع حياتهم في خطر، معتبرين أن الدولة ترمي كرة الأزمة في ملعب اللاجئين، بينما تعجز عن إيجاد الحلول ولجم السوق السوداء التي تطغى على جميع الأسواق وليس فقط على الخبز.

كما شددوا على أن الدولة غير قادرة على ضبط التهريب الذي يحصل على مرآها من دون أن تتدخل، والذي يعدّ من أبرز أسباب حرمان اللبنانيين من الخبز وجميع المواد التي كانت مدعومة على سعر الصرف الرسمي (1507 ليرات، سعر السوق السوداء نحو 30 ألف ليرة) مثل الدواء، والمحروقات، ومختلف السلع الغذائية.

وتقول الخبيرة الاقتصادية محاسن مرسل إن المحاولات دائماً تصبّ في إطار رمي كل المشاكل على ظهر اللاجئ السوري الذي رغم كلفة وجوده على الاقتصاد الوطني، إلا أن جذور الأزمة تعود على السلطات التي رفضت التعاطي بقانونية مع وجود اللاجئين السوريين منذ عام 2011 (تاريخ اندلاع الثورة السورية)، إذ استفادت من وجودهم للحصول على المساعدات والمنح والقروض الدولية واستخدمتها في الملفات والاستحقاقات السياسية وكورقة في المؤتمرات الدولية المانحة.

وتشدد مرسل على أن "الاحتكار اليوم هو السبب الأساسي المسؤول عن أزمة الخبز وعن تبديد أموال الدعم التي أنفقها مصرف لبنان، وتقدّر بـ10 مليارات دولار، إذ هُرِّبت وخُزِّنت من قبل التجار وبيعت على أسعار غير مدعومة، واليوم كما حصل بملف المحروقات، يحصل على صعيد الطحين المدعوم والخبز"، داعيةً إلى "عدم التجييش ضد اللاجئ السوري أو أي مواطن من جنسية أخرى، فالحق يقع على الدولة اللبنانية".

وتتزامن هذه المستجدات مع تعلية السلطات اللبنانية السقف بوجه اللاجئين السوريين وطرحها خطة لترحيلهم وتلويحها بطردهم، متذرعة بالوسائل القانونية التي تصبّ في صالحها في حال لم يتعاون المجتمع الدولي مع لبنان لإعادتهم إلى بلادهم.