"الشبكة العربية" تطلق ملفاً وثائقياً عن أوسع حراك اجتماعي منذ الانقلاب في مصر

24 سبتمبر 2020
ماذا تغير على مدار عام كامل من التظاهرات (Getty)
+ الخط -
أطلقت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان (منظمة مجتمع مدني مصرية) ملفا وثائقيا تناولت فيه بالبحث ما تغير على مدار عام كامل من أحداث تظاهرات العشرين من سبتمبر/أيلول من العام الماضي وحتى العام الجاري.
وفي مقدمة الملف، أشارت الشبكة إلى ما أسفرت عنه تظاهرات 20 سبتمبر/أيلول 2019 من قبض عشوائي على أعداد هائلة من المواطنين من جميع الفئات والأعمار، في حراك اجتماعي واسع "لم تشهده الدولة المصرية منذ ما يقرب من 6 سنوات وتحديدا بعد أحداث 30 يونيو/حزيران 2013، ما أثار حالة من الهلع والهستيريا داخل مؤسسات الدولة المصرية".
وحاولت الورقة الإجابة على أسئلة حول الأسباب التي أدت إلى حراك سبتمبر/أيلول 2019 وما آل إليه هذا الحراك بعد مرور عام.
وحسب الشبكة العربية، لم تختلف طبيعة الاحتجاجات التي حدثت في 20 سبتمبر/أيلول 2019، عن احتجاجات ما قبلها كثيرا؛ حيث إن مطالبها كانت تتمثل أيضا في المطالبة بالحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، خاصة أن حال الدولة المصرية لم يعد مختلفا عما كان قبل ثورة 25 يناير، بل على العكس أصبحت الحياة أسوأ كثيرا، فقد زاد معدل البطالة أكثر مما كان. كما أطلقت الدولة المصرية قبضتها الأمنية على كل أشكال الحياة في مصر، ولم يعد هناك أي متنفس لرأي أو تعبير، ولم يعد هناك أي مساحة تعبير غير لممثلي النظام في الإعلام وفي الجامعات، حتى الأحزاب السياسية، بالإضافة إلى برلمان قيّد حياة المصريين السياسية والاجتماعية والاقتصادية بقوانين قمعية تزيد من معاناتهم وفقرهم وتحجيم حريتهم.
ومع بداية شهر سبتمبر/ أيلول 2019 ظهر على مواقع التواصل الاجتماعي الممثل والمقاول المصري المقيم بإسبانيا، محمد علي، بمجموعة فيديوهات يتحدث فيها عن تعاونه مع الجيش المصري خلال ما يقرب من 15 عاما من خلال شركة المقاولات التي يمتلكها هو وعائلته بموجب عقود عمل، عن طريق تلك العقود قامت شركته ببناء عدة قصور رئاسية، واتهمه بإهدار المال العام وطاولت اتهاماته العديد من كبار المسؤولين.
ولاقت الفيديوهات انتشارًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، وتفاعل معها ملايين المتابعين على تلك المنصات.
كما ظهر مرة أخرى على مواقع التواصل الاجتماعي الناشط وائل غنيم، المقيم في الولايات المتحدة الأميركية في عدة فيديوهات أيضا يتحدث فيها عن إدارة محمود السيسي للحياة السياسية في مصر، وعن تلقيه عدة عروض من السفارة المصرية بواشنطن بتوقفه عن الحديث عن تلك الأمور مقابل الأمان وضمان عودته لمصر مرة أخرى، جاء ذلك قبل القبض على الطبيب حازم غنيم شقيق الناشط وائل غنيم في مصر في 19 سبتمبر/أيلول 2019، واتهامه بالانضمام لجماعة إرهابية.
جاء كل ذلك بالتزامن مع دعوات المقاول والممثل المصري محمد علي للمصريين بالنزول والتظاهر يوم 20 سبتمبر/أيلول 2019 ضد السيسي ونظامه الحاكم.
بعدها بدأت شوارع المدن الكبرى ولا سيما القاهرة تشهد حالات استيقاف واسعة للشباب من الجنسين وتفتيشهم وتفتيش هواتفهم المحمولة، والقبض على الكثير منهم ممن قد يكون له صلة بثورة يناير أو معارض، من خلال الموجود على هاتفه وشبكاته الاجتماعية.
واستغل العديد من المواطنين مشاهدة مباراة الأهلي والزمالك وعقب انتهائها انطلقت عدة تظاهرات في عدة مدن ومحافظات وميادين مصرية تهتف بسقوط النظام الحالي، أبرزها ميدان التحرير بالقاهرة، وميدان الأربعين بالسويس، المحلة الكبرى والإسكندرية غالبيتهم من الشباب غير المصنفين سياسيا، في مشهد غاب عن مصر ما يقرب من 7 سنوات.
كما بدأت المؤسسات الحقوقية تتلقى سيلا من البلاغات باختفاء المواطنين من الميادين المختلفة وانقطاع التواصل بينهم وبين ذويهم، منهم من كان عائدا من عمله، منهم من كان متواجدا بالصدفة بمحيط الأحداث، ومنهم من كان متواجدا لأغراض أخرى.
ومن كثرة عدد المقبوض عليهم على خلفية هذه الأحداث، لم تستوعب نيابة أمن الدولة هذا الكمّ الهائل من المواطنين المقبوض عليهم مما دعاها إلى توزيعهم بدءا من يوم 22 سبتمبر/أيلول 2019، على مجمع محاكم ونيابات وسط وجنوب وشرق القاهرة بمجمع محاكم منطقة زينهم بالسيدة زينب.
لم تنته تلك القبضة على هؤلاء المواطنين العاديين بل امتدت يد تلك الهجمة الأمنية غير المسبوقة لتشمل حقوقيين وصحافيين وأكاديميين أيضًا.
ولم يغفل الملف الوثائقي بالطبع، الحديث عن الدور التاريخي لمؤسسات المجتمع المدني في هذه الأحداث، فمنذ بداية الدعوة لتلك التظاهرات نشرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، المفوضية المصرية للحقوق والحريات، والمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ومركز عدالة للحقوق والحريات أرقاما ساخنة بمواقعها على الإنترنت وصفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي لتلقي بلاغات المواطنين لتقديم الدعم القانوني لكل من يقبض عليه، ومع أول حالات قبض حدثت وظهور متهمين بنيابة أمن الدولة والنيابات الأخرى المنتدبة من قِبلها.
كما تحول البعض من محامي تلك المؤسسات الى متهمين بسبب تقديمهم واجب الدفاع عن المتهمين في تلك الأحداث، فقد تم القبض على المحامية الحقوقية سحر علي من منزلها بتاريخ 23 سبتمبر/أيلول عقب انتهائها من حضور التحقيقات مع المتهمين في قضية أحداث سبتمبر/أيلول تلك. كما ألقي القبض أيضا على المحامي الحقوقي عمرو إمام من منزله بتاريخ 15 أكتوبر/تشرين الأول 2019 بعد أن كان له دور بارز كمحام في تلك القضية، خاصة أثناء نظر تجديدات حبس المتهمين بمحكمة زينهم بشكل جماعي، وهم مقيدون حفاة، جوعى يخطفون الطعام والماء من بعضهم، مشاهد تُبكي الحجر على حال ما آلت إليه العدالة والقانون بل والإنسانية في مصر، كما تم القبض على المحامي محمد حلمي حمدون وشقيقه وزوجته الناشطة النسوية أسماء دعيبس واتهامهم في ذات القضية 1338 المعروفة بأحداث سبتمبر/أيلول.
كما تم إلقاء القبض على المحامي الحقوقي محمد الباقر المدير التنفيذي لمركز عدالة للحقوق والحريات من داخل نيابة أمن الدولة بتاريخ 29 سبتمبر/أيلول أثناء تواجده داخل النيابة لحضور التحقيق مع الناشط علاء عبد الفتاح، واتهامه وحبسه على ذمة التحقيقات في القضية نفسها التي تواجد داخل النيابة لحضور التحقيقات بها مع موكله وهي القضية رقم 1356 لسنة 2019 حصر أمن دولة.
وحتى الآن ما زال المحامون الذين تم ذكرهم محبوسين، بل وتم تدويرهم في قضايا أخرى تنكيلا بهم وبالدور الحقوقي الذي قاموا به في تلك الأحداث عدا المحامية الحقوقية سحر علي التي استبدل حبسها الاحتياطي بالتدابير الاحترازية الشهر الماضي، رغم إخلاء سبيل نحو تسعين في المائة من المقبوض عليهم في تلك الأحداث.
المساهمون