"مصروف في الجيب" للبطالة في الجزائر

27 فبراير 2022
الحكومة الجزائرية تعاملت مع البطالة على "دفعات" (العربي الجديد)
+ الخط -

"مصروف في الجيب أفضل من بطالة خمس سنوات"، هذا ما يقوله الشاب الجزائري خالد سالمي، البالغ 35 عاماً والحاصل على شهادة دكتوراه في العلوم الاقتصادية، لـ"العربي الجديد"، عن قرار منح آلاف من العاطلين عن العمل منحة البطالة، الذي اتخذه الرئيس عبد المجيد تبون أخيراً، وقرر وضعه قيد التنفيذ بدءاً من مارس/ آذار المقبل. يضيف: "بالطبع لا تلبي المنحة التطلعات التي يريدها الشباب، لكنها توفر حلاً مؤقتاً لمن لم يستطيعوا الحصول على عمل". 
ويشير إلى أن "قضية عدم عمل خريجي جامعات أثارت ردود فعل كثيرة، تعاملت معها الحكومة عبر دفعات من توظيف حاملي شهادات الدكتوراه في مؤسسات اقتصادية، لكن فقط بحسب الأماكن الشاغرة، ما تعارض أحياناً مع اختصاصات الشهادات التي يحملونها. ويمكن وصف منحة البطالة التي تقدّر بـ13 ألف دينار جزائري (113 دولاراً) بأنها تسكين للألم الذي لم تجد السلطات حلاً له منذ سنوات، في حين تضمن التغطية الصحية لآلاف من العاطلين عن العمل، خصوصاً من يتحملون مسؤوليات عائلاتهم".
ويرى عدد من العاطلين عن العمل أن المنحة ستسدّ أحد أبواب احتياجاتهم، وأحد هؤلاء السعيد بن عبد الله، المتخرج من مركز التكوين المهني في ولاية جيجل (شرق)، والذي يبحث منذ سنتين عن عمل، وهو يقول لـ" العربي الجديد": "تغطي المنحة بعض المصاريف حتى إيجاد وظيفة". ورغم الجدل القائم في شأن آلية صرف المنحة، يعتقد بعض الشبان بأنها ستسمح لهم بفتح مشاريع صغيرة، أو توفر لهم مصاريف للتحرك عبر مؤسسات من أجل البحث عن وظائف، كما تقول سامية لغديري لـ"العربي الجديد" موضحة أنها تفكر في تخصيص المنحة لشراء ماكينة خياطة وإطلاق مشروع خاص.

وفيما أثارت المنحة جدلاً كبيراً وسط الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة التي تعيشها الجزائر بسبب تداعيات وباء كورونا، وفقدان عشرات من متخرجي الجامعات الأمل في الحصول على وظائف، اعتبرها البعض "منحة للسّلم الاجتماعي" تمثل خطوة تتخذها الحكومة لاستباق احتجاجات تؤججها البطالة. 
وتعتبر الباحثة في علم الاجتماع بجامعة باتنة (شرق) فريدة بوستة، في حديثها لـ"العربي الجديد"، أن "المنحة التي أعلنتها الحكومة تغطي جزءاً ضئيلاً من احتياجات العاطلين عن العمل، وتدفع عنهم بعض تكاليف الحياة اليومية، لكنها قد تخلق مساحة جديدة للاتكالية لديهم، في أطار ما يسمى نموذج الدولة الراعية أو الكفيلة، وتعطّل أساليب تفكيرهم، وتجعلهم يعتمدون على خزينة الدولة". وتشرح أن "المنحة حلّ ظرفي، لكنها طريق نحو الطموح المحدود في تغيير وضعهم الاجتماعي. وقد تسجن قدرات الشباب الذين سيكتفون بمبلغ مالي لا يشكل وسيلة مناسبة لتشجيعهم على تكثيف البحث عن عمل". 

متخرجو جامعات كُثر بلا عمل (العربي الجديد)
متخرجو جامعات كُثر بلا عمل (العربي الجديد)

من جهته، يقول أستاذ علم الاقتصاد في جامعة الجزائر عبد المؤمن حديبي، لـ"العربي الجديد": "تخنق أزمة البطالة الشباب، لكن الحلّ ليس في تقديم منحة مؤقتة، حتى لو جلبت فوائد للعاطلين عن العمل. واقترح أن تبادر الحكومة إلى تمويل استثمارات، وتخلق وظائف لتشغيل الشباب". يتابع أن "الحلول المؤقتة لا تحل الأزمة، بل تمددها، كما أنها لا تعزّز انتقال الشباب من التفكير في البحث عن وظائف إلى خوض رحلة الاستثمار. وأرى أن المنحة إجراء سياسي اجتماعي تنتهجه الحكومة رغم أنه يتعارض فعلياً مع مشروعها الاقتصادي للعام الحالي الذي يهدف إلى رفع مستوى النمو، وتأسيس شركات تستقطب كوادر وتخصصات". ويلفت إلى أن "هناك عدم توازن بين التأهيل الجامعي والمهني، وتخريج آلاف الطلاب سنوياً بشهادات عليا بلا فرص عمل كافية، وهو ما يجب أن يهتم به القائمون على شؤون العمل في البلاد".
وفي شأن المستفيدين، قررت الحكومة صرف المنحة للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و40 عاماً، وخريجي الجامعات والمراكز المهنية والمسجّلين لدى وكالة التشغيل، وأيضاً الموظفين بعقود مؤقتة لدى الهيئات والإدارات الحكومية. 
وأوضح وزير التشغيل الجزائري يوسف شرفة، في حديث تلفزيوني، أن "الإفادة من منحة البطالة تخصّ كلّ الشباب بلا تمييز، وستخضع تدابيرها لنظام رقمي للتواصل مع المسجلين والتدقيق في شروط إفادتهم من المنحة، وتفعيل الرقابة على مختلف الملفات لتفادي أي تلاعب".
وقد رصد قانون المالية الجزائري لعام 2022 نحو مليار دولار لتغطية نفقات منحة العاطلين عن العمل خلال العام الحالي.

وبلغت نسبة البطالة في الجزائر 12 في المائة بتأثير إغلاق مؤسسات اقتصادية عدة خلال الأزمة الصحية التي نتجت عن تفشي فيروس كورونا، علماً أن الحكومة وضعت عام 2020 خطة للانتعاش الاقتصادي تستمر 4 أعوام، وتركز على ثلاثة محاور كبرى، هي الإصلاح المالي، والتجديد الاقتصادي، ومحاربة البطالة. وشهد الشارع الجزائري عشرات الاحتجاجات للعاطلين عن العمل، بينها في الجنوب الغني بالبترول، وأخرى نظمتها تنسيقية حاملي الشهادات العليا أمام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.

المساهمون