"لن أسكت" في الكويت... جدال حول مقترحات قوانين مكافحة التحرّش

22 فبراير 2021
النساء جميعاً عرضة للتحرّش (دومينيك بربان/ Getty)
+ الخط -

 

أثار إطلاق ناشطات نسويات كويتيات حملة لفضح التحرّش المتزايد المسكوت عنه في البلاد، تحت شعار "لن أسكت"، جدالاً اجتماعياً وقانونياً كبيراً، عقب تولّي عدد من النواب اقتراحات قوانين لمكافحة التحرّش في وقت لا تملك فيه الكويت قانوناً رسمياً يحارب التحرّش، بحسب ما يشير خبراء قانونيون لـ"العربي الجديد".

وكانت الحملة قد انطلقت عقب ما أثارته مدوّنة وإعلامية ومصممة أزياء شهيرة تدعى آسيا الشمري عن حوادث تحرّش مستمرة تتعرّض لها في الشارع في أثناء عودتها من العمل إلى منزلها. وسرعان ما انتشرت قصص تحرّش تعرّضت لها نساء في شوارع الكويت عبر ما يُعرف بمطاردات السيارات، إذ إنّ المتحرّشين يلاحقون النساء بالسيارات، الأمر الذي يتسبّب كذلك في حوادث مميتة، وفق ما تقول الشمري.

وفي هذا الإطار، يخبر سعود الراشد "العربي الجديد" عن قريبة له "أُدخلت إلى العناية المركّزة بعد انقلاب سيارتها في أثناء مطاردة متحرّش لها في شارع الخليج العربي، أحد أكبر وأبرز شوارع الكويت، في عام 2018. لكنّه لم يُعثر بعد على المتحرّش بسبب إخفائه لوحات سيارته، على الرغم من أنّ ثمّة كاميرات مراقبة في الشارع". من جهتها، كانت صحيفة "القبس" الكويتية قد بثّت تقريراً مرئياً صادماً يصوّر تعرّض مراسلتها بيبي الخضري إلى التحرّش في أكثر من مرّة في أثناء قيادتها سيارتها في الشارع نفسه.

وقد أفلت متحرّشون كثر من الذين اعتقلتهم السلطات وأحالتهم إلى المحاكمة من هذه القضايا، بسبب عدم توفّر قانون واضح خاص بالتحرّش. فهؤلاء المعتدون يحاكَمون بحسب ما يشرح المحامي والخبير القانوني عمر العتيبي وفق مواد "التحريض على الفسق والفجور" المدرجة في قانون الجزاء والذي كتبت مواده في عام 1960، أي قبل استقلال الكويت. كذلك يحاكَم المتحرّشون وفق قانون إساءة استعمال الهاتف وأجهزة الاتصالات، وهو قانون مُرّر في عام 2000 ولا ينصّ صراحة على التحرّش.

ويؤدّي عدم اشتمال أفعال التحرّش في هذه القوانين التي وُضعت في أزمنة ماضية ولم تعرّف التحرّش أو تحاربه، إلى انتشار هذه الأفعال المشينة من دون حسيب ولا رقيب. وهذا ما دفع مجموعة من النواب إلى تقديم قانونَين منفصلَين يتضمّنان عقوبات مشدّدة على المتحرّشين. وقدّم النائب عبد العزيز الصقعبي قانوناً يقضي بمعاقبة التحرّش، بالسجن سنة واحدة للتحرّش اللفظي، والسجن ثلاث سنوات إذا نتج عن التحرّش أذى بدني، فيما قدّم نواب آخرون القانون ذاته مع إضافة مقترح بإنشاء تطبيق إلكتروني لتصوير عمليات التحرّش وإرسالها إلى وزارة الداخلية مباشرة. 

ويؤيّد أساتذة كلية الحقوق في الكويت مقترحات القوانين المقدّمة، فيقول رئيس قسم القانون الجزائي في جامعة الكويت الدكتور حسن بو عركي لـ"العربي الجديد" إنّ "النصوص القديمة التي تحاول الجهات القضائية تطبيقها على المتحرّشين لا تنطبق عليهم تماماً لاختلاف مفهوم التحرّش الحالي عمّا كان عليه سابقاً ولأنّها ظاهرة جديدة نسبياً في الكويت". يضيف بو عركي أنّ "القوانين المتعلّقة بالتحريض على الفسق والفجور والمدرجة حالياً في قانون الجزاء والتي يحاكَم وفقها المتحرّشون تأتي في مرحلة لاحقة على فعل التحرّش، لذلك لا بدّ من قانون جديد. كذلك فإنّ المطاردات التي تحدث بواسطة السيارات اليوم للتحرش لا تنطبق عليها قوانين التحريض على الفسق والفجور". 

لكنّ المفاجأة كانت في موجة اعتراض كبيرة من النواب الإسلاميين الذين قالوا إنّ القانون المقترح قد يُستخدم للابتزاز وللإيقاع بالرجال بتهمة التحرّش من دون وجود ضمانات كافية لتطبيق القانون بشكل عادل. ويقول النائب بدر الداهوم، وهو رئيس لجنة الظواهر السلبية في مجلس الأمة، إنّه "مع احترامي الشديد لمقدّمي الاقتراح وأتفهّم نواياهم الصادقة، لكنّ مثل هذه الاقتراحات بقوانين يجب أن تدرس بعناية حتى لا تكون مع طرف ضدّ طرف آخر. فهذه القوانين قد تستخدم كوسيلة للحصول على الأموال وابتزاز الشباب والحصول على تعويضات". يضيف الداهوم أنّ "ثمّة قوانين موجودة ويجب على الجهات المعنية تفعيلها"، مشدداً على ضرورة "البحث عن السبب الرئيسي لهذه التصرفات السيئة الدخيلة على مجتمعنا المحافظ والتي لم تكن موجودة من قبل".

المرأة
التحديثات الحية

في المقابل، تنتقد الناشطة النسوية شيخة العلي تصريحات الداهوم قائلة لـ"العربي الجديد" إنّ "عدداً من ممثلي الأمة، للأسف الشديد، لا همّ لديهم سوى معاداة المرأة ومحاولة تجاهل وجود ظاهرة حقيقية هي التحرّش. وعند أيّ حديث عن قانون خاص بالتحرش، نجدهم يقولون إنّه قد يكون ضدّ الرجل". تضيف العلي: "نعم القانون ضدّ الرجل، إنّما ضدّ الرجل المتحرّش الذي يستغلّ حالة الصمت المجتمعي وعدم توفّر قوانين رادعة ويتحرّش بالنساء في العمل والشارع والمطاعم وغيرها من الأماكن العامة". وطالبت العلي المنظمات النسائية في الكويت بـ"الضغط بشكل أكبر على النواب ومحاولة إحراجهم لتمرير قانون مكافحة التحرّش"، كذلك طالبت النواب بـ"محاولة تفهّم هذه القوانين قبل محاربتها".

المساهمون