في الوقت الذي تحارب فيه الحكومات الغربية "البدانة" من خلال اتباع استراتيجيات صحية، قوامها تخفيف الأطعمة التي تحتوي على نسب مرتفعة من السكر، ظهرت الأنظمة الغذائية البديلة، وفي مقدمتها النظام الغذائي النباتي، كأحد هذه الحلول. وقد يكون من المفيد والسليم الاعتماد على الأنظمة الغذائية النباتية في إنقاص الوزن، إلا أنّ هذا النمط الغذائي قد يكون غير كافٍ، خاصة إن اعتمد الإنسان على الفاكهة فقط، بحسب ما جاء في تقرير لصحيفة The Conservation بنسختها الأسترالية.
بحسب التقرير، فهناك أدلة قوية على أنّ النظم الغذائية النباتية مفيدة للجسم، إذ تقلّل من خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 40 في المائة، فيما تخفض نسب الإصابة بالسكتة الدماغية بنحو 29 في المائة، كما أنها استراتيجية مفيدة لإنقاص الوزن.
في حين أنّ الأنظمة الغذائية النباتية لها فوائد واضحة على الصحة والاستدامة البيئية، فإنّ اتباع نظام الفاكهة هو أحد أكثر خيارات النظام الغذائي تقييداً، ولا يوجد دليل تقريباً يدعم الفوائد الصحية له.
في الماضي، حاول المؤسس المشارك لشركة "آبل"، ستيف جوبز، اتباع نظام غذائي قوامه الفاكهة، مكملاً بالمكسرات والبذور والحبوب. وبنى استراتيجيته الغذائية وفق المعادلة التالية : 80-10-10، أي أنه يحصل على 80 في المائة من السعرات الحرارية من خلال الفاكهة والخضروات الطازجة و10 في المائة من البروتين إضافة إلى 10 في المائة من الدهون. تستند هذه القاعدة إلى الاعتقاد بأنّ البشر ليسوا حيوانات آكلة للحوم. ويدافع مؤيدو هذا الاتجاه، بأنّ الجهاز الهضمي للإنسان مصمّم من الناحية الفسيولوجية لهضم الفاكهة والخضروات النيئة. كما يرى أصحاب هذه النظرية، أنّ الاعتماد على الفاكهة، يعالج أمراض السرطان ويقضي على الانتفاخ ورائحة الجسم، فربما كان هذا صحيحاً في يوم من الأيام، إلا أنّ جسم الإنسان قد تطوّر بحسب العديد من الأبحاث.
الأدوات الجديدة
يحتاج جسم الإنسان إلى نظام غذائي يعتمد على العديد من العناصر حتى يتمكن من إحداث توازن، ويأتي في صلب هذا النظام، الاعتماد على الفاكهة، ولكن بنسب معينة، لأنّ تناولها قد يكون له آثار صحية، يمكن تلخيصها بما يلي:
-لا تحتوي الفاكهة على الكثير من المعادن، وفي مقدمتها، الحديد والكالسيوم وفيتامين ب (بما في ذلك فيتامين ب 12) والزنك وأحماض أوميغا 3 الدهنية، ويمكن أن يكون لنقص هذه العناصر الغذائية آثار صحية كبيرة، بما في ذلك الكساح وتلين العظام وفقر الدم ومشاكل في العظام والعضلات والجلد.
-لا تحتوي الفاكهة على البروتينات، وهو أمر أساسي لنمو الخلايا، ومحاربة الأمراض، خاصة أنّ البروتين يساعد في بناء تعزيزات لمحاربة الفيروسات.
-تحتوي الفاكهة على نسب عالية من سكر الفروكتوز، وهو نوع من أنواع السكر البسيط، لكن تناول كميات كبيرة منه، تؤدي إلى تخزينه داخل الكبد، وبالتالي حدوث مشاكل تتعلق بالإصابة بأمراض السكري. كما يمكن أن يؤدي استهلاك الفروكتوز الزائد إلى تراكم الدهون في الكبد، ما يؤدي إلى مقاومة الأنسولين في الكبد ومرض الكبد الدهني غير الكحولي -أي الأمراض التي تصيب الكبد جراء تناول الكحول، وإن تم تناوله بنسب منخفضة-. في حين أنّ هناك جدلاً حول ما إذا كان الفروكتوز من الفاكهة ضاراً مثل شراب الغلوكوز، الذي يضاف إلى الأطعمة لتحليتها.
ضرر جسيم
بالإضافة إلى الآثار الجسدية المحتملة لفكرة تناول الفاكهة، غالباً ما ترتبط الأنظمة الغذائية التقييدية عموماً، باضطراب الأكل المعروف باسم orthorexia العصبي، أو الهوس غير الصحي بتناول الطعام "النقي" فقط. وهذا يعني أنّ ما يمكن أن يبدأ باعتباره تحركاً صحياً نحو تناول المزيد من الفاكهة والخضروات وتقليل الوجبات السريعة، يمكن أن يؤدي إلى اضطراب الأكل والاكتئاب والقلق.
في السنوات الماضية، تمّ الإبلاغ عن حالات وفاة معزولة أو مرض خطير عند اتباع نظام غذاء الفاكهة. ومن الأمثلة على ذلك وفاة طفلة تبلغ من العمر تسعة أشهر بعد إطعامها حمية غذائية تحتوي على الفاكهة فقط. توفيت الطفلة، وهي تعاني من نقص الوزن وسوء التغذية. بالإضافة إلى ذلك، تمّ الإبلاغ مؤخراً عن إصابة رجل يبلغ من العمر 49 عاماً بالخرف بعد اتباع نظام غذائي يحتوي على الفاكهة فقط.
مع وجود أدلة قليلة على فوائد مثل هذا النظام الغذائي المقيد، فمن الواضح أنّ الأشخاص الذين يتبعون هذا النظام يعرّضون صحتهم لخطر جسيم. لذا ينصح الخبراء، قبل تغيير النظام الغذائي باستشارة الطبيب. ويعدّ دمج المزيد من الفاكهة والخضروات كجزء من نظام غذائي متوازن، طريقة أكثر أماناً وصحة على صحة الإنسان.