في خطوة هي الأولى بين الجامعات الفلسطينية، دعا بيان صادر عن نقابة أساتذة وموظفي جامعة بيرزيت شمال رام الله، وسط الضفة الغربية، إدارة الجامعة إلى اتخاذ إجراءات عقابية بحق المعتدين على المتظاهرين المحتجين على مقتل المعارض السياسي نزار بنات، سواء كانوا من طلبة الجامعة أو من خارجها.
وقال أمين سر "نقابة أساتذة وموظفي جامعة بيرزيت" سامح أبو عواد لـ"العربي الجديد": "إن هناك نوعين من المعتدين، قسم منهم طلاب الجامعة وتم كشف اثنين منهم على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، وهؤلاء بالإمكان التحقيق بمشاركتهم من قبل عمادة شؤون الطلبة واتخاذ إجراءات بحقهم من قبل إدارة الجامعة، وإن ثبتت مشاركة موظفين من الجامعة، ندعو على الأقل إلى فصلهم من الجامعة بشكل نهائي، لأن ما قاموا به هو أمر غريب على ثقافة جامعة بيرزيت في تقبل الآخر".
وبحسب أبو عواد، فإن القسم الآخر من المعتدين هم من خارج جامعة بيرزيت، ونطالب بمحاسبتهم واتخاذ إجراءات بحقهم، كمنعهم من دخول الجامعة، "فأي شخص شارك في الاعتداء يجب أن يكون دخوله الجامعة خطاً أحمر".
وأشار أبو عواد إلى وجود مسؤولين عن عمليات القمع والتحرش ومصادرة حرية التعبير بتكسير الكاميرات وابتزاز الفتيات المشاركات بالتظاهرات احتجاجا على مقتل المعارض نزار بنات، من خلال مصادرة هواتفهن ونشر خصوصياتهن من صور ومعلومات، متسائلً، "من هو المسؤول عن إنزال هؤلاء الشبيحة إلى الميدان؟ لذا يجب أن يحاسبوا على فعل دخيل على شعبنا، وقيمنا، ومجتمعنا، وأخلاقنا، إن الاعتداء على البنات خط أحمر"، فيما لفت إلى أن هناك متظاهرين ومتظاهرات معتدى عليهم من طلبة وموظفي جامعة بيرزيت.
وفي حال عدم موافقة إدارة جامعة بيرزيت على مطالب نقابة العاملين فيها، أكد أبو عواد أن النقابة سيكون لها إجراءاتها من دون اللجوء إلى العنف، وستحتج على وجود المعتدين في الجامعة بالطرق السلمية، سواء بالتظاهر ضد وجودهم أو بمقاطعتهم.
ولفت إلى تجربة سابقة لنقابة أساتذة وموظفي جامعة بيرزيت بمنع دخول وزير التنمية الاجتماعية في الحكومة الفلسطينية أحمد مجدلاني إلى الجامعة، حينما قارن قبل عامين بين جامعة بيرزيت وجامعة تل أبيب، ولا تزال النقابة ملتزمة بقرار منعه دخول الجامعة إلى الآن.
وفي رد على سؤال حول سبب مبادرة النقابة إلى هذه الإجراءات، قال أبو عواد: "إذا كانت الأجهزة الأمنية والمستوى القضائي الفلسطيني غير قادرة على أن تأخذ إجراءات بحق المعتدين على المتظاهرين، فنحن بمؤسسة تحترم العاملين فيها وتحترم الشعب الفلسطيني وإرادته، ومن يحاول مصادرة إرادة الشعب الفلسطيني لا مكان لوجوده في بيرزيت".
وأكد أبو عواد "أن هذا الموقف باتخاذ إجراءات بحق المعتدين هو جزء من رسالة الجامعة إلى المجتمع، فمهما اختلفنا، فإن دماءنا يجب أن تبقى حراما على بعضنا البعض، ومن يتجاوز هذه الخطوط الحمراء سيدفع الثمن في جامعة بيرزيت، وندعي أن جامعتنا رائدة في قيادة العمل الوطني الفلسطيني".
الهيئة الإدارية لنقابة أساتذة وموظفي جامعة بيرزيت حذرت في بيان لها، الليلة الماضية، من قتامة الآتي إن لم يتم وضع حد للممارسات والاعتداءات على المتظاهرين، مؤكدة "أن الكلمة الحرة لشعب يواجه مشروعا استعماريا إحلاليا واجبة وشرط أساس لهذه المواجهة".
وطالبت نقابة موظفي جامعة بيرزيت بـ"توفير كل ما يلزم للإبقاء على جامعة بيرزيت، بكافة مكوناتها من أكاديميين وموظفين وطلبة، فضاء للكلمة الحرة وغير قابلة للإسكات، والقيام بإجراءات واضحة بحق المتورطين من الجامعة في تشويه رسالتها وقيمها".
وأكدت النقابة أنها تنظر بغضب وألم كبيرين إلى محاولات فرض الهيمنة من خلال استخدام العنف القمعي والترهيب في التعامل مع وجهة النظر المعارضة، ورأت في التجاوزات بحق المحتجين السلميين بمن فيهم موظفون وطلبة من الجامعة، وتحديدًا ضرب وسحل طالبات، تشويهاً لقيم بيرزيت ولأخلاقيات الشعب الفلسطيني الحر، الذي يفخر بدور المرأة التاريخي والحالي في النضال والمقاومة جنباً إلى جنب مع الرجل.
ورأت النقابة في الاعتداء على الفتيات ومحاولة تبرير القمع بحقهن وتشويه صورتهن إساءة لنضالات دلال المغربي وليلى خالد وتيريز هلسة وغيرهن الكثيرات من أيقونات النضال التحرري، وأكدت النقابة أن لا مكان لمن قام بهذه الأفعال في جامعة بيرزيت "هذه الجامعة التي تفتخر بطالباتها وطلابها على تعدد مشاربهم الفكرية وآرائهم، فهذه الممارسات المشوهة غريبة عن منطق الوحدة الوطنية المبنية على أسس نضالية والتي طالما ميزت جامعة بيرزيت".