بعدما زاد القصف الصاروخي الذي تنفذه القوات الروسية لمنشآت البنية التحتية في مدينة ميكولايف الأوكرانية، واجه سكان المدينة إجراءات قطع المياه وتقنينها التي بدأت من دون أي إنذار مسبق منذ 12 إبريل/ نيسان الجاري، وسط إعلان الجهات المحلية المختصة أن أعمال الصيانة ستستغرق وقتاً غير محدد. ورصدت "العربي الجديد" خلال جولة في ميكولايف طوابير من المصطفين أمام صهاريج المياه التي بدأت منذ 16 إبريل/ نيسان الجاري، في إيصال المياه إلى كل أحياء المدينة.
تقول سيدة فضلت عدم ذكر اسمها تواجدت في طابور أمام صهريج لتوزيع المياه لـ"العربي الجديد": "نأمل حل مشكلة المياه على وجه السرعة في حال انضمت الجهود الدولية لتسويتها. لا حياة من دون مياه. هذه كارثة بيئية".
وتعليقاً على الوضع السائد في ظل انقطاع المياه، قالت شركة "ميكولايف فودوكانال" التي تشغّل شبكات المياه في المدينة في بيان: "بذلنا على مدى الأيام الماضية جهوداً كبيرة لإعادة المياه إلى المنازل. نحن نتفهم سخطكم، لكن وقائع اليوم تفرض أن نتبع سياسات مغايرة. وبحسب الوضع ستستمر أعمال صيانة شبكة أنابيب المياه فترة غير محددة"، علماً أنه تردد في البداية أن أعمال الصيانة لن تستغرق أكثر من 24 ساعة. وشددت الشركة على أنها تبذل قصارى جهدها لتوفير المياه للمستشفيات، ومن يتولون الدفاع عن المدينة وسكانها.
وفي حديثه لـ"العربي الجديد"، يؤكد رئيس إدارة مقاطعة ميكولايف، فيتالي كيم، أن مشكلات إمدادات المياه ستحل تدريجياً عبر تأمين مساعدات من مختلف المقاطعات الأوكرانية. ويقول لـ"العربي الجديد": "سنصلح خط أنابيب المياه التي ستؤمن، كما ستُحفر آبار لتوفيرها. وقد تجاوبت مقاطعات أخرى مع مشكلتنا، وأرسلت أنظمة للتنقية والتحلية وناقلات، ونتوقع توفير نصف احتياجات المدينة من المياه على الأقل أو حتى كلها في أقرب وقت". يتابع: "في كل الأحوال، ستتوفر المياه. لسنا في مدينة ماريوبول، ومدينتنا تضم قنوات ماء كثيرة، لكن يجب تحمّل الوضع بضعة أيام".
وفيما تستعد سلطات ميكولايف لخطر حصول اضطرابات في إمدادات المياه من نهر دنيبر، أعلن عمدتها ألكسندر سينكيفيتش حفر وتشغيل عدد من الآبار في أراضي المستشفيات وغيرها خلال الأسابيع الأربعة الأخيرة، والتي يمكن أن يستخدمها سكان المدينة.
وصباح 16 إبريل/ نيسان الجاري، لم تسلم المباني السكنية في المنطقة الصناعية التي تقع في محيط مصنع ميكولايف للمدرعات والدبابات من أضرار الضربات التي شنتها القوات الروسية باستخدام أسلحة بعيدة المدى. وتضررت ثلاثة مبانٍ لا يزال يسكنها بين 30 و80 مواطناً، من دون أن يصاب أحد منهم بجروح.
تقول سيدة تسكن في المنطقة فضلت عدم ذكر اسمها لـ"العربي الجديد": "دمر القصف منزل أمي، لذا ستنتقل للعيش معنا، أما إذا دمر منزلنا أيضاً فسنصبح جميعاً بلا مأوى. وأعتقد بأن الصاروخ الذي سقط هنا استهدف في الأصل مصنع الدبابات أو الميناء الذي تطل عليه نوافذنا".
وتعليقاً على قصف المباني السكنية، تضيف: "لا إرهابيين ولا معدات عسكرية هنا، بل أحياء وبيوت سكنية يقطنها أناس عاديون لا يوجد شيء هنا يهدد روسيا مثل قوات أو أسلحة تابعة للحلف الأطلسي (ناتو). توقفنا عن التواصل مع أقربائنا داخل روسيا لأنهم يشاهدون قنواتهم التلفزيونية، ويقولون إن ما نعرضه عليهم مسرحية، وأن العمليات الروسية تهدف إلى إنقاذنا من شيء ما".
وتتابع: "أتحدث باللغة الروسية، ولا يمارس أحد أي تضييق عليّ. ميكولايف وأوديسا وخاركيف مدن ناطقة بالروسية. حضر الروس لحماية السكان الناطقين بالروسية، لكنهم قصفوا مدنهم، وأنا لا أستطيع فهم منطق ما يجري". بدوره، يعلق سينكيفيتش على استهداف المباني السكنية، بالقول: "هذه مبانٍ مدنية وليست قواعد عسكرية. أعتقد بأن نحو 45 في المائة من سكان المدينة غادروها، لذلك خلت الشقق المقصوفة من البشر".
وفي 15 إبريل/ نيسان الجاري، شنت القوات الروسية ضربة صاروخية على فرع شركة "البريد الجديد" في ميكولايف، ما أسفر عن تدمير مبناه جزئياً وجرح عدد من الموظفين الذين جرى إسعافهم ميدانياً، من دون وقوع قتلى. وقالت الشركة في بيان: "تدعم البريد الجديد جميع موظفيها الذين أصيبوا في القصف الصاروخي. سنوفر لزملائنا كل الأدوية اللازمة والمتابعة الطبية الشاملة في فترتي التعافي والنقاهة". وقال المدير التنفيذي لـ"البريد الجديد" ألكسندر بولبا لـ"العربي الجديد": "سنعيد بناء كل شيء، لكن الأهم أن نثق في النصر والقوات المسلحة الأوكرانية". أما كيم، فيسأل: "لماذا يقصفون الفرع المدني للبريد الجديد بصاروخ عالي الكلفة. هل يعتقدون أننا نخفي عسكريين هنا ونرسل الذخيرة بواسطة البريد، أم هذا مجرد ترويع؟".