"هل حصلت على درجات منخفضة في شهادة الثانوية العامة؟ لا داعي للقلق، سدد مصروفات تقل عن 100 ألف جنيه (5200 دولار) سنوياً، وادرس الطب بمجموع 77 في المائة والصيدلة بـ73 في المائة والهندسة بـ65 في المائة"، هكذا تروج الجامعات الأهلية المصرية للالتحاق بها عبر إعلانات مدفوعة على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد التوسع في إنشائها، واعتماد تنسيق التحاق خاص بها من "المجلس الأعلى للجامعات"، وبمعدل درجات أقل من الجامعات الحكومية والخاصة القائمة.
ويرى متخصصون أنّ الجامعات الأهلية سوق تخرج طلاباً غير مؤهلين لسوق العمل بسبب ضعف تحصيلهم الدراسي، إذ إنها تسمح بقبول طلاب الثانوية العامة الحاصلين على معدل 76.8 في المائة في كليات الطب، مقارنة بـ91.6 في المائة في الجامعات الحكومية.
ويبلغ الحد الأدنى للقبول بكليات طب الأسنان في الجامعات الأهلية 76.8 في المائة، مقابل 91.3 في المائة في الجامعات الحكومية، و73 في المائة لكليات الصيدلة، مقارنة مع 90 في المائة في الجامعات الحكومية، و65 في المائة لكليات الهندسة، مقارنة مع 83.7 في المائة في الجامعات الحكومية.
وحددت الجامعات الأهلية نسبة القبول في كليات الطب البيطري بـ68 في المائة، و60 في المائة لكليات الحاسبات، و55 في المائة لكل من كليات التكنولوجيا الحيوية، والعلوم الصحية التطبيقية، والتمريض، والإدارة والاقتصاد، والعلوم السياسية، والفنون التطبيقية، والآداب، والعلوم السينمائية، والإعلام، والتربية، والسياحة والفنادق، والحقوق والدراسات القانونية، واللغات والترجمة، والزراعات الصحراوية، والعلوم الأساسية، والآثار، والزراعة، وهو ما يقل بنسب تتراوح بين 13 إلى 28 في المائة عن الحد الأدنى للقبول في الجامعات الحكومية.
وقال عضو في لجنة التعليم بمجلس النواب إنّ إنشاء الجامعات الأهلية استهدف في البداية إحداث حالة من التوازن في ملف التعليم العالي، وتوفير بديل تعليمي للطلاب غير الحاصلين على درجات مرتفعة في الثانوية العامة، خصوصاً أن مصروفاتها السنوية تقل عن الجامعات الخاصة بنسبة تقترب من النصف، إذ تتجاوز مصروفات بعض الجامعات الخاصة حالياً مئتي ألف جنيه سنوياً لدراسة الطب أو الصيدلة.
غير أن المصدر البرلماني اعترف بوجود مشكلات تواجه الدراسة في الجامعات الأهلية، ومنها وجودها في مدن بعيدة عن الحيز العمراني، ما يستلزم إقامة الطالب فيها، ويتبعه مصاريف إعاشة شهرية، فضلاً عن الاعتذارات المتكررة من الأكاديميين للتدريس فيها بسبب صعوبة الانتقال إليها، إلى جانب عدم توفر مستشفيات في بعض الجامعات التي تتيح دراسة التخصصات الطبية.
ووافق مجلس الوزراء المصري مؤخراً على بدء الدراسة في 12 جامعة أهلية جديدة مع بداية العام الدراسي الجديد، وذلك في كل من محافظات القاهرة والقليوبية والمنوفية والدقهلية والشرقية والإسماعيلية وبورسعيد والإسكندرية وبني سويف والمنيا وأسيوط والوادي الجديد.
وتشمل البرامج الدراسية في الجامعات الأهلية الجديدة تخصصات الطب، والصيدلة، وريادة الأعمال الإلكترونية، والتسويق الرقمي والعمليات الإلكترونية، والمساحة والجيومعلوماتية، وعلوم الحاسب وبرامج الذكاء الاصطناعي، وهندسة الطيران والفضاء، وهندسة العمارة، والهندسة الطبية الحيوية، والهندسة المدنية، والهندسة الكيميائية، وهندسة الحاسوب، وهندسة البناء والإدارة، والهندسة الكهربائية، وهندسة البترول.
وكشف مصدر خاص لـ"العربي الجديد" أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أصدر تعليمات بتولي الهيئة الهندسية التابعة للجيش مهام إنشاء تلك الجامعات بـ"الأمر المباشر"، وبتكلفة تقترب من 40 مليار جنيه، وهو ما يدر أرباحاً ضخمة على الهيئة التي لا تخضع موازنتها لأي شكل من الرقابة، والتي تكلف شركات مقاولات بتنفيذ تلك المشاريع "من الباطن"، مقابل الحصول على الحصة الكبرى من الأرباح.
بدوره، قال مصدر مطلع في وزارة التعليم العالي إن تخوفات أولياء الأمور تنحصر في عدم قدرة الجامعة الأهلية على تأهيل الطالب، مقارنة مع زميله في الجامعة الحكومية أو الخاصة في التخصص نفسه، وخصوصاً في كليات الطب والصيدلة والهندسة، ما انعكس على وضوح عدم إقبال الطلاب على الالتحاق بالجامعات الأهلية خلال العام الدراسي الماضي، على الرغم من توافر فرص دراسة كثيرة بها.
وأضاف المصدر التربوي أن "مصروفات الجامعات الأهلية في العام الدراسي 2022- 2023 تبدأ من 35 ألف جنيه (1830 دولاراً) لكليات التمريض، وصولاً إلى 105 آلاف جنيه (5500 دولار) لكليات الطب، وأهمها جامعة الجلالة في محافظة السويس، وجامعة الملك سلمان الدولية في مدينة شرم الشيخ، وجامعة العلمين الدولية في مدينة العلمين الجديدة، وجامعة المنصورة الجديدة في محافظة الدقهلية".
ويتعارض توسع الحكومة في إنشاء الجامعات الأهلية في المدن والمنتجعات الجديدة مع المادة 21 من الدستور المصري التي تنص على أن "تكفل الدولة استقلال الجامعات والمجامع العلمية واللغوية، وتوفر التعليم الجامعي وفقاً لمعايير الجودة العالمية، وتعمل على تطوير التعليم الجامعي، وتكفل مجانيته في جامعات الدولة ومعاهدها. وتعمل الدولة على تشجيع إنشاء الجامعات الأهلية التي لا تستهدف الربح، وتلتزم الدولة بضمان جودة التعليم في الجامعات الخاصة والأهلية".
وشرعت مصر في تنفيذ مخطط تحويل الخدمات الجامعية الحكومية المجانية إلى خدمات مدفوعة، والتدرج في تحويل بعض الجامعات الإقليمية إلى جامعات أهلية، وأن يتشارك القطاع الخاص مع الدولة في إدارتها، على أن تكون الأولوية للمستثمرين المتخصصين في مجال التعليم والثقافة، والذين يمتلكون مدارس وجامعات وأكاديميات ومعاهد خاصة.
ويعتمد القبول في الجامعات الأهلية المصرية على المجموع الاعتباري للطالب في المقام الأول، واجتيازه اختبارات القبول الإلكترونية التي تجرى على مرحلتين، الأولى تشمل اختباراً متخصصاً حسب نوعية المجال الذي ينوي دراسته، والثانية تتضمن عدة امتحانات دولية لقياس المهارات العقلية والتفكير النقدي للطالب.