قبل أن يتخرج طلاب جامعيون كثيرون في الولايات المتحدة ويباشرون مسيرتهم المهنية التي يفترض أن تجعلهم يسترجعون التكاليف المالية التي أنفقوها على تحصيلهم العلمي، يقع بعضهم أو حتى قسم كبير منهم اليوم في عجز ديون بسبب تراكمات فوائد قروض يحصلون عليها خلال فترات الدراسة.
ويورد تقرير لموقع "نيويورك بوست" أن هذه المشكلة ليست وليدة اليوم، فليزا التي تدير عيادتها في علم النفس في تشيستر بولاية بنسلفانيا الأميركية، دفعت حتى اليوم أكثر من 135 ألف دولار رسوم فوائد على 16 قرضاً فيدرالياً حصلت عليها خلال دراستها حتى تخرجها عام 2001، لكنها لا تزال مدينة بـ 96,820 دولاراً.
ويشير جوش ميتشل في كتاب بعنوان "مصيدة الديون: كيف أصبحت قروض الطلاب كارثة وطنية لأنّ مائة ألف دولار تذهب للفائدة" إلى أن إكمال شهادة جامعية يعني التقيد بقروض ضخمة ومعدل فائدة كبير يستمر حتى مرحلة الممارسة المهنية. ويوضح أن "أكثر من 43 مليون أميركي مدينون بمبلغ 1.6 تريليون دولار ناتجة من ديون دراساتهم الجامعية. وهو رقم تضاعف ثلاث مرات في السنوات الـ15 الماضية، وأكبر من حجم الاقتصاد الكندي، ويجعل ديون خريجي الكليات أكبر من حسابات بطاقاتهم الائتمانية وقروض سياراتهم".
ويشير إلى أنّ "المفارقة القاسية تتمثل بأن التعليم العالي لم يعد يوفر ضمانات النجاح الوظيفي والمالي الذي كان عليه سابقاً، حتى إن مقترضين كثيرين بات وضعهم أسوأ بسبب التحاقهم بالجامعة، ما يعني أن هناك انزلاقاً أكبر إلى الأسفل مرتبطاً أيضاً بفشل الجامعات في تحقيق وعودها بتوفير قدرات تدريس تدعم الحصول على وظائف ذات أجور جيدة وعالية".
وتفيد تقارير بأنّ حوالى 8 ملايين مقترض يتخلفون عن تسديد قروض الطلاب، وهو رقم قريب من عدد الأشخاص الذين فقدوا منازلهم بسبب الأزمة المالية في عامي 2007 و2008.
ويرى محللون أنّ "الجاني الأكبر هو الجامعات التي بالغت في رفع رسوم الدراسة. ففي جامعة ألاباما، على سبيل المثال، يدفع الطلاب من خارج الولاية 180 ألف دولار لمتابعة تخصص يمتد أربع سنوات"، فيما يعتبر محللون آخرون أن "نظام القروض إجرامي"، علماً أن فكرة إنشاء الحكومة الفيدرالية برنامج قروض الطلاب ارتبطت بنيات جيدة في الخمسينيات من القرن العشرين، لكنها تطورت إلى "شكل جوهري لرأسمالية المحسوبية".
وهكذا تستمر دورة الديون التي غيّرت التقليد الأميركي من نقل الآباء الثروة إلى نسلهم، إلى التحاق الأولاد بركب الديون.