في قرار مفاجئ، استغنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في لبنان عن مائة وخمسين معلّماً مياوماً، بحجة اعتماد التعليم المدمج (يجمع ما بين الحضور الفعلي والتعليم عن بعد)، ما يعني حرمان مائة وخمسين عائلة فلسطينية من مصدر دخلها. ويأتي هذا القرار في ظلّ تدهور الأوضاع الاقتصادية في لبنان، من جراء ارتفاع سعر صرف الدولار وتفشي جائحة كورونا، الأمر الذي أثر بشكل كبير على المخيمات الفلسطينية في لبنان التي تعاني أصلاً من أزمات معيشية. وفي ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية، عمدت عائلات عدة إلى نقل أطفالها من المدارس الخاصة إلى مدارس "الأونروا".
ويرى المعلّمون المستغنى عنهم أن ما حصل جريمة تزاد إلى الجرائم التي تمارسها الأونروا بحق الفلسطينيين، علماً أن لديهم من الكفاءة والخبرة في التعليم ما يؤهلهم للتثبيت. في هذا الإطار، تقول المعلمة منى عمر الخضر، وهي خريجة دار المعلمين في كلية سبلين للتدريب التابعة لأونروا: "منذ عام 2010 وحتّى لحظة الاستغناء عنا، وأنا أعمل بنظام المياومة، علماً أنه يحق لي أن أكون مثبتة. في بداية العام الدراسي الحالي، وُعدت بالتثبيت. لكنني فوجئت، كما العديد من المعلمين الذين كانوا موعودين بالتثبيت، بأن اسمي ليس حتى ضمن أسماء المعلمين المياومين. وعليه، نطالب أونروا بإعادة النظر في هذا القرار لما فيه من إجحاف بحقنا كوننا معلمين قدامى".
من جهتها، تقول معلمة اللغة العربية حنان ديب أبو حمدي: "عملت مدرّسة للغة العربية في منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) لمدة أربع سنوات. وفي عام 2009، انتقلت لتعليم الصف التاسع أساسي في إحدى المدارس التابعة لأونروا في مدينة صيدا (جنوب لبنان)". وتوضح: "تابعت دراستي الأكاديمية وحصلت على درجة الماجستير من الجامعة اللبنانية، كما أنني أشارك في تصحيح امتحانات الشهادتين المتوسطة والثانوية التابعة لوزارة التربية اللبنانية. لكن اليوم، بت من دون عمل بعد قرار أونروا الاستغناء عنا كمعلمين مياومين والمماطلة في تثبيتنا". تضيف: "ما أريده اليوم أن تعيد الأونروا النظر في هذا القرار الذي حرمنا من عملنا، وحرمنا من المردود المالي الذي كان يعيننا. كما أنه في قرار الاستغناء عنا إجحاف بحق التلاميذ الذين سيعانون المزيد من الضغوط بسبب عدم وجود الكادر التعليمي الكافي".
يبدو أن الأونروا استغنت عن خدماتنا علماً أننا حائزون على شهادات جامعية
أما نيرمين قبطان، وهي معلمة لغة إنكليزية، وخريجة دار المعلمين في كلية سبلين للتدريب، فتقول: "منذ سبع سنوات وأنا أعمل في مدارس أونروا بشكل يومي. وبعد مضي هذه السنوات، جاء قرار الاستغناء عنا. وفي ظل هذه الأوضاع الاقتصادية الصعبة، ومع بدء العام الدراسي، أطالب أونروا بتثبيتي في قطاع التعليم وتثبيت جميع المعلمين المياومين، علماً أنه لنا الحق في التثبيت إذ لدينا شهادات على غرار زملائنا الذين تم تثبيتهم منذ مدة. كما أطالبهم بإلغاء قرار استثنائنا هذه السنة من العمل، وحرماننا من الأمان الوظيفي".
أما الأستاذ علي أيوب، والذي يُدرّس كيفية استخدام الكمبيوتر، فيقول لـ "العربي الجديد": "كان اسمي قد أُدرج على لوائح التثبيت منذ عام 2008 وحتى عام 2019. وبدلاً من تثبيتي، لم أُستدعَ للعمل هذا العام. ويبدو أن الأونروا استغنت عن خدماتنا أنا وغيري من المعلمين البالغ عددهم مائة وخمسين معلماً، علماً أننا جميعاً حائزون على شهادات جامعية ولدينا خبرة طويلة في التعليم في مدارس أونروا". يُتابع: "على الرغم من وجود صف مجهز بالكمبيوترات، إلا أنه لم يتم تعليم هذه المادة".
وعن تجربة التعليم عن بعد، يقول: "كان هناك ضعف في التواصل بين التلاميذ والمدرسين، لأن التلاميذ وأهلهم لا يعرفون استخدام الكمبيوتر. بالتالي، يجب أن تعيد أونروا النظر في سياساتها لإعادة تفعيل هذه المادة، بعدما أثبت وباء كورونا أن الناس تحتاج إلى التكنولوجيا. لذلك، أطالب أونروا بإعادة النظر في القرار الذي اتخذته بحق المعلمين المياومين، وخصوصاً أن القرار جعلنا عاطلين عن العمل، علماً أن هناك شواغر في غالبية المدارس".
في المقابل، تقول المتحدثة الإعلامية باسم "أونروا" في لبنان هدى السمرا، إن الأستاذ المياوم هو الذي يعمل بحسب عقد لا يكون طويل الأمد، وبحسب الحاجة إليه. تضيف: "عمدنا إلى توظيف المعلمين بعقد مؤقت لأنه كانت لدينا شواغر. ومع انتهاء العقود المبرمة معهم بصفة معلّمين يوميين خلال العام الدراسي الماضي، لم نجدد العقود هذا العام لعدم حاجتنا إليهم".
إلا أنها تعود وتقول إنه "قد نحتاج إلى إبرام عقود جديدة مع معلمين مياومين هذا العام، لكننا لا نعلم العدد حتى اللحظة".