فلتان في مناطق سيطرة الجيش الوطني السوري: قتل وخطف واشتباكات

15 ابريل 2024
فلتان أمني وانتشار السلاح في الشمال السوري (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- نشطاء ومتظاهرون في ريف حلب الشمالي يطالبون بمواجهة الفلتان الأمني وتحسين الأمن، مشيرين إلى تزايد ظاهرة اختطاف المدنيين وضرورة ملاحقة المسلحين وفرض حظر على حمل السلاح.
- استياء شعبي واسع النطاق من الوضع الأمني المتردي في جرابلس والباب، مع تفشي عصابات الخطف والاشتباكات المسلحة، واتهامات للشرطة العسكرية والمدنية بالتقصير في مراقبة انتشار السلاح.
- تصريحات من مهنيين تكشف عن الأسباب العميقة للفلتان الأمني مثل الصراع على الموارد، المخدرات، والمعابر غير الشرعية، مع تورط فصائل الجيش الوطني، مما يدعو إلى تشديد الإجراءات الأمنية.

نادى النشطاء والمتظاهرون السوريون، اليوم الاثنين، بضرورة مواجهة الفلتان الأمني في المناطق التي تخضع لسيطرة الجيش الوطني السوري، الذي يحظى بدعم من تركيا، في ريف حلب الشمالي، وطالبوا المؤسسات المعنية باتخاذ إجراءات فعالة لتحسين الأمن ومكافحة ظاهرة اختطاف المدنيين وضبطها ومحاسبة المتورطين فيها، بالإضافة إلى ملاحقة المسلحين وفرض حظر على حمل السلاح. وفي الوقت نفسه، اتهم بعض الأفراد أطرافاً داخل الجيش بتدبير هذا الفلتان الأمني.

ووفقاً لمصادر محلية في مدينة جرابلس، فإن الشرطة العسكرية والمدنية لم تؤدِ دورها بشكل كافٍ في مراقبة انتشار السلاح داخل المدينة. كما أشارت المصادر إلى نشاط عصابات الخطف في الآونة الأخيرة، حيث دفع ذلك بحدوث مظاهرة اليوم، طالبت فيها الشرطة بالتحرك الجاد للكشف عن عصابة اختطفت مدنيًا قبل شهرين ولا يزال مصيره مجهولًا حتى الآن. وأمس الأحد، شهدت مدينة الباب، التي تخضع لسيطرة فصائل الجيش الوطني، احتجاجات عارمة بعد سلسلة من الاضطرابات الأمنية. تلك الاضطرابات نشأت عن اشتباكات عنيفة بين مجموعات مسلحة، حيث كانت إحداها تنحدر من دير الزور والأخرى تنتمي لأفراد عائلة "الواكي". وتسببت الاشتباكات في إصابة خمسة مدنيين بجروح.

وذكرت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" أن "الاشتباكات شهدت استخدام قذائف أر بي جي ورشاشات وقنابل، وذلك بالرغم من وجود الشرطة العسكرية والمدنية في المدينة، التي تدخلت بشكل متأخر للغاية عندما تدهورت الأمور إلى حدوث إصابات بين المدنيين". وأوضحت أن "السبب في تكرار مثل هذه الحالات هو عدم الضبط الشديد للأمن والسماح بانتشار السلاح بين السكان". كما أشارت المصادر أيضاً إلى وقوع اشتباكات عائلية مسلحة في بلدة معطبلي بناحية عفرين، أسفرت عن مقتل طفل، بالإضافة إلى اكتشاف جثة مجهولة الهوية في منطقة ميدانكي، وهو نتيجة للفلتان الأمني وعدم تدخل المؤسسات المختصة بشكل فعال لمحاربة مثل هذه الجرائم.

وأثار الطبيب محمود السايح من مدينة الباب اتهامات ضد الفصائل المتحاربة بتدبير الفلتان الأمني أو دعمه، حيث قال إن "الفلتان الأمني في الباب هو ظاهرة ملفتة تجسد صراع الأجنحة حول مصادر الثروة، وخصوصاً ملفي المخدرات والمعابر غير الشرعية، حيث تتصارع الفصائل العسكرية الرئيسية في ما بينها تارة وفي ما بينها وبين القيادات الفاسدة في المؤسسات الأخرى والشرطة والاستخبارات من جهة أخرى".

وفي تصريحات أخرى، انتقد السايح، وهو من أعيان المدينة، محاولات قادة الفصائل المتناحرة توجيه رسائل إلى الضامن التركي، متهماً إياهم بتحميل الفصيل الآخر مسؤولية الفلتان الأمني، وغالباً ما يتم ذلك من خلال تنظيم تظاهرات شعبية مع دعم غير معلن من القيادة. وأشار إلى أن الفصائل تعرض عنفها دون أي اعتبار للأخلاق أو الإنسانية، بينما "تواصل السلطة العليا سياستها السلبية بتأجيج الصراعات والاستفادة منها لخدمة مصالحها". وأضاف أن "الشرطة العسكرية ضعيفة وغير قادرة على التدخل بسبب دعمها الكامل للفصائل"، مشيراً إلى أن "الشعب يفتقر إلى السلاح، وأن جميع المشاكل الأمنية تنجم عن تورط عناصر من الفصائل".

بالنسبة للصحافي محمود الجدعان، الذي ينتمي إلى أهالي مدينة جرابلس، فإنه يروج لضرورة "تشديد الإجراءات الأمنية وإنهاء حالة الفوضى من خلال ضبط السلاح ومنع انتشاره في الشوارع"، وهو ما أكده المتظاهرون اليوم. من ناحية أخرى، قال حامد أبو الليث، أحد أهالي جرابلس، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك ترهيباً ممارساً ضد السكان، وانتشاراً للسلاح". كما أشار إلى "اتهامات بتورط عناصر من الجيش الوطني في اختطاف أحد السكان قبل نحو شهرين، دون أن يتم الكشف عن مصيره بعد".

وفي سياق متصل، أوضح الصحافي بدر طالب، الذي ينحدر من مدينة الباب، أن الحراك الشعبي في المدينة يسعى إلى التصعيد، وهناك مهلة محددة لحل المشاكل الأمنية. من المتوقع أن يشهد يوم غد الثلاثاء تصعيدًا في التظاهرات والوقفات الاحتجاجية. يذكر أن مناطق سيطرة الجيش الوطني السوري شهدت فلتاناً أمنياً منذ السيطرة عليها إثر المعارك ضد تنظيم "داعش" أو "وحدات حماية الشعب". وتتمثل أبرز حالات الفلتان الأمني في الهجمات عبر الملغمات، والقتالات المسلحة بين السكان أو بين عناصر فصائل الجيش.

المساهمون