تصعيد في إدلب: قوات النظام السوري تستخدم أسلحة محرمة

08 يناير 2024
دمار جراء استهداف قوات النظام إدلب، أكتوبر الماضي (عزالدين قاسم/الأناضول)
+ الخط -

قصفت قوات النظام السوري مناطق شمال غربي سورية بأسلحة محرمة دولياً، وفق الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) التابع للمعارضة، في إطار تصعيد بدأ أواخر العام الماضي، أغلب ضحاياه من المدنيين الذين تكتظ بهم محافظة إدلب ومحيطها.

وأكد الدفاع المدني، المعروف بـ"الخوذ البيضاء"، في بيان أمس الأول السبت، أنّ طفلة تبلغ من العمر قرابة 3 أعوام قتلت، وأصيبت امرأة، جراء قصف مدفعي من قوات النظام استهدف الأحياء السكنية في مدينة إدلب، مشيراً إلى أن إحدى القذائف سقطت بالقرب من مرفق خدمي وحديقة في المدينة.

وبيّن أن 4 مدنيين آخرين أُصيبوا جراء حريق في سيارة مدنية، بسبب قصف صاروخي لقوات النظام، استهدف السبت أيضاً السوق الشعبي ومنازل المدنيين، وبالقرب من مدرسة ثانوية في بلدة سرمين في ريف إدلب الشرقي. ومساء السبت الماضي، جددت قوات النظام قصفها مدينة إدلب، واستهدفت بصواريخ محملة بذخائر حارقة المنطقة الصناعية، وأطراف مدينة إدلب الشرقية، وبالقرب من مخيم الشهداء للمهجرين، ما تسبّب باندلاع حريق في ورشة خراطة حديد.

استخدام النظام ذخائر حارقة

وأكد الدفاع المدني، أمس الأول، أن قوات النظام استخدمت في قصفها الذخائر الفرعية الحارقة من طراز "أم ل-5"(ML-5) التي يحملها صاروخ "9 أم 22 أس" (9M22S). وأشار إلى أن هذا يعدّ انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني، واتفاقية جنيف الثالثة الصادرة عام 1980، واتفاقية حظر الذخائر العنقودية، واتفاقية حظر الألغام الأرضية، والبروتوكول الثاني لاتفاقية جنيف كونها ذخائر فرعية.

واعتبر أن استخدام هذه الأسلحة المحرمة دولياً يهدد حياة المدنيين، ويزيد من الخسائر في الأرواح والممتلكات، ويقوّض سبل العيش، ويزيد حالة عدم الاستقرار التي تفرض مزيداً من حملات النزوح.

مصطفى البكور: استخدام النظام أسلحة محرمة تطور خطير
 

من جهته، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، في بيان، أن قوات النظام قصفت بصواريخ تحمل مادة الفوسفور الحارقة أحياء سكنية في مدينة إدلب، ما أدى إلى وقوع أضرار مادية. وأشار إلى أن هذه القوات قصفت، السبت الماضي، قريتي سفوهن والبارة بجبل الزاوية جنوبي إدلب، وقريتي كفرعمة وكفرتعال غربي حلب، ومحاور كبانة بجبل الأكراد شمال شرقي اللاذقية.

من جانبها، زعمت صحيفة "الوطن"، التابعة للنظام، أن قوات الأخير ردت على خروقات لاتفاق وقف إطلاق النار في محاور منطقة "خفض التصعيد"، شمال غربي سورية، شمل جميع محاور المنطقة، من ريف اللاذقية الشمالي وريف حماة الغربي إلى ريفي إدلب الجنوبي والشرقي فريف حلب الغربي.

كما زعمت مقتل 15 مسلحاً في ريف إدلب الجنوبي في قصف مدفعي على مصادر إطلاق النار لفصائل غرفة عمليات "الفتح المبين"، في محيط بلدات كفر عويد، والفطيرة، وسفوهن، وفليفل، عند خطوط تماس جبل الزاوية جنوب إدلب.

وادّعت أن قوات النظام قتلت عدداً من عناصر "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) بالقرب من بلدتي سرمين والنيرب في ريف إدلب الشرقي، خلال ردها على قصف نقاط ارتكازها في مدينة سراقب، في ريف إدلب الشرقي.

استخدام أسلحة محرمة تطور خطير

واعتبر العقيد مصطفى البكور، في حديث مع "العربي الجديد"، أن استخدام النظام أسلحة محرمة "تطور خطير في الآونة الأخيرة". ولفت إلى أن ذلك يدل على استعداد نظام بشار الأسد وداعميه لرفع مستوى الإجرام بحق المدنيين. وبرأيه فإن النظام يستغل انشغال المجتمع الدولي بملفات أخرى، مثل غزة وأوكرانيا، من أجل التوحش على المدنيين، وهو إنذار خطير بأنه لا توجد خطوط حمراء أمامه في التعامل مع السوريين.

إجرام ممتد على مدى 12 عاماً

من جانبه، رأى المحلل العسكري النقيب عبد السلام عبد الرزاق، في حديث مع "العربي الجديد"، أن استخدام قوات النظام أسلحة محرمة دولياً في قصف مدن وبلدات الشمال الغربي من سورية "يأتي في سياق الإجرام الممتد على مدى 12 عاماً، والذي يمارسه النظام بحق السوريين".

ولفت إلى أن النظام استخدم جميع أنواع الأسلحة المحرمة دولياً، ومنها أسلحة الدمار الشامل من دون حاجة عسكرية لها، معتبراً أنه يريد فقط قتل الشعب السوري وإرهابه، لذا لا يتردد في استخدام أي سلاح سواء كان محرماً أم غير ذلك.

ولا يزال الشمال الغربي من سورية محكوماً باتفاق "موسكو" الذي وقّعه الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين، في 5 مارس/آذار 2020، بعد تصعيد واسع النطاق من قبل قوات النظام ودعم روسي، اضطرت فصائل المعارضة بسببه للانسحاب من مناطق واسعة في أرياف حماة وإدلب وحلب.

وحالت الوقائع المعقدة على الأرض دون تنفيذ الاتفاق بحذافيره، باستثناء وقف إطلاق النار الذي تعرض لعدد كبير من الخروق من قبل قوات النظام والمليشيات الإيرانية، فضلاً عن غارات متقطعة من الطيران الروسي، أدّت إلى مقتل مدنيين، بينهم أطفال.

وثبّت الاتفاق خطوط تماس جبهات منطقة إدلب بين فصائل المعارضة وقوات النظام، التي لم تتقدم على الأرض منذ ذلك التاريخ. واستغل الجانب التركي اتفاق موسكو لتعزيز وجوده العسكري في عموم محافظة إدلب، حيث نشر آلاف الجنود في نقاط تمركز، فضلاً عن قيام الجيش التركي بإنشاء قواعد في المحافظة، وهو ما شكّل حائطاً دفاعياً على خطوط التماس بين فصائل المعارضة السورية وقوات النظام.

استهداف 20 بلدة وقرية في ساعتين

وفي السياق، قال فريق "منسقو الاستجابة"، الذي يرصد الحالة الإنسانية شمال غربي سورية، في بيان مساء السبت الماضي، إن قوات النظام السوري "استهدفت خلال أقل من ساعتين، أكثر من 20 بلدة وقرية في شمال غرب سورية، إضافة إلى مدينة إدلب".

عبد الرزاق: النظام يريد فقط قتل الشعب السوري وإرهابه
 

وطالب المنظمات الحقوقية الدولية ومكاتب الوكالات التابعة للأمم المتحدة بـ"إدانة هذا التصعيد العسكري الذي تقوم به روسيا وقوات النظام، باعتباره انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وانتهاك جهود إحلال السلام في المنطقة".

وحذّر من أن "استمرار موجة الهجمات، إضافة إلى تردي الأوضاع الإنسانية بشكل كبير في المنطقة، وانهيار الوضع الاقتصادي لآلاف العائلات، مع تراجع كبير في العمليات الإنسانية، سيفتح المجال بشكل واسع أمام حركة هجرة جديدة من سورية إلى خارجها".

كما حذّر من "خطورة التقاعس أو التباطؤ عن دعم ومساندة السكان المدنيين في محافظة إدلب والأرياف المجاورة لها، لما سيكون لذلك من تبعات كارثية على مستوى العمليات الإنسانية في المنطقة"، وفق البيان.

المساهمون