الرئيس التونسي يطالب الأمم المتحدة بمواجهة "الأسباب العميقة" للعنف والنزاعات

07 يناير 2021
تتولى تونس الرئاسة الدورية لأعمال مجلس الأمن(فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

قال الرئيس التونسي، قيس سعيد، أمس الأربعاء، إن "الأمم المتحدة مطالبة بالمساهمة الفاعلة والناجعة في معالجة الأسباب العميقة للهشاشة المهددة للأمن والسلم والمؤدية إلى العنف وتفشي النزاعات في العالم".

وأوضح، خلال جلسة لمجلس الأمن، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، حول "تحديات الحفاظ على السلام والأمن في السياقات الهشة"، برئاسة سعيد، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية لأعمال المجلس، في يناير/ كانون الثاني الجاري؛ أن اختيار بلاده هذا الموضوع لمناقشته على مستوى دبلوماسي رفيع في مجلس الأمن الدولي يأتي ضمن رغبتها في الوقوف على عوامل الهشاشة والتي تمثل المحركات الرئيسة للعنف وتطيل أمد النزاعات القائمة وتمهد لاندلاع نزاعات إضافية، كما تساهم في تقويض أسس الدول وتضربها في وجودها وأعماقها. 

وذكر سعيد أن تلك التحديات تساهم كذلك في تقويض الجهود المبذولة لتعزيز الديمقراطية والتقدم الاجتماعي والاقتصادي في عدد من المناطق في العالم، وخاصة في القارة الأفريقية التي عانت من التهميش والحروب.

ولفت الانتباه إلى أن أنهاء الحرب، على أهميته القصوى، لا يؤدي بالضرورة إلى السلام الدائم في تلك المناطق، وأن وقف إطلاق النار خطوة ضرورية نحو التسوية السلمية لكنه غير كاف من أجل إنهاء النزاعات. 

وتحدث عن ضرورة اتخاذ مقاربة شاملة متعددة الأطراف وطويلة الأمد تركز على معالجة الأسباب الهيكلية العميقة للصراع وفي مقدمتها عوامل الهشاشة.

وبين في هذا السياق، أن "تلك العوامل تشمل الفقر، والبطالة، والتهميش، والإقصاء، وتراجع مؤشرات التنمية البشرية، وتدني فعالية مؤسسات الدولة، وهذا من أكبر المخاطر التي تهدد الدول، كما ضعف الحوكمة، إلى الإرهاب، والتطرف العنيف، ونشاطات الجريمة المنظمة العابرة للحدود، فضلاً عن تأثيرات التغييرات المناخية، وشح الموارد، وانتشار الأوبئة".

وقال إن "تلك العوامل لا تغذي بعضها بعضاً فحسب، بل تدفع كذلك باتجاه يؤجج مظاهر العنف، والنزاعات، والصراعات، وتعمق تأكل التماسك الاجتماعي، وتتسبب في موجات اللجوء والهجرة غير المنظمة، كما تمثل تقويضاً جدياً لجهود الحكومات والمجموعات الدولية لتحقيق الاستقرار في المراحل التي تلي النزاعات". وناشد الرئيس التونسي مجلس الأمن الدولي باعتماد مفهوم أشمل وأوسع لمفهوم الأمن الدولي يأخذ بعين الاعتبار التداخل والتفاعل بين عوامل الهشاشة من ناحية والعنف والنزاعات المسلحة من ناحية أخرى. 

وأكد الرئيس التونسي على ضرورة أن تكون الأدوية واللقاحات لجائحة كورونا متاحة للجميع حيث "لن يكون أحد في مأمن ما لم يكن الجميع في مأمن".

كما أكد بمناسبة تولي بلاده رئاسة مجلس الأمن الدولي على " التزام الجمهورية التونسية بمواصلة خدمة السلم والأمن والتنمية المستدامة من أجل تحقيق التطلعات المشروعة لكل شعوب الأرض إلى عالم أكثر أمناً وعدلاً وازدهاراً لا يتخلف فيه أحد عن الركب".

وأضاف "ومن بين الحقوق المشروعة التي يجب التذكير بها والتأكيد عليها في كل اجتماع وفي كل مقام حق الشعب الفلسطيني في أرضه". 

من جهته، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، خلال مداخلته على ضرورة دراسة الصلات بين هشاشة الدول وبين النزاعات من أجل ضمان أفضل للسلم والأمن الدوليين. 

ولفت الانتباه إلى أن الهشاشة والنزاع من أكبر العوائق لتنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030.

وقال "إنه ووفقاً لتقرير الهشاشة والنزاع الصادر عن البنك الدولي يعيش خمس سكان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالقرب من منطقة نزاع. أدى ذلك إلى تزايد الاحتياجات الإنسانية لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ الحرب العالمية الثانية. إضافة إلى ذلك فإن عدد الناس المعرضين للمجاعة قد تضاعف. وتعرضت الآليات الدولية لإدارة النزاعات لضغوطات قد تتجاوز قدرتها على التحمل".
وذكّر غوتيريس بأن جائحة كورونا أدت إلى زيادة نسب الفقر المدقع حول العالم للمرة الأولى منذ 22 عاماً. وقال "من المتوقع أن يؤدي الانكماش الاقتصادي في البلدان الهشة والدول التي تعاني من النزاع إلى ازدياد عدد الفقراء ما بين 18 و27 مليون شخص".

كما تحدث عن تراجع مشاركة المرأة في سوق العمل إلى مستويات غير مسبوقة منذ عقود، كما اتسعت الفجوة بين الجنسين، وهما شرطان من شروط النمو الجامع. وقال إن "أزمة المناخ سبب آخر من أسباب الاضطرابات الأمنية". وبين أنه "من أجل الخروج من دائرة الفقر والنزاع يجب أن تتخذ الدول عدداً من الخطوات من بينها التكافل ومقاربة شاملة من أجل بناء السلام والحفاظ عليه مع التركيز على الصلة بين العمل الإنساني والتنمية والسلام". 

أما رئيس الاتحاد الأفريقي، موسى فقي محمد، فوصف اجتماع مجلس الأمن حول هشاشة الدول وصون السلام بأنه في صلب شواغل الاتحاد الأفريقي. وتحدث عن عمل الاتحاد الأفريقي على تعزيز مبدأ الحلول الأفريقية للمشاكل الأفريقية، مؤكداً أن تلك المقاربة ساعدت على معالجة عدد من النزاعات والأزمات في القارة ومعالجة أسباب جذرية أخرى للنزاعات. 

وحول الاتفاق الإطاري الذي وقع بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة حول السلم والأمن والتنمية، قال "إنه يرس الأسس للتعاون والعمل المتبادل مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة القضاء على الأسباب الجذرية التي تواجه عدداً من الدول الأفريقية وتوفير الاستجابات المناسبة لمنع النزاعات في أفريقية كما معالجتها". 

المساهمون