إسرائيل تستهدف محيط قاعدة حميميم وتهدّد التفاهمات مع روسيا

04 أكتوبر 2024
طائرة سوخوي سو-35، قاعدة حميميم، 26 سبتمبر 2019 (ماكسيم بوبوف/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- توسيع الهجمات الإسرائيلية في سوريا: استهدفت إسرائيل مستودع أسلحة لحزب الله في ريف اللاذقية، مما يُعتبر خروجًا عن التفاهمات السابقة مع روسيا، حيث لم تُستهدف قاعدة حميميم الروسية ولم تشارك الدفاعات الروسية في صد الهجوم.

- تداعيات على التفاهمات الروسية الإسرائيلية: يُهدد الهجوم التفاهمات بين روسيا وإسرائيل المبرمة في أكتوبر 2021، مع عدم صدور موقف رسمي من موسكو، مما يثير تساؤلات حول مستقبل هذه التفاهمات في ظل التوترات المتزايدة.

- تحليل وتوقعات مستقبلية: يُعتقد أن الهجوم يأتي ضمن الاستهداف المتواصل لأذرع إيران، خاصة حزب الله، مع توقعات بانتهاء مرحلة التخادم بين إيران والغرب وإسرائيل وبدء مرحلة جديدة لإبعاد المليشيات الإيرانية عن الحدود الإسرائيلية.

وسّعت إسرائيل دائرة هجماتها في سورية، فقصفت ما يُعتقد أنه مستودع أسلحة فيه شحنات ذخيرة لحزب الله اللبناني في ريف اللاذقية، غربي البلاد، على أطراف قاعدة حميميم الجوية، القاعدة الروسية الأكبر في شرق المتوسط، في خطوة ربما تُقرأ على أنها خروج عن سياق تفاهمات سابقة بين تل أبيب وموسكو ظلت لسنوات تحكم التحرك الإسرائيلي في مناطق خاضعة لنفوذ روسيا في سورية.

مستودع أسلحة في محيط قاعدة حميميم

وذكرت مصادر من وحدات الرصد والمتابعة التابعة للمعارضة السورية، لـ"العربي الجديد"، أن بارجة حربية إسرائيلية استهدفت، فجر أمس الخميس، من البحر المتوسط، بعدة صواريخ بعيدة المدى، مستودعاً للأسلحة يخص الحرس الثوري الإيراني بالاشتراك مع حزب الله اللبناني بالقرب من بلدة حميميم في منطقة جبلة بريف محافظة اللاذقية، شمال غربي سورية. ونفت المصادر تعرض قاعدة حميميم الجوية التابعة للقوات الروسية لأي استهداف إسرائيلي، مبينةً أن فرق الإطفاء التابعة للنظام السوري أخمدت الحرائق التي اندلعت في مُحيط المستودع الناجمة عن الانفجارات بعد ساعات متواصلة من العمل. وفيما ذكرت مواقع إلكترونية موالية للنظام أن الدفاعات الروسية شاركت بكثافة في التصدي للهجوم الإسرائيلي، أكدت المصادر لـ"العربي الجديد" أن الدفاعات الروسية لم تشارك مطلقاً في صد الهجوم.

هذه المرة الأولى التي تستهدف فيها إسرائيل أهدافاً إيرانية في محيط قاعدة حميميم الروسية

وهذه هي المرة الأولى التي تستهدف فيها إسرائيل أهدافاً إيرانية في محيط قاعدة حميميم الروسية، في خطوة ربما تهدد تفاهمات روسية إسرائيلية أبرمت، في أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2021، بين رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها نفتالي بينت، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حكمت العلاقة بين الجانبين في الأجواء السورية. وقال بينت عقب عودته من روسيا في ذلك العام: "توصلت مع الرئيس الروسي إلى تفاهمات جيدة ومستقرة بشأن سورية"، مضيفاً أنه "بطريقة ما، الروس هم جيراننا في الشمال (سورية)، ومن المهم أن ندير الوضع الدقيق والمعقد هناك بسلاسة ومن دون وقوع حوادث". لكن الهجوم الذي شنته تل أبيب فجر أمس ربما لم يكن تحت سقف التفاهمات المشار إليها، خصوصاً أن طهران ما كانت لتخزّن أسلحة في محيط قاعدة حميميم الروسية من دون تنسيق مع الجانب الروسي. ولم يصدر أي موقف رسمي من موسكو حيال الضربة الإسرائيلية حتى عصر أمس.

ويشي الاستهداف الإسرائيلي، الذي لا يكاد يتوقف، لأهداف إيرانية وأخرى لحزب الله في سورية، بأن تل أبيب بصدد توسيع دائرة التصعيد غير آبهة بتبعات استفزاز الجانب الروسي، أو غيره من أطراف الصراع في الشرق الأوسط. وكانت وزارة الدفاع الروسية قد وسّعت، في عام 2021، قاعدة حميميم الجوية، التي كانت قد تحولت في العام 2015 إلى منطلق للطيران الروسي، الذي تدخل في سبتمبر/ أيلول من ذاك العام لحماية النظام السوري من السقوط، تحت وطأة ضربات فصائل المعارضة السورية. وتضم القاعدة مقر قيادة القوات الروسية في سورية، ويوجد فيها ما يسمّى بـ"مركز المصالحة الروسي" (تديره وزارة الدفاع الروسية بهدف تحقيق مفاوضات السلام بين أطراف المعارضة والنظام السوري)، وغرفة العمليات الرئيسية التي تُدار منها الأعمال القتالية في سورية.

وتلاحقت الغارات الإسرائيلية خلال الأيام القليلة الماضية مستهدفة بشكل خاص العاصمة دمشق، وفي الجنوب الذي شهد ضربات الثلاثاء الماضي، استهدفت منظومة الرادار والإنذار المبكر، وفي الغرب حيث استُهدف ما يبدو أنه من أكبر مستودعات السلاح والذخيرة. وهذه ليست المرة الأولى التي تستهدف فيها تل أبيب أهدافاً إيرانية في الساحل السوري، خصوصاً في ريف طرطوس حيث يُعتقد أن للحرس الثوري الإيراني هناك أكثر من قاعدة. وقتل مطلع مارس/آذار الماضي ضابط بحري إيراني بارز هو العقيد رضا زارعي، في هجوم إسرائيلي استهدف مبنىً في منطقة بطرايا بمحيط بانياس، في ريف محافظة طرطوس.

أحمد القربي: هذه الضربة تُقرأ في أكثر من سياق

انتظار موقف موسكو

وتعليقاً على الضربة الإسرائيلية لمنطقة حميميم على الساحل السوري، أشار الباحث السياسي السوري أحمد القربي، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "هذه الضربة غير مسبوقة بهذه الطريقة"، مضيفاً أنه "لا بد من انتظار موقف موسكو، فهذه الضربة تُقرأ في أكثر من سياق. وأوضح أن الضربة "ربما هي بالفعل إعلان نهاية التفاهمات الروسية الإسرائيلية حول الأوضاع العسكرية في سورية، وربما تأتي في سياق تنفيذ مضامين هذه التفاهمات". ورأى أن الجانب الإسرائيلي "ربما أخذ ضوءاً أخضر للقيام بالضربة من الطرف الروسي"، مضيفاً أن "ردود الأفعال هي التي تحدد سياق هذه الضربة". كما أشار إلى أن العلاقة ما بين روسيا وإسرائيل "تأثرت منذ بدء الحرب الأوكرانية، في فبراير/ شباط 2022، "بسبب اتهام موسكو تل أبيب بتزويد الأوكرانيين بالسلاح"، وبرأيه، "ربما تحاول موسكو الإمساك بالعصا من الوسط في علاقتها مع الإيرانيين والإسرائيليين، بحيث سمحت لطهران بتخزين أسلحة في محيط حميميم، وفي الوقت نفسه، لم تبد أي ردة فعل حيال استهدافها من تل أبيب".

عبد الجبار عكيدي: مرحلة التخادم بين إيران والغرب وإسرائيل قد انتهت

من جهته، رأى المحلل العسكري السوري العقيد عبد الجبار عكيدي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الضربة الإسرائيلية على مستودع سلاح وذخيرة في محيط قاعدة حميميم الروسية "تأتي في سياق الاستهداف المتواصل لأذرع إيران في المنطقة، لا سيما حزب الله اللبناني". ويبدو وفق عكيدي أن "أن التوتر في المنطقة انزلق إلى حرب شاملة تقريباً على حزب الله وملاحقته في كل مكان في سورية، من العاصمة دمشق إلى دير الزور شرقاً والآن في الساحل". وأشار إلى أنه "من غير الواضح ما إذا كانت طهران قد تخلّت عن مليشياتها وأذرعها في المنطقة، مقابل الحفاظ على مشروعها النووي والبقاء بمأمن عن الهجمات"، مضيفاً أنه "يبدو أن مرحلة التخادم بين إيران والغرب وإسرائيل قد انتهت، وبدأت مرحلة جديدة تقوم على إبعاد المليشيات الإيرانية عن الحدود الإسرائيلية. وباعتقاده، "ستكون هناك اتفاقيات وتفاهمات جديدة في المنطقة مختلفة تماماً عن السابقة".

المساهمون