كشف حقوقيون مصريون أن نيابة أمن الدولة العليا أخلت سبيل المتحدث العسكري السابق، العميد محمد سمير، بكفالة مالية قدرها مئة ألف جنيه، بعد التحقيق معه في بلاغ مقدم من المحامي سمير صبري، يتهمه فيه بـ "نشر أخبار كاذبة"، و"التحريض على العنف"، على خلفية نشره مقالاً بعنوان "لا تغتالوا الأمل" في موقع "فيتو"، المملوك لرجل الأعمال نجيب ساويرس.
وانتقد سمير في مقاله المنشور بتاريخ 18 سبتمبر/أيلول الماضي (حُذف لاحقاً) طريقة إدارة الحياة السياسية في مصر، لا سيما آلية اختيار المرشحين لمجلس النواب المقبل، معتبراً أنها "تكرار لطريقة اختيار المرشحين في مجلس الشيوخ، والتي تسببت في عزوف واسع للناخبين عن المشاركة، كونهم يفتقدون للحد الأدنى من الكفاءة المهنية، فضلاً عن أنهم غير معروفين للعامة في الدوائر الانتخابية".
وكتب مدير "مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف"، الحقوقي المصري أحمد سميح، قائلاً في تدوينة له على موقع "فيسبوك": "هل تعلم أن المتحدث العسكري السابق، العميد محمد سمير، أخلي سبيله من سراي نيابة أمن الدولة العليا بكفالة مالية 100 ألف جنيه، بعد التحقيق معه بسبب مقاله (لا تغتالوا الأمل)"، مستطرداً في لهجة ساخرة "الصحافة مش (ليست) جريمة".
وكان سمير قد قال في مقاله المحذوف: "أكاد أسمع أصواتهم، وهم يقولون لهذا النوع من المسؤولين: نشكركم على حسن تعاونكم معنا، وذلك بغرض قيام ثورة شعبية جديدة تقضي على الأخضر واليابس"، مطالباً الرئيس عبد الفتاح السيسي بالاعتماد على الكفاءات الحقيقية، وأن ينقي ثوب مصر "الطاهر"، مما لا يزال يعلق به من أدران بعض المسؤولين، والذين يعدون أشد خطراً على الوطن من كل أعدائه في الخارج.
حديث سمير لا يختلف كثيراً عن ما قاله المحامي المعروف طارق سعيد جميل، الذي قررت نيابة أمن الدولة حبسه لمدة 15 يوماً على ذمة التحقيق، إثر القبض عليه في منزله بتهمة انتقاد رئيس الجمهورية، في مقطع فيديو نشره على صفحته بموقع "فيسبوك"، وهاجم فيه اختيارات أجهزة الدولة للمرشحين في انتخابات مجلسي النواب والشيوخ.
وشغل سمير منصب المتحدث العسكري للجيش المصري خلال الفترة من 1 يوليو/تموز 2014، وحتى 1 يناير/كانون الثاني 2017، خلفاً للعقيد أحمد محمد علي الذي أبعده السيسي عن منصبه على خلفية تورطه في علاقات نسائية "غير مشروعة" أثناء شغله المنصب، وعقب تقاعده؛ عُيّن سمير رئيساً لمجلس إدارة شبكة قنوات "العاصمة" بعد الاستحواذ عليها من المخابرات، لكنه لم يستمر في منصبه طويلاً.
وقاد سمير حملة ضد الضابط بجهاز المخابرات العامة، والمشرف على ملفي الإعلام والشباب في مصر، المقدم أحمد شعبان، شملت بث أخبار وحملات لجان إلكترونية عن استغلال الأخير لنفوذه في التربح مادياً، من خلال الحصول على رشاوى وعمولات، علاوة على تورطه في قضايا أخلاقية، وهي مناوشات معلومة للجميع بسبب الإطاحة بالأول من المشهد الإعلامي بـ "فعل فاعل".
وكان سمير قد هاجم شعبان، من دون أن يسميه، قائلاً في مقال سابق له بموقع "فيتو"، إنه "من أهل الحظوة"، و"نقل الإعلام إلى النموذج الأفشل"، في أعقاب منع زوجته الإعلامية إيمان أبو طالب من العمل في القنوات الفضائية المختلفة بتعليمات من شعبان، بالإضافة إلى منع سمير نفسه من تولي أي موقع في المنظومة الإعلامية التي يشرف عليها الضابط المقرب من رئيس المخابرات العامة.
ويوم الثلاثاء الماضي، تقدم المحامي المدفوع من النظام، سمير صبري، ببلاغ إلى النائب العام ضد سمير، قال فيه: "فوجئنا بمقال للمتحدث العسكري السابق يهاجم فيه الأحزاب، ويتهمها بأنها تدار بالمجاملات، وأن لغة المال السياسي، والمصالح الخاصة، هي التي تتحكم في المشهد السياسي، وأنه النهج نفسه الذي كانت تسير عليه الأحزاب قبل وقت طويل، ما يصنع مشهداً سياسياً عبثياً".
وأضاف البلاغ: "ما سطّره المُبلغ ضده يبث في قلوب الشعب الريبة، ويحمل في باطنه السلبية، ويحث الشعب على عدم المشاركة في انتخابات مجلس النواب، باعتبار أن هذا المجلس هو مخيب للآمال، وسوف يفشل، وهو ما يندرج تحت طائلة القانون، وذلك لارتكابه جريمة نشر أخبار كاذبة، وزعزعة استقرار البلاد، ودعوة الشعب لعدم المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة".