تركيا: المعارضة تحرّك قانون "عتبة الأصوات"

08 ديسمبر 2014
تعدّ الأحزاب الكردية والإسلامية الأكثر تضرّراً من القانون (الأناضول)
+ الخط -

يعود النقاش مجدداً في صفوف الأوساط السياسية التركية حول قانون الحدّ الأدنى من نسبة الأصوات، التي تخوّل أيّ حزب الدخول إلى البرلمان التركي، مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية العامة المقررة في شهر يونيو/ حزيران المقبل. ويفرض القانون على أي حزب تركي، الحصول على ما يقلّ عن 10 في المئة من الأصوات للدخول إلى البرلمان، علماً أنّ هذه النسبة تُعدّ من أعلى النسب في العالم.

وكان انقلابيو العسكر قد وضعوا هذا القانون إثر انقلاب 1980، لمنع الأحزاب ذات الجذور الإسلاميّة والمحافظة وتلك الكرديّة من دخول البرلمان. وفيما ينجح حزب "العدالة والتنمية" في تخطّي هذه العتبة، لا تزال الأحزاب الكرديّة، وخصوصاً الأجنحة السياسية للعمال الكردستاني، تحاول التحايل على هذا القانون، عبر ترشيح مرشّحين مستقلين في المناطق ذات الأغلبية الكرديّة في جنوب وجنوب شرقي البلاد، حيث يقوم هؤلاء المرشحون بعد نجاحهم في الانتخابات بتشكيل كتلتهم النيابية، إذ يجب أن تتشكل الكتلة على الأقل من 21 نائباً من أصل 550 نائباً يضمّهم البرلمان، وهذا ما يقوم به الآن "حزب الشعوب الديمقراطي"، الجناح السياسي للعمال الكردستاني.

ووعد حزب "العدالة والتنمية"، عندما كان في المعارضة، بتخفيض هذه النسبة إذا وصل إلى الحكم، معتبراً إياها غير عادلة، لكن بعد تولّيه السلطة، تراجع الرئيس الحالي، رجب طيب أردوغان، وكان حينها رئيساً للوزراء، عن هذه الوعود، وبات يعتبر هذه النسبة مهمة "للحفاظ على الاستقرار".

وتعيد تصريحات رئيس المحكمة الدستوريّة العليا، هاشم كيليج، القضيّة مجدداً إلى الواجهة، بعد أن أكّد الأخير أنّ المحكمة تنظر بدعوى رفعتها بعض أحزاب المعارضة ضدّ هذه النسبة، باعتبارها غير دستوريّة، لتأتي ردة فعل رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، في حوار تلفزيوني، يوم الخميس الماضي، شديدة. وأكّد داود أوغلو أنّهم كحزب يثقون بأنفسهم جيداً، ولا يخافون من حاجز الـ10 في المئة، مشدداً على أهميّة الانتخابات النيابية المقبلة التي ستشهدها البلاد في أيار/ مايو المقبل.

ويضع داود أوغلو حالة الجدل الكبيرة، التي ظهرت في تركيا أخيراً حول حاجز الـ10 في المئة، في سياق مساعٍ لخلق علامات استفهام جديدة حول الاستقرار في البلاد، على حدّ قوله.
وتبدو هذه العتبة غير عادلة لأحزاب المعارضة، لأنّ الميّزات التي تمنحها للأحزاب السياسيّة التركيّة تقتصر على الأحزاب الكبيرة فقط والتي تنجح في الحصول على عدد كبير من المقاعد النيابيّة. ولا يطال الظلم جراء هذه النسبة الأحزاب الكردية فحسب، بل أيضاً بعض الأحزاب الإسلاميّة، كحزب السعادة الذي يُعتبر وريث حزب الرفاه، الذي أسّسه رئيس الوزراء التركي الأسبق، نجم الدين أربكان. ويعتقد حزب "أنصار الشعوب الديمقراطي"، بأنه لولا هذه العتبة لكانت مقاعده في البرلمان تراوح بين الأربعين والخمسين في المئة، بينما هي الآن لا تتجاوز 21 مقعداً من أصل 550 مقعداً نيابياً.
وكان تعديل هذه العتبة أحد الشروط التي كان يطالب بها زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان، الذي يقضي حكماً بالسجن المؤبد في جزيرة إميرالي التركيّة، إضافة إلى وقف الهجمات العسكريّة ضدّ "العمال الكردستاني" والافراج عن جميع المعتقلين من تنظيم اتحاد المجتمعات الكردستانية والذي يُعتبر المظلة التي تضم جميع المنظمات التابعة للعمال الكردستاني، واعتبار الأخير الطرف الذي يجري التفاوض معه لحلّ القضيّة الكرديّة.

وكان شرط تخفيض العتبة قد وضع بعد انهيار المحادثات التي أجريت بين الحكومة و"العمال الكردستاني"، في العاصمة النرويجية أوسلو، وقبل استفتاء أيلول عام 2010، على تعديل بعض المواد الدستوريّة.

وحصل أوجلان على ثلاثة من الشروط الأربعة التي كان يطالب بها، إذ بات بطبيعة الحال المفاوض الوحيد في المحادثات التي بدأت عام 2012 بشكل غير مباشر عبر مدير جهاز الاستخبارات التركي، حاقان فيدان. كما تم إطلاق سراح معظم أعضاء اتحاد المجتمعات الكردستانية من السجون التركية، وتحوّل الجيش التركي من الهجوم إلى حالة الدفاع على الرغم من تنامي وجود "العمال الكردستاني" العسكري، مدعوماً بالأزمة السوريّة وما أفرزته من تحالف دولي ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" بقيادة الإدارة الأميركية.
في المقابل، يكاد حزب "الشعوب الديمقراطي"، يكون صامتاً أمام كل هذا النقاش، في ما يبدو وكأنّه اتفاق على إبقاء "العدالة والتنمية" القوة المهيمنة على البرلمان لقناعة الحركة القوميّة الكرديّة بأنه الحزب الوحيد القادر على إتمام وتمرير عملية السلام بكل ما يتطلبه ذلك من إحكام قبضة الأخير على البرلمان.

المساهمون