التعديل الحكومي في السعودية: غربلة "خدمية" وثوابت لا تُمَسّ

10 ديسمبر 2014
لم يحدث تغيير في الوزارات الأساسية (ألين جوكارد/فرانس برس)
+ الخط -
أقرّ العاهل السعودي عبدالله بن عبدالعزيز تعيين 8 وزراء جدد في عدد من القطاعات الخدمية، كالصحة والنقل والزراعة والشؤون الاجتماعية، إضافة إلى ملء الفراغ في كرسي وزارة الثقافة والإعلام، إذ ظلّ شاغراً بعد إعفاء وزيرها السابق عبدالعزيز خوجة، الذي أغلق إحدى القنوات الطائفية عقب حادثة الاعتداء المسلح على حسينية في الأحساء الشهر الماضي.


ولم يمسّ التغيير أيّاً من الحقائب الأطول عمراً بين الوزارات السعودية، وهي وزارة الخارجية التي يتولاها الأمير سعود الفيصل منذ 39 عاماً، وكذلك وزارة البترول والثروة المعدنية التي يتولاها علي النعيمي منذ 19 عاماً، إضافة إلى وزارة المالية التي يتولى شؤونها إبراهيم العساف منذ 18 عاماً. مع العلم أن الأخير كان معرّضاً للعزل بحسب بعض الأصوات القريبة من اتخاذ القرار في السعودية، وذلك بعد الحملة الشعبية التي أطلقها نشطاء في شبكات التواصل الاجتماعي، بعنوان "الراتب ما يكفي الحاجة"، غير أنها لم تفلح في زحزحته من كرسيه.

واعتبر مراقبون أن نموذج وزير التجارة الحالي توفيق الريبعة "تسبّبَ في حرجٍ للعديد من الوزراء، إذ حرص على القيام بخطوات استباقية ضدّ العديد من المخالفات التجارية، التي تلامس هموم الناس اليومية، لذلك كان مستبعداً من أي تغيير وزاري قادم، خصوصاً بعدما تحوّل من وزير خدمي إلى نجم تتبعه الفلاشات ويدافع عنه النشطاء في شبكات التواصل الاجتماعي، بوصفه وزيراً للشعب".

ويرى مراقبون أن التغيير الوزاري كان متوقعاً بعدما انتهت المدّة النظامية لتولي الوزراء لمناصبهم منذ عامين، إلا أنّ التأخير ارتبط بمجموعة مستجدات كان أبرزها إنشاء وزارة جديدة، وهي وزارة الحرس الوطني، ووضع نجل الملك متعب بن عبدالله على رأسها، وكذلك الاستغناء عن خدمات وزير الثقافة والإعلام ككبش فداء للاحتقان الطائفي الذي أسفرت عنه حادثة الأحساء الأخيرة.
وشهد التعديل الوزاري تغييرات جوهرية على خارطة التعيينات القيادية في السعودية، إذ تم تعيين محمد آل هيازع وزيراً للصحة، وهو من المنطقة الجنوبية للبلاد، في سابقة هي الأولى من نوعها. كما خرجت وزارة الثقافة والإعلام من سيطرة المنطقة الغربية بعد سنوات تعاقبت عليها. وجرى تعيين عبدالعزيز الخضيري، وزيراً للثقافة والإعلام، وهو من منطقة القصيم وسط السعودية.


غير أن مغرّدين في شبكات التواصل الاجتماعي "تويتر" حرصوا أول أمس، على بث مقابلة قديمة للوزير الجديد، وهو يثني فيها على الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، ويذكر فيها أنه رجل تقيّ ونقيّ، مطالباً القوى السياسية آنذاك بإعطائه الفرصة الكاملة لتقديم ما عنده. واعتُبر ذلك مؤشراً يدينه أمام السلطات، خصوصاً أنّ جماعة "الإخوان المسلمين" تعدّ من الجماعات المحظورة في السعودية. كما تم نشر عدد من تغريداته السابقة التي يهاجم فيها الليبرالية، وهو الأمر الذي اعتبره البعض مقلقاً لنشر فكر متشدد في وزارة ظلت لعقود ملجأ الحداثيين والليبراليين.

ولفت محللون إلى أن وزير التربية والتعليم الحالي، الأمير خالد الفيصل، كان له يد في التعيينات الجديدة، إذ أن الوزير الخضيري كان وكيلاً له في إمارة مكة المكرمة، وكذلك وزير التعليم العالي خالد السبتي كان نائباً له، فيما كان وزير الزراعة وليد الخريجي مديراً للزراعة في الطائف، التي تبعد عن مكة المكرمة 68 كيلو متراً، ويعمل تحت إمرة الأمير خالد. هذا إضافة إلى وزير النقل عبدالله المقبل الذي هو أخ للفيصل بالرضاعة. ولكن البعض قلل من أهمية هذه الاعتبارات، ورأى في التعيينات أمراً عادياً.
وتضمنت التعيينات الجديدة إعفاء وزير الشؤون الإسلامية، صالح آل الشيخ، من منصبه بناء على طلبه، وتعيين الدكتور سليمان أبا الخيل وزيراً للشؤون الإسلامية، وهو مدير جامعة الإمام محمد بن سعود، التي عُرفت عنها الحدّة في الخطاب مع جماعات الإسلام السياسي.
ولدى "أبا الخيل" مواقف حادة ضدّ ذهاب السعوديين للقتال في سورية، ويدعو إلى وجوب السمع والطاعة لولي الأمر، ويحذّر من الانتماء إلى الأحزاب والجماعات. وقدّم العديد من البرامج الدينية على القنوات الإعلامية المختلفة.
كما تم إعفاء وزير التعليم العالي خالد العنقري، بعدما قضى في منصبه 24 عاماً، وتم تعيين خالد السبتي في منصبه. كما تم إعفاء وزير الاتصالات وتقنية المعلومات، محمد جميل ملا، من منصبه وتعيين فهاد الحمد. وأعفي وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور يوسف العثيمين بعد 7 سنوات قضاها في منصبه، وتم تعيين سليمان الحميد. إضافة إلى وزير الزراعة فهد الغنيم، الذي عُين مكانه وليد الخريجي، فيما أُعفي وزير النقل جبارة الصريصري، وجرى تعيين عبدالله المقبل وزيراً للنقل.
دلالات
المساهمون