مصر: سيناريوهان لتظاهرات "الشباب المسلم"

28 نوفمبر 2014
انتشار مكثّف للأمن في شوارع مصر (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -

لم يكن الداعون لتظاهرات اليوم في المحافظات والمدن المصرية، تحت شعار "انتفاضة الشباب المسلم"، يتوقّعون أن تلقى دعوتهم كل هذا الصدى، خصوصاً من جانب الدولة بكل أجهزتها.

وتروّج الأجهزة الأمنية لهذا اليوم بسيل كبير ومريب من التحذيرات، والاستعدادات الأمنية والتصريحات الإعلامية، والتقارير الصحافية، في تحسّب وتخوف واضح من تظاهرات اليوم غير الاعتيادية.

ويلوح في الأفق مساران، لا ثالث لهما، الأول يتمثّل في أن يصبح يوم "28 نوفمبر" يوماً فاصلاً على غرار "25 يناير"، وبداية لانهيار النظام الحاكم في مصر، فالتأهب الأمني وتصريحات مسؤولي وزارة الداخلية بالتعامل بالرصاص الحي مع التظاهرات، والإصرار على الانتفاضة من جانب الشباب، قد يدفع إلى مواجهة دموية.

وينذر هذا السيناريو بارتكاب قوات الشرطة والجيش مجازر جديدة، في مناطق مختلفة من البلاد، تحدث على إثرها انتفاضة شعبية، خصوصاً أن الكثيرين ممن صمتوا على مجازر فض اعتصامي رابعة والنهضة غير مستعدين للصمت على مجازر أخرى.

ويتلاقى هذا السيناريو مع معلومات كشفتها مصادر في وزارة الصحة المصرية لـ "العربي الجديد" عن "صدور تعليمات بإخلاء عدد من المستشفيات في نطاق محافظتي القاهرة والجيزة قبل تظاهرات اليوم، تحسباً لعدد كبير من الإصابات خلال هذه التظاهرات"، مضيفة "أن هذا الإجراء لم يحدث منذ حرب 6 أكتوبر التي انتصرت فيها مصر على الكيان الصهيوني".

وكانت قوات الجيش المصري، قد أعادت انتشارها أمس الخميس، على كافة الطرق والمحاور المرورية المهمة في مختلف محافظات الجمهورية، في الوقت الذي استمر فيه التلفزيون المصري في إذاعة فواصل منذ الأمس، حول استعدادات قوات الصاعقة والمظلات والشرطة العسكرية لمواجهة التظاهرات.

كما منعت إدارات السجون المختلفة الزيارة عن المساجين، واتخذت وزارة الشباب والرياضة قراراً بمنع أي أنشطة أو تجمعات رياضية في النوادي، وتأجيل مباريات الدوري العام المقررة اليوم.

ولم يكن إعلان تقرير تقصي الحقائق في "أحداث 30 يونيو"، أمس الأول الأربعاء، منفصلاً عن الحدث، فاللجنة التي وضعت التقرير كانت تُخاطب الخارج في الأساس، وحاولت أن تروّج خلال مؤتمرها الصحافي بأن جماعة "الإخوان المسلمين"، والمتحالفين معها، هم "مجموعة من الإرهابيين الذين يحملون السلاح ضد الدولة المصرية".

ويرى قيادي في جماعة "الإخوان المسلمين"، في حديث لـ "العربي الجديد"، "أن تضخيم أجهزة الدولة للتظاهرات، يثير الكثير من علامات الاستفهام وينبئ بأن هناك نية سيئة مبيّتة من جانب الأجهزة الأمنية في الدولة".

ويتساءل القيادي: "لو أن هذه الاستعدادات حقيقية، فكيف يكون هذا الحشد للقوات والاستنفار لأجهزة الدولة، في حين أن رئيس الدولة خارج البلاد في جولة أوروبية؟"، مضيفاً "ألم يكن من المنطقي تواجده لإدارة المشهد تحسباً لتطور الأوضاع وحدوث حالة من الانفلات؟".

مقابل هذا السيناريو الخطير، يلوح في الأفق مسار آخر، هو أن تخرج تظاهرات اليوم بشكل اعتيادي، لجهة الحشد والأعداد، كالتظاهرات التي تُنظّم أيام الجمعة من كل أسبوع ضد النظام، وهو ما يرجّحه بعض المراقبين.

ويستند هذا المسار إلى إعلان عدد غير قليل من القوى الثورية، والحركات الشبابية الفاعلة خلال ثورة 25 يناير، بل وقوى وأحزاب وتيارات محسوبة على التيار الإسلامي، عن عدم مشاركتها في التظاهرات، نظراً لصبغتها الإسلامية، وتركّز التظاهرات على شباب الإسلاميين، سواء من الجبهة السلفية، أو أنصار جماعة "الإخوان المسلمين".

ويدعمه بقوة أيضاً، أن جماعة "الإخوان المسلمين"، الأكبر عدداً والأكثر تنظيماً، على الرغم من تلاحق الضربات الموجهة لها قتلاً واعتقالاً، لم تكن هي الداعية للتظاهر، وإن قالت في بيان بعد تردد طال، إنها "تُثمّن الخروج للتظاهر".

ورأت الجماعة في بيان لها الأحد الماضي، أن "الدعوة جاءت حفاظاً على هوية الأمة والتي ناضل الشعب المصري، والإخوان جزءٌ منه، من أجلها، فهوية الأمة هي مصدر نهضتها وأساس تحررها، ولن يقبل الشعب بطمس هويته والحرب على مقدساته وتدمير المساجد وحرق المصاحف وقتل شبابه وسحل نسائه".

ولم يحضّ بيان الجماعة على المشاركة في تظاهرات الجمعة بشكل رسمي، غير أنها عادة ما تنظّم تظاهرات يوم الجمعة من كل أسبوع ضد السلطات الحالية، منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي.

وكانت صفحة "انتفاضة الشباب المسلم" قد أعلنت عبر موقع "فيسبوك" للتواصل الاجتماعي، عن أولى فعاليات "تظاهرات 28 نوفمبر"، التي أطلقت عليها مليونية صلاة الفجر. وطالبت الصفحة عمال مصر والفلاحين والطلاب وأهل المقابر والعشوائيات الخروج إلى صلاة الفجر، كل في مسجده ومنطقته، استعداداً للخروج من جميع المساجد بعد صلاة الجمعة.

وتُعدّ هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الدعوة إلى "ثورة إسلامية"، بشكل صريح، إذ تبنت الجبهة السلفية الفكرة، والتف حولها عدد كبير من شباب التيار الإسلامي.

وتُعتبر الجبهة السلفية الداعية للتظاهرات بمثابة حركة سلفية شبابية ليس لها انتشار واسع، وتنضوي تحت لواء تحالف "دعم الشرعية"، الموالي لمرسي.

وكانت الجبهة أعلنت في 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عن حشدها تظاهرات أطلقت عليها "انتفاضة الشباب المسلم"، لإعلان الثورة الإسلامية، ووصفت الانتفاضة بأنها "معركة الهوية".

من جهتها، طالبت حركة "أولتراس نهضاوي"، الحركة الشبابية المؤيدة لمرسي، في بيان سابق، "الشباب المصري بالنزول في كل ميادين مصر للمشاركة في التظاهرات لرفع راية الإسلام".

في المقابل، أعلنت "الجماعة الإسلامية"، المعارضة للنظام الحالي، والمؤيدة لمرسي، عدم موافقتها على هذه الدعوات أو المشاركة فيها.

وردّت الجماعة رفضها إلى الحديث المطلق لهذه الدعوات بأن الشريعة والهوية مقدمة على التوافق، وهو أمر غير صحيح، معتبرة أن "الدعوة تؤدي إلى مزيد من الاختلاف بين الإسلاميين، والاستقطاب بين أبناء الثورة، والتخويف من الإسلاميين، ومن الثورة ذاتها، ما يسهل قمعها، ويساعد على تجبيه قوى داخلية وأخرى إقليمية ودولية مع السلطة القائمة ضد هذه الثورة".

المساهمون