تركيا: أردوغان يكرّس نظاماً رئاسياً بـ"حكم الأمر الواقع"

21 يناير 2015
التحول للنظام الرئاسي لن يكون سهلاً (آدم ألطان/فرانس برس)
+ الخط -

تولى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يوم الإثنين، لأول مرة رئاسة اجتماع الحكومة منذ انتخابه في أغسطس/آب الماضي، ما أثار جدلاً كبيراً في الشارع السياسي حول قيام أردوغان بالوفاء بوعوده والتحول إلى ما يمكن تسميته نظاماً رئاسياً بحكم الأمر الواقع.

واستمر الاجتماع، الذي عقد في القصر الرئاسي الجديد، لأكثر من ثماني ساعات، وحضره رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو برفقة جميع الوزراء، إضافة إلى رئيس جهاز الاستخبارات حاقان فيدان وقائد قوات الجندرمة ثروت يوروك. وتناول الاجتماع، بحسب نائب رئيس الوزراء والمتحدث باسم الحكومة بولنت أرينج، عملية السلام الجارية مع حزب العمال الكردستاني وتطور الأوضاع في الأزمة السورية، فضلاً عن المعركة مع حركة الخدمة. كما استمع الرئيس التركي إلى تلخيصٍ لأداء الحكومة على المستوى الاقتصادي والسياسة الخارجية.

صحيح أنها ليست المرة الأولى في تاريخ الجمهورية التركية التي يقوم فيها الرئيس بتولي رئاسة اجتماع الحكومة، وهو الحق الذي تكفله المادة 104 من الدستور، لكن جميع المرات السابقة كانت مترافقة مع أزمات عالمية مثل قيام الرئيس التركي السابق، توركت أوزال، بترؤس اجتماع الحكومة إبان حرب العراق الأولى. وغالباً ما كانت تتم هذه الاجتماعات بدعوة من رئيس الوزراء، كما حصل عندما دعا بولنت أجاويد رئيس الجمهورية سليمان دميريل لترؤس اجتماع الحكومة.
لكن الأمر كان مختلفاً هذه المرة، فالدعوة كانت من قبل رئاسة الجمهورية، فيما أشارت مصادر إعلامية إلى أن أردوغان ينوي ترؤس اجتماع الحكومة بشكل دوري كل شهرين. وهي الخطوة التي لم ينفها أرينج، قائلاً إن "لرئيس الجمهورية الحق في ترؤس اجتماع الحكومة في أي وقت".

لا يبدو أن التحول إلى النظام الرئاسي سيكون سهلاً، إذ تتواتر التقارير في الصحافة التركية عن وجود خلافات بين أردوغان وداود أوغلو حول العديد من القضايا على الرغم من أن الأخير هو قائد الحزب ورئيس الحكومة الذي يتمتع بكافة الصلاحيات بحسب الدستور.

من هذه الخلافات عودة عقدة "الدورات الثلاث" إلى الواجهة مرة أخرى مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقرر عقدها في يونيو/حزيران المقبل، إذ إن القواعد الداخلية لحزب "العدالة والتنمية" تمنع أياً من أعضائه من شغل منصب نائب في البرلمان أكثر من ثلاث دورات برلمانية متتالية، ما يعني أن 72 نائباً عن العدالة والتنمية لن يستطيعوا أن يخوضوا الانتخابات المقبلة التي تحمل أهمية كبيرة للحزب الذي يسعى من خلالها إلى الحصول على أغلبية نيابية تتيح له تمرير تعديلات دستورية تفضي إلى التحول إلى النظام الرئاسي أو شبه الرئاسي.

وعلمت "العربي الجديد" من مصدر مقرب من العدالة والتنمية، رفض الكشف عن هويته، أن رئيس الوزراء اقترح التمديد الجزئي للنواب ليتمكنوا من خوض الانتخابات المقبلة، إلا أن أردوغان رفض الاقتراح بشدة، طالباً منه عدم طرح الموضوع مرة أخرى. وأكد المصدر أن أردوغان لديه نية تعيين بعض من النواب الذين لن يتمكنوا من خوض الانتخابات كمستشارين له في قصر رئاسة الجمهورية الجديد.

وكانت صحيفة "حرييت" التركية قد تحدثت الأسبوع الماضي عن قيام أردوغان بتوجيه انتقادات شديدة لداود أوغلو وسياسات الحزب الأخيرة خلال الاجتماع الخاص الذي عقده مع مجموعة من النواب وأعضاء في مجلس إدارة الحزب في القصر الرئاسي الجديد في العاصمة أنقرة في ظل غياب قائد الحزب.

وبحسب "حرييت"، فقد أبدى أردوغان في الاجتماع انزعاجه من الإجراءات الأخيرة "للشفافية" التي أعلنتها الحكومة لزيادة الشفافية والمساءلة في تمويل الأحزاب السياسية والحملات الانتخابية. ومما قاله أردوغان "لقد قمنا في ما مضى بإقرار بعض الأنظمة التي طرحناها مع حزمة الشفافية التي أصدرتها رئاسة الوزراء في مذكرة خاصة عام 2010"، مضيفاً "إن توقيت ومضمون مثل هذا الإجراءات مهم جداً، وأنا لا أجد طرحها صحيحاً قبل الانتخابات".

كما انتقد أردوغان، في الاجتماع نفسه، بحسب الصحيفة، آلية "التشاور" بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء، قائلاً إنها "لا تعمل بالشكل الكافي"، مشيراً إلى أنّ "النظام الرئاسي يحتاج إلى التشاور وتناغم في العمل". لكن أرينج نفى هذا الأمر، لافتاً إلى أن أردوغان أكد في اجتماع الحكومة أن "أولئك الذين يحاولون عرقلة الانسجام مع الحكومة أو أولئك الذين يحاولون تصوير وجود توتر بين الرئيس والحكومة مخطئون تماماً".

وكان النائب عن مدينة إزمير، وزير النقل السابق، ينالي يلدرم، المقرّب من أردوغان، أعلن عن هذا الاجتماع في نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي خلال مقابلة تلفزيونية، مشيراً إلى عزم الرئيس التركي ترؤس اجتماع الحكومة في بداية عام 2015. وهو ما أثار موجة غضب كبيرة من قبل داود أوغلو ونائبه بولنت أرينج الذي قال حينها إن "يلدرم لا يملك أي صفة رسمية، سوى أنه نائب عن مدينة إزمير، كما أنه ليس المتحدث باسم الرئيس. ومن الخطأ الفادح أن يصرّح من لا يمتلك أي صفة رسمية، بأن الحكومة ستجتمع تحت قيادة الرئيس. فهذا شأن يجب أن يبقى بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء".