أحمد شفيق: فرصة العودة الآن أو النهاية سياسياً؟

24 ديسمبر 2014
شفيق هو صاحب أكبر شعبية بين رموز مبارك(فرانس برس)
+ الخط -

يرى كثيرون في مصر، أن خطوة انتخاب الفريق أحمد شفيق بالتزكية رئيساً لحزب الحركة الوطنية، قبل أيام، المشكَّل بشكل رئيسي من "فلول" نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، ليست سوى أحدث إجراءات التمهيد لعودة الرجل من إقامته الإماراتية إلى بلاده، وهو الذي يسود شبه إجماع على أنه أقوى رموز النظام المخلوع، وصاحب الشعبية التي لا يُستهان بها، وقد ظهرت جلية خلال انتخابات العام 2013 حين أقصاه الرئيس المعزول، محمد مرسي، في الدورة الثانية.

انطلاقاً من أجواء التهيئة تلك، يختصر مراقبون الصورة بأنها توحي بأجواء طريق "الفلول" إلى العودة لاستعادة مناصب رفيعة انتزعتها منهم الثورة، وها هم يستعيدونها شيئاً فشيئاً تحت عنوان "البراءة للجميع" التي جسّدها حكم المحكمة لمصلحة مبارك وأبرز أفراد عائلته ومسؤولي حقبته.

وتبدو العودة المحتملة لأحمد شفيق أمام أحد احتمالين، لا ثالث لهما: إما أن يعود بالفعل قريباً وأن يصبح الناطق الأبرز باسم معسكر مبارك ورموزه، أو ألا يجرؤ على العودة، بما قد يعني طي صفحته ربما نهائياً، علماً أن الرجل، منذ خسارته أمام مرسي في العام 2012، خرج إلى الإمارات هرباً من قضايا مرفوعة ضده، منها قضية الاستيلاء على أراضٍ بشكل غير شرعي، ومعروفة بقضية "أرض الطيارين".

في حالة السماح بعودة شفيق إلى مصر، يُطرح تساؤل حول الدور الذي جاء من أجله، وطبيعته وشكل هذه العودة. لكن مصادر مقرّبة من المؤسسة العسكرية، تكشف أن "إنذاراً تم توجيهه إلى شفيق بأنه ليس رجل المرحلة، ولا يمكنه الإدلاء بتصريحات صحافية أو إعلامية حول الوضع في مصر"، وذلك في ردود مبطنة على إعرابه أكثر من مرة عن رغبته في العودة إلى مصر. وحتى الآن، على الرغم من تأكيدات قيادات حزب الحركة الوطنية، وباقي الأحزاب المكونة لتحالف "الجبهة المصرية" (أحزاب محسوبة على نظام مبارك)، بعودة شفيق القريبة إلى مصر، بيد أن كل المحاولات باءت بالفشل. وسبق لحزب الحركة الوطنية، أن حاول رفع اسم شفيق من قوائم منع الدخول إلى البلاد، وتم رفض هذا الطلب من دون إبداء أسباب لهذا الرفض.

ولم تملّ قيادات حزب الحركة الوطنية من التصريحات حول قرب عودة شفيق إلى مصر. وفي تصريحات شفيق المنشورة في إحدى الصحف المصرية أخيراً، أكد أن عودته إلى مصر "مسألة وقت بانتظار بعض الإجراءات القانونية".

وتضاربت الأنباء حول توقيت ذلك، خصوصاً مع إعلان محكمة مصرية براءة شفيق من قضية "أرض الطيارين" في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي. وكانت آخر الأحاديث عن توقيت عودته المحتملة إلى مصر، تشير إلى شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وهو ما أكده نائب رئيس حزب الحركة الوطنية، يحيى قدري. كلام مشابه صدر عن الأمين العام لحزب الحركة الوطنية، صفوت النحاس، إذ شدد، في مايو/أيار الماضي، على أن عودة شفيق باتت "قريبة جداً"، من دون أن يتحقق ذلك.

ويُنظر إلى شفيق باعتباره رمزاً يمكنه لمّ شمل رموز النظام السابق، لاسيما مع عدم توافر قائد لهذا المعسكر، في ظل عدم وجود قيادة تتمتع بهذه الشعبية، خاصة ما إذا نظرنا إلى ضعف شعبية مستشار الرئيس الحالي كمال الجنزوري، ورئيس لجنة الخمسين السابق عمرو موسى.

ويبدو أن شفيق ظلّ يهيّئ نفسه للحظة العودة، فيواصل متابعة تفاصيل السياسة المصرية ولا يزال يقود تحالف "الجبهة المصرية"، ويتابع السياسات العامة التي يقوم بها التحالف قبل الانتخابات البرلمانية المقبلة. حتى أن قيادات في حزبه، "الحركة الوطنية"، توجهت قبل فترة إلى دولة الإمارات للقائه، ولعرض مستجدات الأمر الخاص بالتحالفات الانتخابية واختيار مرشحي تحالف الجبهة. ويقول يحيى قدري إن شفيق "مُطّلع بشكل كامل على تفاصيل التحالفات والتنسيق داخل تحالف الجبهة المصرية".

وأضاف أن الحزب "يتشاور مع شفيق في كل كبيرة وصغيرة، مثل معايير اختيار المرشحين، واختيار بعض الأسماء لقيادة التحالف وقت تأسيسه، ووضع الأجندة التشريعية، والبرنامج العام"، حتى إن "شفيق مهتم بشكل كبير بالانتخابات المقبلة، ويريد لتحالف الجبهة حصد الأغلبية البرلمانية لإمكانية تشكيل حكومة جديدة"، على حد تعبير قدري.

وبدا من تصريحات قيادات حزب الحركة الوطنية، أن شفيق يبحث عن دور بارز قبل العودة لمصر، وليس الانتهاء من كافة التحقيقات في البلاغات والقضايا المقامة ضده فحسب؛ لكنّ حديثاً قديماً لمحامي شفيق، شوقي السيد، يكشف بعض تفاصيل عدم عودته لمصر، وربطها برفع اسمه من قوائم ترقب الوصول بموجب قرار من النائب العام، والانتهاء من كافة القضايا والبلاغات المقامة ضده.

وأوضح السيد، في الحديث المذكور، أن "عودة شفيق إلى مصر لا تتعلق بالأمور القانونية فحسب؛ بل هناك اعتبارات أخرى تتعلّق بمنصبه السياسي ودوره في الفترة المقبلة، وهو ما يتابعه مع مسؤولين أمنيين وسياسيين معنيين بالشأن المصري الحالي، في الوقت الذي يحاول مقربون منه عقد اجتماعات معه في دبي".

وأكد قدري، أنه "لا يمكن أن يعود شفيق وهو على ذمة قضايا أمام القضاء، فضلاً عن الرغبة في حصوله على منصب يليق بمكانته ودوره". وتعهد نائب رئيس الحزب بأن تشكل عودة شفيق "ضجة كبيرة في ميزان السياسة المصرية، وهناك أطراف لا تريد عودته لما له من شعبية كبيرة في مصر منذ فترة طويلة".

المساهمون