تونس: خلافة السبسي في "النداء" مؤجلة

27 ديسمبر 2014
السبسي يرغب في توسيع تركيبة الهيئة التأسيسية للنداء(أمين لاندولسي/الأناضول)
+ الخط -

بلغت النقاشات والمشاورات ذروتها داخل حزب "نداء تونس" في الأيام الأخيرة، في ظل تساؤلات حول مستقبل الحزب، نتيجة الخلافات بين أعضاء هيئته التأسيسية الموسعة حيال خلافة الباجي قائد السبسي في إدارة شؤون "النداء" بعد فوزه بكرسي رئاسة الجمهورية وإعلانه الاستقالة من رئاسة الحزب.

بعض الأخبار من داخل "النداء" وخارجه أشارت إلى أن رئيس مجلس نواب الشعب الحالي، محمد الناصر، سيكون خليفة السبسي، في حين أكد مصدر موثوق من الحزب عدم صحة الأمر. وأكد المصدر، لـ"العربي الجديد"، أنه لن يعلن في الفترة المقبلة عن اسم رئيس الحزب الجديد، بل ستواصل هيئته التأسيسية تسيير الحزب إلى حين تنظيم أول مؤتمر له في الأشهر القليلة المقبلة، مرجحاً أن تتم الخطوة في شهر يونيو/ حزيران المقبل.

وأوضح المصدر أنّ "السبسي يرغب في توسيع تركيبة الهيئة التأسيسية، وإضافة منصب نائب رئيس الحزب، فضلاً عن إدخال الناصر إليها إلى جانب نجل السبسي، حافظ، نظراً لشغله منصب المسؤول عن الهياكل الداخلية، وهو الأمر الذي يلقى اعتراضاً من بعض القوى. وسبق أن أدى ترشيح نجل السبسي على رأس قائمة في الانتخابات التشريعية إلى استقالات عديدة من الحزب انتهت بتنازل السبسي ونجله حافظ عن هذا الترشيح واستبداله بآخر.

وفي ما يتعلق بالمشاورات الجارية حول رئيس الحكومة وهويته السياسية، أكد مصدر آخر، لـ"العربي الجديد"، أنّ "السبسي والشخصيات القريبة منه، على غرار القيادي محسن مروزق، بصدد الدفع والإلحاح على أن يكون رئيس الحكومة شخصية مستقلة من خارج الحزب، وهو اقتراح واجه رفضاً من قبل أغلب أعضاء الهيئة التأسيسية التي تصرّ على أن يكون شخصية من داخل الحزب".

ووفقاً للمصدر، فقد "طُرح اسم القيادي والأمين العام للحزب، الطيب البكوش، بقوة، بالإضافة إلى رفض شديد لفكرة تعيين رئيس حزب آفاق تونس، ياسين إبراهيم، في هذا المنصب". ويشير المصدر إلى أن نواب البرلمان وممثلي "النداء" في مجلس الشعب لن يكونوا في الحكومة المقبلة، وهو ما حسمه الرئيس الجديد في كلمة له قبل أيام، لكن ذلك لم يحل دون اعتراض ثلاثة نواب من حزب النداء على ذلك، واعتبروا أنفسهم غير ملزمين بهذا القرار.

ويواجه حزب "نداء تونس"، منذ تأسيسه ولغاية حصوله على الأغلبية في مجلس النواب والفوز برئاسة الجمهورية، انتقادات لاذعة من الأوساط السياسية والشعبية تصفه بحزب "التجمع"، وهو الحزب الحاكم في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، كما تعتبره "تأسيساً جديداً لعودة منظومة الاستبداد والتغوّل والتحكّم في الدولة".

وهو ما أكده الرئيس التونسي المنتهية ولايته، المنصف المرزوقي، في أحدث خطاب له أمام أنصاره، وجعله يعلن عن تكوين "حراك شعب المواطنين" الذي سيكون، على حد قوله، "ركيزة الديمقراطية الحقيقية الرافضة لعودة النظام القديم والاستبداد من جديد ولسلطة النخب الفاسدة". وعدّت تصريحات المرزوقي إشارة واضحة لحزب "نداء تونس" الفائز في الانتخابات الرئاسية والتشريعية.

من جهتها، دعت الجبهة الشعبية، في بيان لها قبل أيام، إلى عدم تضمين الحكومة المقبلة لأسماء من الترويكا (التي كانت تضم حركة النهضة، حزب المؤتمر وحزب التكتل)، أو من رموز النظام القديم. كما سبق لها أن لمّحت، عشية الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، الى انها تعارض المرزوقي من جهة، لكنها تخشى عودة المنظومة القديمة من جهةٍ ثانية.

وتبرر هذه الاتهامات تركيبةُ "النداء" الذي انخرط فيه عدد لا بأس به من أنصار حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل، وهو ما جعل جزءاً من الطبقة السياسية والثورية تنعت "نداء تونس" بالحزب التجمعي وتتهمه بالسعي لعودة الاستبداد من جديد.

لكن يتيح التدقيق في هوية قيادات "النداء" القول إنه يعدّ خليطاً من النقابيين والحقوقيين واليساريين الذي ناضلوا زمن الرئيس الحبيب بورقيبة وزمن بن علي. وعلى الرغم من أنه يضمّ في تركيبته "تجمعيين"، إلا أنهم يُعَدّون من الصفوف الوسطى لا من القيادات أو محركي الحزب القديم، باستثناء رجل الأعمال فوزي اللومي، الذي أسهم في تمويل الحزب، ولا سيما عند تأسيسه إلى جانب زوجته سلمى اللومي. ويؤكد السبسي على أن هؤلاء لم يثبت تورطهم في أي من قضايا الفساد والاستبداد.

ويلتقي عدد من المحللين والسياسيين مع هذه القراءة، على غرار رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، الذي أكد، قبل أيام، في تصريح صحافي، أنّه "ليس متخوّفاً من عودة النظام القديم، وأنه من الخطأ اعتبار أن نداء تونس هو التجمع، بل هو خليط من وجوه نقابية ويسارية وحقوقية ورجال أعمال وتجمعيين جمعهم الباجي قائد السبسي بذكاء في ثوب جديد يوحي بالثقة والرصانة"، مؤكّداً أن لديه ثقة في أن الرئيس التونسي الفائز "سيتجنّب التغوّل في الحكم وسيتصرف بحكمة".

ويذكّر البعض من أنصار الحزب بالمغادرة السريعة للأمين العام لحزب التجمع المنحل، محمد الغرياني، من الحزب بعد أن رفضته قيادات وقواعد الحزب. كما أكد السبسي أن رئيس الحكومة المقبلة لن يكون من وزراء بن علي.

ويتركز الثقل الحقيقي للمنتمين سابقاً للتجمع على مستوى القواعد، وقد يبرز دورهم الفعلي في المؤتمر المقبل لـ"نداء تونس".

المساهمون