5 أشهر من الحرب: سكان دونباس في أوكرانيا منهكون وغاضبون

22 يوليو 2022
سكان دونباس تعبوا من الحرب والدمار (Getty)
+ الخط -

يسيطر اليأس والغضب على سكان شرق أوكرانيا المنهكين بعد خمسة أشهر من "حرب بلا رحمة، حرب وصلت إلى حدّ الجنون"، بحسب تعبير المتطوع في العمل الإنساني أولكسي يوكوف.

يدخل النزاع في أوكرانيا، الأحد، شهره السادس، غير أنه مستمر منذ ثماني سنوات في منطقة دونباس الصناعية والعمالية بشرق أوكرانيا، منذ أن سيطر انفصاليون موالون لروسيا ومدعومون منها على قسم من المنطقة في 2014.

ومع الغزو الروسي للبلد في 24 فبراير/شباط، دخل إقليم دونباس مرحلة جديدة.

فهو يشهد يوميا قصفا يطاول المدن والقرى الواقعة على طول خط الجبهة، متسببا بسقوط قتلى، أو بأفضل الحالات بتدمير منازل تتحول فجأة مع بساتينها إلى أنقاض.

حتى المدن الأبعد عن الجبهة مثل كراماتورسك، المركز الإداري لمنطقة دونيتسك، تبقى عرضة لضربات دامية.

وأفاد حاكم دونيتسك بافلو كيريلنكو بأن أكثر من 600 مدني قتلوا في المنطقة منذ بدء الاجتياح الروسي، فيما أصيب أكثر من 1600 آخرين بجروح.

واحتلت القوات الروسية بشكل شبه كامل لوغانسك، المنطقة الثانية الواقعة في دونباس، وتحاول حاليا السيطرة على دونيتسك. وإذا كانت الجبهة لم تشهد تغييرا يذكر في الأسابيع الأخيرة، إلّا أن حرب الاستنزاف التي يخوضها الطرفان تحدث أضرارا جسيمة.

إنهاك وغضب

في مدينة توريتسك، يرفع عسكري منهك يكسوه الغبار الرمادي بعد قصف أوقع ستة قتلى قبضته في إشارة انتصار، غير أن عينيه تخلوان من أي بصيص أمل.

وفي مدينة بخموت الواقعة على خطوط المواجهة الأولى، تصبّ امرأة غضبها على الصحافيين الذين تتهمهم بأنهم "يجلبون النحس"، واقفة بين أنقاض صيدليتها التي أصيبت بصاروخ تقول إنه أوكراني.

ففي منطقة دونباس التي لا تزال تعيش في ظل ماضيها السوفييتي، تنتشر النقمة على كييف المتهمة بإهمال المنطقة على مدى سنوات. وإن كان السكان منقسمين بين غالبية تنتظر وصول الروس وأقلية تؤكد أنها "أوكرانية"، إلا أن الشعور المشترك بين الجميع هو الإنهاك.

متروكون لمصيرهم

فالإحساس العام بين السكان الذين التقتهم وكالة فرانس برس في الأسابيع الأخيرة هو اليأس والعجز عن فهم ما يجري، فضلا عن الشعور بأنهم متروكون لمصيرهم.

في تشاسيف يار، المدينة التي طاولها قصف أوقع أكثر من 45 قتيلا في 10 يوليو/تموز، تجمع امرأة في الـ64 من العمر حبوب مشمش متعفنة عن الأرض أمام مبنى مدمر وسط خراب تام.

تصيح ليودميلا الأم لستة أطفال والجدة لـ12 حفيدا "ثمة أطفال ما زالوا مطمورين هنا! أهلهم ينادونهم لكن لا أحد يجيب!".

تقول السيدة رافضة كشف اسمها الكامل على غرار معظم الذين التقتهم فرانس برس: "لا أحد بحاجة إلينا هنا! لم يعد هناك شيء، المسؤولون غادروا، علينا أن نتدبر أمرنا للبقاء على قيد الحياة".

وغالبا ما يسجل غياب السلطات بعد أي ضربة، في حين يلزم العسكريون الصمت.

ولا تساور معظم المدنيين أي أوهام بشأن مسؤوليهم، سواء كانوا موالين لروسيا أو لا. وغالبا ما يتردد في الأحاديث أن "رئيس بلدية تلك القرية سيكون أول من سيهرب، ورئيس تلك القرية الأخرى سيكون أول من يتعاون مع الروس".

"كنت أحب حياتي"

دعت السلطات مرارا السكان إلى المغادرة، لكن كثرا ليس لديهم أي مكان يذهبون إليه.

تقول تيتيانا الخمسينية في بوكروفسك بعد ضربة طاولت عشرة مساكن في الشارع نفسه: "كنت أحب حياتي وعملي في مصنع في الجوار، كان لديّ منزلي، لم يكن منزلا خارقا، لكن كانت لدينا حياة جيدة".

ويندّد العديدون بكلام مبطن إلى حدّ ما بإقامة الجنود الأوكرانيين مقراتهم في مناطق سكنية أو مدارس أو منازل مهجورة.

وهذا الموضوع بالغ الحساسية، إذ إنه يقع في صلب الدعاية الروسية التي تبرر الضربات على مواقع مدنية بوجود عسكريين فيها.

وتقول امرأة في توريتسك بعد بضع ساعات من ضربة استهدفت حيّا سكنيا: "لا يجدر بي أن أتحدث إليكم، قد أواجه مشكلات، لكنني أتمنى أن يرحل العسكريون، أن يذهبوا ليقاتلوا في مكان آخر، ثمة أطفال وأناس عاديون هنا".

وتقول نينا تشوبرينو في كوستيانتينيفكا: "أخاف من الجميع، من الروس كما من الأوكرانيين".

ورفض متحدث باسم الجيش الأوكراني في دونباس التعليق على هذه المسألة ردّا على أسئلة وكالة فرانس برس.

من جهته، صرح الحاكم العسكري لمنطقة دونيتسك بافلو كيريلنكو لفرانس برس: "هذه هي الحرب. من المستحيل تفادي تدمير بنى تحتية أو أملاك".

(فرانس برس)

المساهمون