"العربي الجديد" تستطلع 3 نواب فرنسيين حول الاعتراف بفلسطين

28 نوفمبر 2014
يتطلّع الفرنسيون إلى اللحاق بدول أوروبية عدة (مصطفى يالسين/الأناضول)
+ الخط -

"يوم فلسطين في فرنسا"، هكذا يُمكن تلخيص مسار الجهد التشريعي لليسار الفرنسي، الذي تمكّن من رفع قرار "الاعتراف بالدولة الفلسطينية" إلى البرلمان، الذي سيناقشه اليوم، على أن يتمّ طرحه للتصويت في 2 ديسمبر/كانون الأول المقبل. وتُشكّل الخطوة الفرنسية امتدادا لمسارٍ أوروبي متحرّك، بدأته السويد وتلتها بريطانيا وإسبانيا، على أمل أن تعترف فرنسا بدورها بالحقّ الفلسطيني.

ووسط التفاؤل الفلسطيني والعربي واليسار الفرنسي، بإمكانية اللحاق بالدول الأوروبية الأخرى، يبقى موقف اليمين الفرنسي غامضاً. وفي هذا الصدد، يشير رئيس حزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية" اليميني، جاك ميار، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "فرنسا دعت دوماً إلى الاعتراف بالدولتين. وأنا أؤيد مسألة الاعتراف بدولة فلسطين. وأُذكر بأن (الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا) ساركوزي هو الذي أدخل فلسطين كدولة بصفة مراقب في الأمم المتحدة، وأن الحكومة الفرنسية منحت ممثل فلسطين في فرنسا، صفة السفير".

ويتابع "لا شكّ أنه يجب التصويت على القرار، لكنني أعتقد أن الاشتراكيين، وللأسف، يناورون في هذه القضية، كونهم لم يقوموا بصياغة نصّ القرار، بطريقة ينال إجماعاً فيها، خصوصاً في شأن التأكيد على أمن إسرائيل". ويشدد أن "الطريقة الأفضل للاعتراف بدولة فلسطين، تمرّ عبر اعتراف الدول الأوروبية بذلك". وأضاف أنه "عندما يتمّ الاعتراف بالدولة، فهذا ليس اعترافاً بالحكومة. فرنسا لا تعترف بالحكومات بل بدول".

وحول إمكانية اعتراف الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند والحكومة بدولة فلسطين، يرى ميار أنه "ليس بالضرورة، فنحن أعضاء في مجلس الأمن، وعلينا التشاور مع حلفائنا. وأنا شخصياً أعتبر أنه كان يجب على (الرئيس الفرنسي السابق جاك) شيراك أو ساركوزي أو هولاند، إعداد خطاب على طريقة خطاب فيتنام 1966، بين الرئيس السابق شارل ديغول والفيتناميين، يفتح ثغرة في اتجاه الحلّ".
وحول اعتبار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بأن "اعتراف فرنسا سيُصنّف على أنه خطأ فادح"، ردّ ميار "المشكلة ليست في العلاقات بين فرنسا وإسرائيل. العلاقات ثابتة. بالطبع لن يكون نتنياهو سعيداً بهذه الخطوة، وكذلك منظمات صهيونية عدة، ولكن برأيي تكمن مصلحة كل الشرق الأوسط في حلحلة الأمور، ومصلحتنا المشتركة تقضي بأن يكون هناك دولتان، يتحاوران معاً ويصنعان السلام".

بالنسبة إلى نائب رئيس "جمعية الصداقة الفرنسية ـ الفلسطينية" فرانسوا أسنسي، فإن "قضية مناقشة البرلمان مسألة الاعتراف، تحمل في طياتها بعدا رسميا. كنا ننتظر حدوث مثل هذه الخطوة منذ زمن بعيد، مع عدد من المجموعات في البرلمان، ومنها جبهة اليسار".
يبدي أسنسي شعوره بالارتياح بالنسبة إلى اليوم، ويشير في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن "اهتمام فريقه منصبّ على معرفة موقف الحكومة النهائي". وآمل أن "تعترف الحكومة رسمياً بدولة فلسطين، بعد تصويت البرلمان، لأننا لا نعرف ما إذا كانت الحكومة ستتبنّى موقف النواب أم لا".

وتطرّق أسنسي إلى لقاء الجمعية مع وزير الخارجية لوران فابيوس، الذي أيّد الاعتراف، قبل أن يتراجع. ويقول "هناك إرادة سياسية في البرلمان، وشعور قوي تجاه مسألة الاعتراف في أوروبا والعالم. البرلمان الأوروبي سيدلي برأيه بعد السويد وبريطانيا وإسبانيا. لقد دخلنا مرحلة جديدة، ولا يمكننا العودة بعدها إلى الوراء".
ويتابع "على الحكومة الفرنسية الاعتراف بالدولة الفلسطينية وفقاً للتقاليد الكبيرة للدبلوماسية الفرنسية. لأن فرنسا ميّزت نفسها في العالم من خلال مواقفها المستقلة عن الولايات المتحدة. فحمضنا النووي يرتكز على إعطاء الشعوب حقاً لهم، وأن يكون لديهم دولة".
وكشف أن "فابيوس سيدلي بموقف الحكومة في الجلسة، على أن تتمّ مناقشة النصّ، قبل طرحه على التصويت، يوم الثلاثاء المقبل". ورأى أنه "كنت أفضّل في موضوع بهذه الأهمية، يخص فرنسا بكل فئاتها، أن تتم عملية التصويت بالإجماع في البرلمان، وأن تتّحد كل المجموعات للاعتراف بالدولة الفلسطينية". وفي تصوّره للسيناريوهات المتوقعة اليوم، يجزم "نحن اليوم أمام موقف المحافظ الكلاسيكي، وكان من الضروري الاعتراف بالدولة، ويجب اتخاذ القرار اليوم".

ودان أسنسي "استخدام بعض نواب اليمين مسألة الاعتراف، ليجعلوا منها قضية داخلية، في حين أن المناقشة تتعلق بموقف فرنسا". وشدّد "لا يُمكن أن نعرف ما إذا كانت الحكومة الاشتراكية تعمل بشكل جيد أو سيئ، إنما موضوع الاعتراف مختلف تماماً، وعلى الجميع الاتحاد حوله". وتوقع أن ينال القرار حوالى 287 صوتاً، بفعل الغالبية اليسارية وبعض الأصوات اليمينية. ولفت إلى أن "الأمر برمّته سيُشكل أملاً لإسرائيل ولأمنها. ففي اليوم الذي سيكون فيه دولتان معترفتان ببعضهما البعض، سيتغيّر الوضع".

وعن موقف نتنياهو، يرى أسنسي أن "نتنياهو ليس صادقاً في مفاوضاته مع الفلسطينيين، وليست لديه النية للتوصل إلى قيام دولة فلسطينية. فازدياد الاستيطان يجعل قيام دولة فلسطينية مستحيلاً. وإذا استمر بهذا النهج، فلن تكون هناك أراضٍ فلسطينية قريباً، ولن يبقى شيء لمناقشته. لذا يتوجب الاعتراف الآن ودفع إسرائيل للعودة إلى المفاوضات". ونفى وجود انقسام فرنسي حول الاعتراف، فـ"الأغلبية الساحقة من الفرنسيين تؤيد الاعتراف بدولة فلسطين".

من جهته، يتطلّع رئيس "جبهة اليسار" في البرلمان، أندريه شاسين، بـ"سعادة وتأثر أنا وجميع نواب اليسار والشيوعيين إلى خطوة اليوم"، حسب ما ذكر لـ"العربي الجديد". ويلفت إلى أن "ما نريده اليوم هو المضي على طريق الاعتراف حتى يصبح حقيقة، وأن تظهر الجمعية الوطنية بصورة موحّدة حول هذه القضية".

وتابع "آمل أن يكون هناك أكبر عدد ممكن من النواب للتصويت على هذا القرار، بعيداً عن الاعتبارات السياسية والحسابات الصغيرة والمحلية. نحن، جبهة اليسار، نريد أن نعطي الموضوع بعداً تاريخياً لهذه المسألة، حتى تتخذ الحكومة قرار الاعتراف بفلسطين".
وعن "غموض" فابيوس، يشير شاسين إلى أن اليسار "يُشكّل أغلبية اشتراكية في البرلمان، ومضمون القرار الذي تم تحضيره من قبل المجموعة الاشتراكية مقبول جداً. وناقشناه مع الحكومة عبر فابيوس. أعتقد أنه لا يوجد أي سبب كي لا تتخذ الحكومة موقفاً مؤيداً لهذا التحرك، وكان علينا الاعتراف منذ زمن بعيد أصلاً".
وعن موقف اليمين، وتحديداً رئيس المجموعة اليمينية، كريستيان جاكوب، الذي دعا إلى عدم التصويت، دعا شاسين إلى "تجاوز المواقف الحزبية والضغوطات الذي يتعرّض لها البعض، خصوصاً ضغوط الحكومة الإسرائيلية. ففي لحظة ما يتوجب على المرء إعطاء السياسة ما تستحقه من شرف ونبل، وعلى فرنسا أن تكون عظيمة". وأبدى اعتقاده بأن "الرأي العام الفرنسي يؤيد مسألة الاعتراف. لقد اعتقد نتنياهو في العدوان على غزة، أنه بتأثيره على هولاند، سيؤثر على النواب الفرنسيين، لكنه مخطئ تماماً، فالنواب الفرنسيون فوق كل اعتبار".

المساهمون