3000 يوم على حصار الحوثيين لتعز.. احتجاجات ضد عزل سكانها

13 يوليو 2023
يعاني أهالي تعز في تحصيل أبسط احتياجاتهم الإنسانية (Getty)
+ الخط -

ثمانية أعوام تكتمل اليوم منذ فرضت جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) حصارها على مدينة تعز، جنوب غربيّ اليمن، التي تسيطر الجماعة على أجزاء منها، بينما يسيطر الجيش الحكومي على معظمها، لتتحول حياة ملايين الساكنين في المدينة إلى عناء طالت معه مسافة الـ7 كيلومترات بين وسط المدينة وطرفها إلى عشرات الكيلومترات من الطرق الجبلية الوعرة.

عام تاسع للمأساة استقبله سكان هذه المدينة وسلطتها المحلية والحكومة المعترف بها دولياً بفعاليات احتجاجية، انطلقت اليوم الخميس بمؤتمر صحافي، على أن تتبعه حملة واسعة لمناهضة الحصار الحوثي تستمر لأسبوع، تتخللها حملات إعلامية، ومعرض صور، وجلسات نقاشية، بمناسبة مرور 3000 يوم على حصار تعز. كذلك سيعرض القائمون على الحملة فيلماً وثائقياً يحمل اسم "على قيد الحصار"، ضمن فعاليات الحملة.

وفي المؤتمر الصحافي، قال محافظ تعز، نبيل شمسان، إن حصار المدينة "يُعَدّ أبشع جريمة وعقاب جماعي يشهدها التاريخ الحديث"، مشيراً إلى أن "الحصار سبّب تدمير البنية التحتية والخدمية وتدمير المنشآت، وإغلاق الطرق، ونزف الأرواح بالقصف اليومي والقنص والألغام، وصعوبة الحصول على الخدمات المعيشية والسفر وانتقال المرضى".

وفي السياق، قال الناشط اليمني والمدافع عن حقوق الإنسان رياض الدبعي، لـ"العربي الجديد"، إن الفعاليات تأتي "لتذكير المجتمع الدولي بالحصار الذي يمارس على تعز، منذ 2015 وحتى اليوم. 3000 يوم من هذا الحصار الجائر"، مشيراً إلى أن "الحملة قامت عليها منظمات المجتمع المدني والنشطاء في الداخل والخارج والسلطة المحلية، وهي تعبير لرفض الحصار الذي يفرض على المدينة، وتضم كل أبناء تعز في الداخل والخارج من أحزاب سياسية ونخب ورجال أعمال وسياسيين ونقابات وكل فئات المجتمع".

وأضاف أن "الحصار أثّر في تعز وخسّر أبناءها الكثير. فعلى مستوى الأرواح البشرية نتحدث من 2015 وحتى 2020 عن 400 طفل استهدفوا بقناصات الحوثيين، وهناك أكثر من 8 آلاف معوَّق بسبب الألغام، وقطعت إمدادات الكهرباء التي كانت تغذي تعز من (مديرية) المخا، إضافة إلى الماء الذي كان يأتي إلى المدينة من منطقة الحيمة، الذي بات الآن شبه منقطع، ويحصل عليه سكان تعز بتكاليف باهظة، وأيضاً نقل البضائع من تعز وإليها، الذي تضاعفت فيه التكاليف والجمارك".

وأشار الدبعي، المقيم حالياً في هولندا، إلى انتهاك الحصار حقّاً من حقوق الإنسان التي نصت عليها القوانين الدولية؛ وهو الحق في التنقل، وقال: "منذ ثماني سنوات أبناء المدينة لا يستطيعون السفر بشكل سلس. كانت المسافة سابقاً 10 دقائق إلى (منطقة) الحوبان، الآن سبع أو ثماني ساعات"، مؤكداً "معاناة المرضى، لأن مركز الكلى ومركز السرطان موجودان في المدينة، وبالتالي المرضى في مناطق سيطرة الحوثي ويريدون الوصول إلى المراكز يواجهون صعوبة في الوصول".

وحول دوافع الحوثيين للتمسك بحصار المدينة، قال الدبعي إن هناك عدة أسباب، منها أن "الحوثي يشعر أن تعز هي مفتاح الحل في هذا البلد، فهناك حراك سياسي ومدني وحقوقي ونقابات وعمل جماهيري، وبالتالي هو يدرك أهمية هذه المدينة، مقارنة بأي مدينة أخرى".

وأضاف أن "الحوثي يشعر أنه سيخسر كلفة اقتصادية باهظة إذا ما خسر منطقة الحوبان، الواقعة في الأطراف الشمالية إلى المدينة"، معتبراً أن الأهمية الاقتصادية للمنطقة توازي ميناءي عدن والحديدة الرئيسيين في البلاد، موضحاً أنّ "22 مصنعاً لواحدة من أهم المجموعات الصناعية في البلد موجودة في الحوبان، وبالتالي فهي مورد أساسي للحوثي، وهو يشعر أنه إذا خسرها سيخسر مورداً اقتصاديّاً هامّاً جداً".

وقال الدبعي إن "مجلس الرئاسة والحكومة والسلطة المحلية هي الجهات المعنية بحماية المدنيين في تعز، وتحرير المدينة، وتقديم كل العون والدعم اللازم لأبناء هذه المدينة"، مؤكداً أن "مهمة السلطة المحلية والأحزاب السياسية أيضاً في المدينة هي توحيد الصف الجمهوري، وأن يكون هدفها الأول تحرير المدينة من أيدي الحوثيين وعدم الانشغال بأي مهاترات جانبية".

وكانت الحكومة المعترف بها، والسلطة المحلية في تعز، قد دعتا، مساء أمس الأربعاء، إلى المشاركة الواسعة في هذه الفعاليات، للتنديد بقطع الحوثيين للطرقات، ومحاصرة الملايين من أبناء المدينة منذ 13 يونيو من عام 2015.

وشهدت منصات التواصل الاجتماعي تفاعلاً كبيراً مع الذكرى والملف الإنساني لتعز، وتداعيات الحصار الكارثية، تنديداً بالحصار، وبما وصفوه بـ"الموقف الأممي والدولي المتخاذل" من تعنت جماعة الحوثيين وإصرارها على الاستمرار في إغلاق الطرق وتقييد حريات المدنيين ومنع تنقلاتهم وإجبارهم على السفر عبر طرق بديلة طويلة وخطرة ووعرة وكبيرة الجهد والتكلفة.

وكان ملف الحصار هذا أحد الملفات التي بحثها اتفاق استوكهولم بين الحكومة والحوثيين في السويد برعاية أممية نهاية عام 2018، ونص الاتفاق على إلزام الحكومة والحوثيين بـ"التفاهم لفك الحصار عن مدينة تعز"، عبر تشكيل لجنتين حكومية وحوثية، لمناقشة آلية لمعالجة الأوضاع وإعادتها إلى ما كانت عليه قبل الحصار.

وغاب هذا البند، كغيره من البنود، عن التنفيذ، بعد أن حقق المجتمع الدولي هدفه من إطلاق الاتفاق، وهو إبقاء موانئ الحديدة الحيوية للأعمال الإنسانية والاقتصاد الوطني بعيدة عن الصراع، وظلت تعز تحت رحمة الحصار الحوثي المفروض على كل طرقاتها الرئيسية والمعروفة في الشمال، والشرق، والغرب، ولم يبقَ لها سوى منفذ في الجنوب عبر تضاريس وعرة باتجاه محافظة لحج المجاورة.

ومنتصف العام الماضي، انطلقت مشاورات بين لجنتين من الجانبين الحكومي والحوثي بشأن فتح طرقات تعز، وفشلت المفاوضات بعد تمسك الحوثيين بمقترحهم الذي تضمن فتح "معابر فرعية" بديلة، لكنها "لا تلبي احتياجات السكان للتنقل الحر ونقل البضائع والمواد التموينية والمياه"، وفقاً لبيان لرئيس الوفد الحكومي في حينه.

وأواخر يونيو/حزيران الماضي، أعلنت لجنة التفاوض الحكومية لفتح طرق مدينة تعز مبادرة جديدة لفك الحصار عن المدينة، واقترحت فتح خمس طرق، مشددة على المجتمع الدولي والمبعوث الأممي باستمرار أن "حصار تعز ملف إنساني بحت".

وشددت اللجنة على ضرورة "ممارسة أقصى الضغوط"، على الحوثيين الذين قالت إنهم يستخدمون حصار تعز "ورقة سياسية لتحقيق مكاسب في ملفات أخرى".

المساهمون