يدرس مجلس الأمن الدولي عدة خيارات بعد انتهاء التفويض الحالي لإدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى الشمال السوري، في حال عرقلة روسيا، كما هو متوقع، تمديد آلية إدخال هذه المساعدات في 10 يناير/ كانون الثاني المقبل، فيما كانت هذه المسألة محل بحث بين وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد، ونظيره الروسي سيرغي لافروف.
وذكرت منظمة "منسقو استجابة سورية"، في بيان لها، اليوم الأربعاء، أنه إضافة إلى المقترح الذي طرحته حملة "القلم الإنساني"، والذي يقضي بتمديد دخول المساعدات الإنسانية لمدة ستة أشهر جديدة (وهو ما ترفضه روسيا والصين حالياً)، يتم داخل أروقة المجلس مناقشة مقترح يقضي بدخول المساعدات الإنسانية لمدة ثلاثة أشهر فقط، حتى انتهاء فصل الشتاء الحالي، لكن روسيا تتحفظ عليه أيضاً، ويمكن أن يتم تمريره بشروط معينة.
أما المقترح الثالث، بحسب المنظمة، فهو الدخول في مفاوضات موسعة بين جميع الأطراف، للوصول إلى صيغة معينة لدخول المساعدات، وهذا يفتح الباب على احتمالات عدة؛ مثل زيادة مشاريع التعافي المبكر في مناطق سيطرة النظام السوري بوتيرة أكبر، حيث حصل النظام السوري خلال القرار الحالي على أكثر من 158 مشروعا ضمن البند المذكور من إجمالي 374، وتركزت معظمها ضمن مشاريع الكهرباء والمياه، وستحاول روسيا التركيز بشكل أكبر على إصلاح وإعادة تأهيل الشبكات الكهربائية الموجودة لدى النظام السوري.
والاحتمال الآخر، هو زيادة إدخال المساعدات الإنسانية عبر "خطوط التماس" (من مناطق سيطرة النظام إلى مناطق المعارضة)، بحيث تطبق روسيا مبدأ واحد مقابل واحد ( كل قافلة تدخل من الحدود تقابلها دخول قافلة عبر خطوط التماس).
وأضافت المنظمة أنّ روسيا سوف تستفيد من إحاطة الأمين العام للأمم المتحدة في التقرير الأخير الصادر، في 15 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، الذي حث على زيادة دخول المساعدات عبر خطوط التماس، وفق وتيرة منتظمة ومستدامة أكثر، مشيرة إلى أنه يمكن لروسيا أن تقترح مشروع القرار السابق لمدة ستة أشهر فقط، بحيث تستطيع ضمان الموافقة أو الامتناع عن التصويت في المرة المقبلة.
وحث مدير منظمة "منسقو استجابة سورية" محمد حلاج، في حديث مع "العربي الجديد"، الأمم المتحدة على تشكيل آلية محايدة، لضمان استمرار وصول المساعدات الإنسانية عبر الحدود، وتنسيق الجهود الدولية لوضع خطط بديلة لإدخال المساعدات في حال عرقلتها من جانب روسيا، محذراً من أنّ مخزونات الأغذية الحالية في الشمال السوري لا تكفي أكثر من شهرين.
وأضاف أنّ روسيا تحاول تجيير المساعدات الإنسانية لصالح النظام السوري بأي طريقة، وهي غير معنية بمعاناة ملايين المحتاجين في مناطق الشمال السوري.
ودخلت آخر قافلة إلى مناطق الشمال السوري الواقعة تحت سيطرة المعارضة عبر خطوط التماس، نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وضمت 16 شاحنة، وتعد الرابعة منذ تطبيق القرار الأممي 2642 لعام 2022، والتاسعة منذ تطبيق إدخال المساعدات الإنسانية عبر خطوط التماس في يوليو/ تموز عام 2021.
ويسعى النظام السوري، بدعم من روسيا، إلى إلغاء دخول المساعدات عبر الحدود، وحصرها عبر الخطوط، بغية الاستحواذ الكامل على هذه المساعدات، بدعوى مسؤوليته عن تأمين الغذاء والاحتياجات الأخرى، لكل المناطق السورية، بما فيها مناطق المعارضة، في حين تؤكد المعارضة، ومنظمات دولية عدة، عدم أهلية النظام لهذه المهمة، حيث أثبتت تجارب الماضي أنه يحرم مناطق المعارضة من المساعدات، ويوزعها على أنصاره فقط.
مشاورات بين لافروف والمقداد
وفي الإطار ذاته، أجرى وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد، أمس الثلاثاء، مشاورات هاتفية مع نظيره الروسي، سيرغي لافروف، تناولت قرار مجلس الأمن 2642، بشأن تمديد تفويض دخول المساعدات عبر الحدود إلى سورية.
وذكرت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري أنّ الجانبين تطرقا إلى "تنصل الدول الغربية من التزاماتها بموجب هذا القرار، وخصوصاً فيما يتعلق بمشاريع التعافي المبكر".
وجدد وزير الخارجية الروسي موقف بلاده الداعم لجهود النظام السوري بشأن عودة اللاجئين، مؤكداً على "أهمية الجهود المبذولة للتحضير لاجتماعات اللجنة المشتركة السورية - الروسية، لبحث القضايا الاقتصادية المشتركة، وتطوير العلاقات الثنائية".
ووفق مصادر تحدثت لموقع "تلفزيون سوريا"، فإنّ روسيا طرحت في أروقة مجلس الأمن الدولي ثلاثة شروط للموافقة على تجديد التفويض الخاص بإدخال المساعدات عبر الحدود؛ ينص الأول على اشتراك روسيا في الرقابة على المساعدات التي تدخل من تركيا عبر معبر باب الهوى، والثاني على تمويل دولي لإصلاح شبكة الكهرباء في مناطق سيطرة النظام السوري، وتخصيص مزيد من المشاريع لعمليات إعادة التعافي المبكر، ويطالب الشرط الثالث بزيادة كمية المساعدات الداخلة عبر خطوط التماس بإشراف النظام السوري.
وينتهي بعد نحو أسبوعين تفويض الأمم المتحدة، وفق القرار 2642، بإدخال المساعدات الإنسانية إلى سورية عبر الحدود لأكثر من 2.5 مليون مدني شمال غربي سورية، والذي تم تجديده لستة أشهر فقط في 12 يوليو/ تموز الماضي.