داعمو انقلاب السيسي... ندم على 3 يوليو وتبرؤ من "الإخوان"

03 يوليو 2019
يتعامل النظام بطريقة خشنة مع قوى المعارضة(محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -


لا زال العِناد هو سيد الموقف لدى شريحة كبيرة ممن يطلق على نفسه قيادات "التيار المدني" في مصر. ولا زال التبرؤ من جماعة الإخوان المسلمين هو السبيل للخلاص كما يرى، على الرغم من القمع والتنكيل الذي طاول كل من شارك في ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، والسجون التي تكتظ بعشرات الآلاف من المعارضين، سواء من الإسلاميين أو الليبراليين أو اليساريين أو القوميين. وتحلّ الذكرى السادسة للانقلاب العسكري على الرئيس الراحل محمد مرسي، مع موجة اعتقالات واسعة داخل صفوف هذا التيار، وتلفيق قضية جديدة للمنتمين إليه تحت مزاعم "الانضمام إلى جماعة الإخوان"، و"تلقي تمويلات من قياداتها في الخارج"، لا لشيء سوى لمجرد التفكير في إنشاء تحالف سياسي تحت اسم "الأمل"، بهدف خوض انتخابات البرلمان المقررة العام المقبل.

وفي وقت يرى فيه مراقبون أنه لا سبيل للتصدي لنظام الحكم، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، سوى بتوحد قوى المعارضة على اختلاف توجهاتها، كما كان الحال في ثورة يناير، لا تزال قيادات في "التيار المدني" تردد نغمة أنهم لا يستهدفون إسقاط الدولة المصرية، وأنهم جزء أصيل من هذه الدولة، بدعوى مشاركتهم في الحشد الشعبي لإسقاط مرسي. وقالت "الحركة المدنية الديمقراطية"، التي تضم أحزاباً وشخصيات عامة معارضة، رداً على موجة الاعتقالات الأخيرة، إن "الإصرار على الربط بين قوى وأحزاب مدنية تؤمن وتُعلن في كل لحظة التزامها بالدستور، ومبادئ العمل الديمقراطي، وبين جماعة مناوئة للنظام تهدف إلى إسقاطه، هو في الحقيقة يخدم ويصبّ في مصلحة تلك الجماعة (الإخوان)، ويروج لها بالباطل، وينسب إليها ما لا تستحقه".

وقال منتمون إلى "التيار المدني" في حديث خاص مع "العربي الجديد"، إن "فكرة التحالف مع جماعة الإخوان مجدداً غير مطروحة في أي نقاشات داخل التيار"، بذريعة أن "النظام الحالي يصنف الجماعة إرهابية، على خلاف النهج السلمي في المعارضة الذي تتبعه الأحزاب غير الإسلامية، والتي تهدف إلى إتاحة المجال للمشاركة السياسية، وعدم التضييق على تحركاتها إزاء التواصل مع المواطنين". وأضاف هؤلاء أن "التيار المدني" لا يستهدف إسقاط النظام الحالي بثورة شعبية جديدة، لعلمه بالتداعيات "الكارثية" على مناحي الاقتصاد حال سقوط "الدولة" مرة أخرى، موضحين أن وضع السيسي يختلف كلياً عن مرسي، إذ إن المؤسسات الأمنية والتنفيذية تقف مساندة للأول، في حين لم يمثل الثاني الدولة وقت توليه السلطة، بل مثلت تلك المؤسسات حجر عثرة أمام حكمه.


كما أكدوا أن وفاة مرسي في 17 يونيو/ حزيران الماضي لا تعني فتح المجال للتواصل مع أنصار الجماعة، على اعتبار أن رحيله أنهى مطلب "الشرعية" الذي ظلت تطالب به الجماعة على مدار ست سنوات، مدعين أن "الإخوان المسلمين" الآن تختلف عن الأعوام السابقة لثورة يناير، إذ إنها كانت جماعة سياسية سلمية تخوض الانتخابات، ثم اتجهت في أعقاب "30 يونيو" إلى طريق العنف، وهو ما يغلق كافة مساعي الائتلاف معها. وتمسك المتحدثون بضرورة الفصل بين يومي 30 يونيو/ حزيران و3 يوليو/ تموز 2013، بحجة أن اليوم الأول كان لثورة المصريين على الحكم الديني ممثلاً في جماعة "الإخوان"، والثاني كان تدخلاً "خشناً" من الجيش للإطاحة بحكم مرسي، حظي بقبول شعبي في البداية، غير أن الإجراءات اللاحقة جعلتهم يندمون عليه، لأنها كشفت الوجه "القبيح" للنظام، بداية من إصدار قانون تنظيم حق التظاهر في نوفمبر/ تشرين الثاني 2013.

في المقابل، قال أحد أعضاء تكتل "25-30" في البرلمان، إن الجميع بات يعلم يقيناً أن السيسي هو العدوّ الأول لثورة يناير، وهو يستهدف كل حزب أو حركة أو تيار شارك في هذه الثورة من دون تمييز، مضيفاً: "لولا هذه الثورة لكان الآن محافظاً لمرسى مطروح أو الوادي الجديد أو شمال سيناء على أفضل تقدير، والحديث الناعم من قوى المعارضة لن يجدي مع هذا النظام، لكونه لا يعبأ بمثل هذه المهاترات"، على حد تعبيره. وتابع عضو البرلمان لـ"العربي الجديد"، أنه يرفض كذلك التحالف مع "الإخوان"، أو تيار الإسلام السياسي على وجه أعم، غير أنه يرفض في الوقت ذاته الخطاب الحالي لقوى المعارضة، الذي يحاول إيصال رسائل إلى النظام مفادها أننا جزء منكم، فلا تصادروا تحركاتنا، واتركوا لنا مساحة ولو صغيرة للوجود، معتبراً أن هذا الخطاب يحتوي على بعد "غير أخلاقي"، وكأنه يقول للنظام افعل ما تشاء من قمع بالآخرين (الإسلاميين)، ما دام هذا بعيداً عنا. وأوضح أن "النظام الحالي يتعامل بطريقة خشنة للغاية مع كافة قوى المعارضة، ولا يسمع أي صوت سوى صوته، فيوصم الجميع بتهمة الإرهاب دون تفريق، ومن ثم يمثل هذا الخطاب إهداراً للوقت والجهد، الذي لا بد أن يُستثمر في رفع سقف مطالب المعارضة، والسعي للحصول على تصاريح بوقفات احتجاج سلمية وفقاً لقانون التظاهر، مع الاعتراف بارتفاع حجم المخاطر والتحديات من وراء هذا التصعيد".

وسبق أن كشفت مصادر برلمانية مطلعة لـ"العربي الجديد"، أن حملة الاعتقالات التي طاولت مجموعة من الناشطين البارزين أخيراً "استبقت الإعلان عن تحالف سياسي معارض لخوض الانتخابات النيابية، في الذكرى السادسة من تظاهرات 30 يونيو 2013، يضم عدداً من الأحزاب والبرلمانيين والشخصيات العامة الليبرالية واليسارية، التي تُشكل حالياً نواة ما يُعرف بالحركة المدنية الديمقراطية". وقالت المصادر إن التكتل المعارض كان سيُعلن تحت اسم "تحالف الأمل"، وهو الاسم ذاته الذي اختارته وزارة الداخلية كعنوان للقضية "الملفقة" للناشطين المعتقلين، مشيرة إلى أن تكتل "25-30" البرلماني هو أحد مكونات هذا التحالف، لذا شملت قائمة المقبوض عليهم مدير مكتب عضو التكتل البرلماني أحمد الطنطاوي، وعدداً من العاملين معه، مع العلم أنه لا يزال يحظى بالحصانة النيابية حتى الآن.

وكانت نيابة أمن الدولة المصرية قررت حبس كل من الصحافيين حسام مؤنس، وهشام فؤاد عبد الحليم، والبرلماني السابق زياد العليمي، والباحث الاقتصادي عمر الشنيطي، ورجل الأعمال مصطفى عبد المعز، ومؤسس حزب "الاستقلال" أحمد العقباوي، والناشط العمالي حسن البربري، لمدة 15 يوماً على ذمة التحقيقات التي تجرى معهم في القضية رقم 930 لسنة 2019 (حصر أمن دولة عليا). ووجهت النيابة سبعة اتهامات إلى المعتقلين في القضية، وهي "الانضمام إلى جماعة إرهابية أنشئت على خلاف أحكام القانون، وتمويل تلك الجماعة لمساعدتها في تنفيذ أغراضها، والتنسيق مع أعضاء الجماعة الهاربين لمحاربة الدولة وإسقاطها، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي في التحريض ضد الدولة، والدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين، ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها، ونشر أخبار كاذبة عن الأوضاع السياسية والاقتصادية بقصد تكدير السلم العام، والتخطيط لضرب الاقتصاد القومي".