25 مدينة مغربية تستعد للاحتجاجات غداً وسط دعوات لانفراج سياسي وحقوقي

19 فبراير 2022
دعوات لانفراج سياسي وحقوقي بالتزامن مع الذكرى11 لـ"الربيع المغربي" (Getty)
+ الخط -

تستعد أكثر من 25 مدينة مغربية للخروج في وقفات احتجاجية، يوم غد الأحد، لتجدد المطالبة بالاستجابة لما نادت به "حركة 20 فبراير" قبل 11 سنة، وذلك بالتزامن مع دعوات لانفراج سياسي وحقوقي في البلاد.

وأعلنت "الجبهة الاجتماعية المغربية" (تضم تنظيمات سياسية يسارية ونقابات وجمعيات، إضافة إلى جماعة العدل والإحسان، أكبر تنظيم إسلامي في المغرب غير مرخص له) عن تنظيم وقفات احتجاجية، مساء غد بعدد من مدن المملكة، تحت شعار "إسقاط الاستبداد والفساد وتحقيق مجتمع الكرامة والعدالة الاجتماعية والمساواة الفعلية بين الجميع"، وذلك تخليداً للذكرى الحادية عشرة لانطلاق "حركة 20 فبراير"، النسخة المغربية لـ"الربيع العربي".

ولفتت الجبهة، في نداء لها، إلى أن "الأوضاع اليوم تتميز بتفاقم الاستبداد، والتلاعب بالإرادة الشعبية، ومواصلة الدولة لسياساتها الليبرالية المتوحشة، وما ينتج عنها من تقشف وإجهاز على المرافق العمومية الأساسية وغلاء فاحش للمعيشة، ناهيك عن الاعتقال السياسي، والمتابعات القضائية وقمع الحريات".

ودعت الجبهة جميع فروعها، والمناضلين، وعموم المواطنين إلى "التخليد الوحدوي للذكرى الحادية عشرة لانطلاق حركة 20 فبراير، التي تأتي في سياق احتقان اجتماعي جراء موجة الغلاء التي اجتاحت مختلف المواد الأساسية والمحروقات، وأثّرت على القدرة الشرائية للمغاربة".

دعوات لانفراج سياسي وحقوقي

وبالتزامن مع ذلك، برزت دعوات لتحقيق انفراج سياسي وحقوقي في المغرب، كان من أبرزها دعوة الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد المعارض، نبيلة منيب، إلى "خلق انفراج حقيقي وطي صفحة انتهاكات حقوق الإنسان"، من خلال إطلاق سراح المعتقلين من نشطاء الحركات الاجتماعية والصحافيين.

وكشفت منيب، من خلال فيديو نشرته على قناتها الرسمية على موقع "يوتيوب"، أنها ستدفع بمقترح قانون للعفو العام، أمام البرلمان المغربي، من أجل إطلاق سراح المعتقلين على خلفية الاحتجاجات الاجتماعية والصحافيين، مؤكدة أن حزبها سبق له أن طالب الحكومة الحالية في بدايتها بانفراج حقيقي، يقطع صفحة ويفتح مرحلة جديدة من أجل مصالحة سياسية واقتصادية واجتماعية مع جميع الجهات.

وكان الآلاف من المغاربة قد خرجوا في 20 فبراير/ شباط عام 2011 إلى شوارع المملكة للاحتجاج، بناء على دعوة أطلقتها حركة شكلها شباب مغاربة من تنظيمات سياسية ومستقلين عبر منصات التواصل الاجتماعي، مطالبين بالعدالة الاجتماعية والحرية والكرامة، والفصل بين الثروة والسلطة في المناصب الحكومية، ومحاكمة الضالعين في قضايا فساد واستغلال نفوذ ونهب ثروات المملكة.

كان الآلاف من المغاربة قد خرجوا في 20 فبراير/ شباط عام 2011 إلى شوارع المملكة للاحتجاج

كذلك طالبوا باستقلال القضاء وحرية الإعلام، وإقامة ملكية برلمانية، وإجراء انتخابات نزيهة ووضع دستور جديد، وذلك في سياق ثورات الربيع العربي التي بدأت في تونس أواخر عام 2010، وأطاحت بعدة أنظمة عربية حاكمة.

وبعد أقل من شهر من الاحتجاجات، سارع العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى وضع أجندة للإصلاح من خلال خطابه الشهير في 9 مارس/ آذار 2011، وأقرّ تعديلات دستورية قلّصت صلاحياته في الحكم، ووسّعت صلاحيات رئيس الحكومة. غير أنّ شباب الحركة لم تقنعهم تلك الإصلاحات وعدّوها "التفافاً" على مطالبهم الرئيسة، وقضوا ما يزيد عن العام في معارضتها، قبل أن يبدأ الزخم الشعبي الذي كان يحركهم في الخفوت لأسباب ذاتية وأخرى خارجية.

وعلى الرغم من أنّ "حركة 20 فبراير" كانت قد ساهمت في إحداث هزة كبيرة في مشهد سياسي سمته البارزة، وقتها، الأزمة على الأصعدة كلها، بولادة دستور الربيع العربي، وإجراء انتخابات سابقة لأوانها مكنت للمرة الأولى في تاريخ المغرب من صعود الإسلاميين إلى سدة الحكم، إلا أن ديناميتها ومطالبها خفتت واعتراها فتور ملحوظ بعد انسحاب جماعة "العدل والإحسان"، أكبر تنظيم إسلامي في المغرب، والتي كانت تشكل الثقل الأكبر داخل الحركة إلى جانب اليساريين، ما خفف بشكل مؤثر حجم التظاهرات الاحتجاجية للحركة.

الافتقار إلى بديل حزبي وسياسي

وبحسب محمد علال الفجري، أحد مؤسسي حركة 20 فبراير، فإن من بين العوامل الرئيسية التي ساهمت في عدم تحقيق الحركة لجميع مطالبها "كان الافتقار إلى بديل حزبي وسياسي موثوق ومرئي يحفز الشعب على الإيمان العميق بأن الأزمة التي شهدتها البلاد سببها فشل السياسات المتعاقبة للسلطة، وليس تطلعات عموم المواطنين المشروعة نحو الحرية والديمقراطية والحد الأدنى من الرفاه الاقتصادي".

ويلفت الفجري، في تصريح لـ"العربي الجديد "، إلى أن "مرحلة ما بعد حراك 20 فبراير تميزت بتراجعات حقوقية وتضييق ملحوظ على الحريات الأساسية كحرية التعبير والصحافة والتجمع والتنظيم، كما لم تبادر الدولة إلى الإفراج عما تبقى من نشطاء حراك الريف".

وقال إنه على الرغم من توجيه العاهل المغربي الملك محمد السادس الحكومة بتخصيص حوالي مليار دولار كتدابير استعجالية للحد من انعكاسات قلة التساقطات المطرية على العالم القروي المرتبط بدوره بالحياة اليومية للمواطنين بالوسط الحضري، إلا أنه من الضروري أن تتوفر الحكومة على الوعي الاجتماعي والقدرة على الاستشراف والتواصل لأن مساحة عدم اليقين تتضاعف يوما عن يوم.

وأوضح أن "ما نعيشه في المغرب من تدن في مستويات المؤشرات الاجتماعية كالصحة والتعليم والبطالة المستشرية وضعف التأمين والرعاية الاجتماعيين وتضخم أسعار المواد الأساسية والمحروقات، وضعف القدرة الشرائية للطبقات الفقيرة وشح الأمطار الذي ينبئ بموسم جاف نسبيا، وكذاك تداعيات الإغلاق المرتبطة بجائحة فيروس كورونا، كلها عومل يتعين على الدولة التعامل معها بسياسات مبتكرة واستثنائية على جميع المستويات ومكافحة الفساد والاحتكار مع الاستخدام الأكثر كفاءة للموارد".

المساهمون