وقال بيان رسمي صدر عن مجلس الأمن القومي المصري الذي اجتمع اليوم لمناقشة الأزمة برئاسة رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، إن "مصر تؤكد على موقفها المبدئي بالاستعداد الدائم للتفاوض من أجل التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن يحقق مصالح مصر وإثيوبيا والسودان".
وأضاف البيان: "ترى مصر أن هذه الدعوة قد جاءت متأخرة بعد 3 أسابيع منذ إطلاقها، وهو الأمر الذي يحتم تحديد إطار زمني محكم لإجراء المفاوضات والانتهاء منها، وذلك منعاً لأن تصبح أداة جديدة للمماطلة والتنصل من الالتزامات الواردة بإعلان المبادئ الذي وقعته الدول الثلاث سنة 2015".
ولفت البيان إلى أن هذه الدعوة قد صدرت في اليوم ذاته الذي أعادت فيه السلطات الإثيوبية (في إشارة إلى رئيس الوزراء أبي أحمد) التأكيد على اعتزامها السير قدماً في ملء خزان سد النهضة دون التوصل إلى اتفاق، وهو الأمر الذي يتنافى مع التزامات إثيوبيا القانونية الواردة بإعلان المبادئ، ويلقي بالضرورة بظلاله على المسار التفاوضي وكذلك النتائج التي قد يتم التوصل إليها.
وعاد البيان ليؤكد أن مصر سوف تشارك في هذا الاجتماع من أجل استكشاف مدى توفر الإرادة السياسية للتوصل إلى اتفاق، وتأكيداً لحسن النوايا المصرية المستمرة في هذا الصدد، وطبقاً لما ورد بالدعوة الواردة من وزير الري السوداني، ياسر عباس.
وبحسب مصدر مصري مطلع فقد رفضت إثيوبيا استمرار لعب الولايات المتحدة دور الرقابة أو الوساطة في المفاوضات، بينما كانت مصر متحفظة على أن تلعب الدور مفوضية الاتحاد الأوروبي، وأسفرت المفاوضات السياسية بين الدول الثلاث عن اختيار مراقب بواسطة كل طرف، على أن يقتصر دور الأطراف على المراقبة ولا يمتد إلى الوساطة.
وأوضح المصدر أنه تم استبعاد اشتراك البنك الدولي بناء على طلب إثيوبيا، واستبعاد مفوضية الاتحاد الأفريقي بناء على التحفظ المصري السابق عليها.
وذكر البيان السوداني عن اجتماع اليوم أن الاجتماع سيناقش المسائل الإجرائية المتصلة بدور المراقبين وقضايا التفاوض العالقة.
وزعم البيان أن الدول تمكّنت خلال الجولات السابقة من التوصل إلى توافق حول معظم القضايا المطروحة على طاولة المفاوضات، وأنه قد تبقى عدد قليل من القضايا العالقة التي تأمل الأطراف الثلاثة في الاتفاق بشأنها.
وقال الوزير السوداني إنه متفائل وواثق في قدرة الدول الثلاث على تجاوز العقبات الراهنة والتوصل لاتفاقية تعالج وتستوعب المسائل المتصلة بملء وتشغيل سد النهضة، مشددا على تمسك السودان بموقفه المبني على التفاوض بحسن نية واحترام قواعد القانون الدولي ذات الصلة وحماية مصالح بلاده.
وما زالت المفاوضات الفنية، والتي تتم عبر الخرطوم، متعثرة، رغم مرور نحو ثلاثة أسابيع بعد اتفاق الحكومات على العودة للتفاوض حول المسائل العالقة بقواعد الملء والتشغيل، في ظل مطالبات دولية وإقليمية لجميع الأطراف بتحكيم العقل والتفاوض وعدم الدخول في أتون صراع إقليمي.
ويأتي ذلك على خلفية الخطاب الذي أرسلته مصر إلى مجلس الأمن تشكو من مقاطعة إثيوبيا للمرحلة الأخيرة من مفاوضات واشنطن التي فشلت في التوصل لحل نهائي، وردت عليه أديس أبابا بخطاب آخر لمجلس الأمن يتمسك بأن الملء الأول للسد لن يخلف أضراراً على دولتي المصب ولا يتعارض مع اتفاق المبادئ الموقع بين الدول الثلاث عام 2015، ثم تبعها السودان بإرسال خطاب يؤيد المطالب المصرية.
وصباح أمس؛ قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، في رسالة تحدٍّ لمصر والسودان ومطالبتهما بالاتفاق على قواعد الملء والتشغيل قبل الملء الأول للسد: "سيتم ملء خزان السد بكمية 4.9 مليارات متر مكعب من الماء في موسم الأمطار المقبل" الذي يبدأ في يوليو/ تموز المقبل.
واستدرك أحمد قائلاً: "مللنا طلب المساعدات من الدول الأخرى ونحن لدينا الموارد، ورغبتنا في التطور لا تعني أن لدينا نوايا للإضرار بالدول الأخرى".
وقارن أحمد بين بلاده ومصر، فذكر أن "استكمال المشروع يضمن الحقوق الأساسية لإثيوبيا مثل مصر، فالكهرباء تصل هناك إلى 98% من السكان، بينما لدينا لا تصل الكهرباء ولا مياه نظيفة إلى 50 مليون إثيوبي، وبإنشاء السد ستزيد قدرة توليد الكهرباء بنسبة 50% مما سيساهم في تطوير المناطق الريفية".