في السياق، يشير أحد أعضاء البرلمان، إلى أن "الكتل الكبيرة تسعى حالياً لتعديل الفقرات التي تخصّ الدوائر المتعددة في المحافظات، في محاولة منها إلى العودة للدائرة الانتخابية الواحدة داخل المحافظة وليس الدائرة على مستوى الأقضية والنواحي"، مضيفاً في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "تلك الكتل من خلال نوابها وثقلها بالبرلمان تحاول إيجاد ثغرة أو فرصة لتعديل تفصيلات قد يراها المواطن عادية، لكنها تخلّ بالحسابات الانتخابية المتعلقة بالأصوات والسقف الانتخابي المطلوب للفوز بالمقعد البرلماني، وتسعى بعض الكتل للمماطلة من أجل تضييع الوقت وتعطيل الانتخابات المبكرة التي تعهدت الحكومة بإجرائها". ويلفت إلى أن "الخلاف تكرّس في آخر اجتماع داخل اللجنة القانونية البرلمانية، التي تضمّ نواباً من الكتل المعترضة، إذ شهد اختلافاً كبيراً"، مؤكداً "صعوبة الخروج بتوافق على التعديلات".
وتوالت الاقتراحات التي تسعى الكتل الكبيرة لتمريرها، مع تقديم كتلة "بدر" البرلمانية ضمن تحالف "الفتح" في البرلمان، مقترحاً يتضمن احتساب دائرة انتخابية لكل 400 ألف نسمة، بينما أعلن تحالف "سائرون" بزعامة مقتدى الصدر، تمسكه بالدوائر الانتخابية المتعددة وعددها 240 دائرة، فيما نأت الكتل الكردية والعربية السنية بنفسها عن تلك المناكفات.
ويرى عضو اللجنة القانونية، النائب محمد الغزي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "قانون الانتخابات هو الموضوع الأكثر إثارة للخلافات بين الكتل السياسية، لما له من أهمية في المرحلة المقبلة لأنه سيرسم الشكل السياسي للبلد"، مشدّداً على أنه "يجب أن تكون هناك دوائر انتخابية متعددة على مستوى المحافظات على اعتبار أن القانون ينص على ذلك. والمشكلة الرئيسية تتعلق بطبيعة تلك الدوائر، وما إذا كانت دائرة انتخابية على مستوى الأقضية والنواحي أم على مستوى تقسيم المحافظة لأجزاء عدة؟".
ويقول الغزي: "نحن كلجنة قانونية رأينا أن يكون هناك معيار ثابت لكل المحافظات، وألا يكون هناك تفاوت بين محافظة وأخرى، إضافة إلى أنه يجب أن يكون هناك رأي للمفوضية خصوصاً في الجانب الفني لا الجانب القانوني، وفي أي دائرة ممكن أن تطبّق ويتم على ضوئها إجراء الانتخابات"، مضيفاً أن "اللجنة القانونية هي اللجنة الوحيدة المختصة بالموضوع، وهي اللجنة التي تقرّر طبيعة تلك الدوائر ومن ثم يُعرض ما تقرره اللجنة على البرلمان للتصويت عليه، وتتلقى اللجنة الطلبات من الكتل السياسية والتي تتم دراستها والأخذ بها والخروج برأي موحّد بشأنها ثم عرضها على البرلمان وهيئة الرئاسة للتصويت عليها".
أما النائب عن تيار الحكمة، علي البديري، فيقول لـ"العربي الجديد"، إن "الكتل السياسية انقسمت لفريقين متقاطعين تجاه الانتخابات المبكرة وقانونها، الأول يصر على أن يكون قانون الانتخاب وفقاً للانتخاب الفردي، أي أن من يحصل على أعلى الأصوات يكون له الحق بالمقعد، وهو ما يمنح المجال للكتل الصغيرة بالحصول على مقاعد برلمانية"، منوّهاً إلى أن "الفريق الثاني يرفض ذلك ويسعى إلى اكتمال الدورة البرلمانية الحالية". ويضيف أن "الشارع يضغط، ويجب أن يكون له رأيه، وأن يكون هذا الرأي هو المعتمد في القانون". ويؤكد مراقبون أن فقرة تعدد الدوائر الانتخابية، هي من أهم ما يتميز به قانون الانتخابات، والتي تضعف فرص عودة الكتل السياسية الكبيرة بالانتخابات المقبلة.
بدوره، يعتبر الخبير في الشأن السياسي العراقي، حسن العبودي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "الكتل الكبيرة التي احتكرت السلطة التنفيذية في العراق لسنوات طويلة ترى في فقرة تعدد الدوائر على مستوى القضاء والناحية، تهديداً لبقائها، وأنها ستمنح القوائم الصغيرة فرصة الفوز على حساب القوائم الكبيرة، الأمر الذي تسبب بالخلاف بشأنها". ويشير إلى أن "تلك الكتل (الكبيرة) ستستخدم نفوذها وقوتها وكل وسائلها في سبيل العودة إلى طريقة التمثيل النسبي باعتبار المحافظة دائرة انتخابية واحدة".
ويشدّد العبودي على أن "أزمة قانون الانتخابات معقّدة جداً، وأن الخروج منها صعب للغاية، لا سيما أن الكتل الكبيرة تملك قوة المال والسلاح والجماعات المسلحة، وقد بنت نفوذها على مدى 17 عاماً، ولا يمكن أن تفرّط به"، مرجحاً "استمرار الخلاف بشأن القانون، وعرقلة إجراء انتخابات مبكرة، وأن ذلك سيكون في صالح الكتل الكبيرة التي تعمل على إعادة ترتيب نفوذها".