واندلعت مواجهات عند المدخل الشمالي لمدينة البيرة، وسط الضفة الغربية، بين شبان فلسطينيين وجنود الاحتلال قرب ما يعرف بحاجز بيت إيل العسكري، إثر مسيرة نظمتها "الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين" بذكرى استشهاد قادة الجبهة خالد نزال، وعمر القاسم، وبهيج المجذوب، وعامر نوفل، ورفضا للخطة الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية المعروفة بـ"صفقة القرن"، وخطة الضم الإسرائيلية. وأطلق جيش الاحتلال الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، فيما ألقى الشبان الحجارة وأشعلوا الإطارات.
وكانت المسيرة قد انطلقت من حي البالوع في مدينة البيرة، ردد خلالها المشاركون هتافات مناهضة للمفاوضات واتفاقية أوسلو، وتدعو لتفعيل المقاومة.
وخلال المسيرة، قال عضو المكتب السياسي لـ"الجبهة الديمقراطية" رمزي رباح، لـ"العربي الجديد"، إن فعالية ذكرى شهداء الجبهة تحولت لفعالية نضالية في إطار المقاومة الشعبية على حواجز الاحتلال، للتأكيد على التصدي لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ومخطط الضم.
وكشف رباح عن دعوة لـ"الجبهة الديمقراطية" لـ"تشكيل قيادات ميدانية مشتركة لتوجيه عمل المقاومة الشعبية وتوحيد الطاقات، بعيدا عن الانقسام السياسي الفلسطيني، والعمل من خلال الوحدة الميدانية"، كما أشار إلى وجود تواصل بين "الجبهة الديمقراطية" وحركات "فتح" و"حماس" و"الجهاد الإسلامي" و"الجبهة الشعبية" و"حزب الشعب"، وباقي القوى الفلسطينية، من أجل الوصول إلى قواسم مشتركة، مشيرا إلى "جهد تقوم به لجنة المتابعة للفصائل في غزة للاتفاق على صيغة وطنية شاملة للمقاومة، جوهرها مقاومة المخططات التصفوية".
من جهته، دعا الناشط السياسي عمر عساف، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى تعزيز الفعاليات الشعبية في مواجهة خطة الضم في كل المناطق، لأن "الاحتلال لا يفهم سوى لغة واحدة هي المقاومة"، مؤكدًا أن "ما يحصل من فعاليات هو باكورة نشاطات يفترض أن تتواصل".
وقال عساف إن المطلوب لمواجهة خطط الاحتلال "عدم الاكتفاء بإعلان المواقف، بل ترجمة كل الخطوات على الأرض، واستعادة الوحدة الوطنية، ومغادرة استراتيجية التسوية التي مضى عليها ثلاثون عاما، واستبدالها باستراتيجية مقاومة ومواجهة بديلة". وأقام أهالي تجمع عرب المليحات البدوي في أريحا في الضفة الغربية صلاة الجمعة ونظموا اعتصاما على أراضي التجمع التي يقوم المستوطنون، منذ شهر مايو/أيار الماضي، بتجريفها وإقامة طرق استيطانية فيها، رافضين خطة الضم الإسرائيلية.
وشارك العشرات من أهالي التجمع البدوي ونشطاء من محافظة أريحا والأغوار في الصلاة والوقفة قرب أراض قام المستوطنون بتجريفها أخيرا على شكل شوارع صغيرة تحيط بالتجمع البدوي الواقع في شمال أريحا وكأنها حدود تحصر التجمع، وفي الوقت نفسه تفتح المجال لضم مساحات واسعة من الأراضي لصالح مستوطنة مفاؤوت، وهو ما يعتبره السكان "شهية فتحت للمستوطنين بعد إعلان حكومة الاحتلال عن نيتها تنفيذ خطة ضم الأغوار".
وقال المحامي حسن مليحات، وهو من التجمع نفسه، لـ"العربي الجديد"، إن التجريف بدأ الشهر الماضي بهدف السيطرة على أكبر قدر ممكن من مساحة الأراضي، وبالتالي ترحيل السكان استكمالا لسياسة الاحتلال الرسمية عبر الهدم ومحاولات الترحيل القسري، والتضييق على السكان من خلال تغول المستوطنين المستمر بالنهب والسرقة، بل وحتى حرق الممتلكات ليلا.
وأكد الحاج محمد مليحات، الذي يقطن التجمع منذ العام 1985، لـ"العربي الجديد"، أن الشوارع التي يشقها المستوطنون حاليا تضع حدودا للتجمع من أجل السيطرة على الأراضي وزراعتها لصالح المستوطنة، ولاحقا التأثير على التجمع لإخراج سكانه عبر محاربتهم برزقهم، وهو رعي المواشي، حيث تضيق مساحات الرعي منذ سنوات.
كما أشار أمين سر حركة "فتح" في منطقة العوجا التنظيمية، الذي شارك بالفعالية، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن هدف الاحتلال في هذه المنطقة ضم الأراضي للمستوطنة الزراعية المجاورة، حيث جرف ما لا يقل عن 300 دونم خلال الفترة الماضية، وهو كما يقول "جزء لا يتجزأ من خطة الضم"، مشيرا إلى عدد من الحواجز العسكرية التي يتم وضعها في كل مناطق الأغوار الفلسطينية، والهدف هو السيطرة على أكبر قدر ممكن من الأراضي التي تعد العمود الفقري للسكان، سواء للزراعة أو لتربية المواشي.
وإلى شمال الضفة الغربية، وتحديدا محافظة قلقيلية، أصيب 10 شبان برصاص الاحتلال والعشرات بالاختناق خلال مسيرة بلدة كفر قدوم الأسبوعية ضد الاستيطان واستمرار إغلاق مدخل البلدة الرئيسي، والتي خرجت هذا الأسبوع تحت شعار رفض قرار حكومة الاحتلال ضم أراض من الضفة الغربية للسيادة الإسرائيلية.
وأفاد بيان للجنة المقاومة الشعبية في كفر قدوم بأن جنود الاحتلال أطلقوا الرصاص الحي والمعدني المغلف بالمطاط وقنابل الغاز والصوت باتجاه المسيرة فور انطلاقها بعد صلاة الجمعة، ما أدى إلى اندلاع مواجهات عنيفة، ووقوع إصابتين بشظايا الرصاص الحي و8 إصابات بالرصاص المعدني، وأصيب عشرات الأشخاص بالاختناق، كما أشار البيان إلى اقتحام جنود الاحتلال لعدد من منازل المواطنين واستهداف منازل أخرى بقنابل الغاز والصوت.
وأقيمت في بلدة حارس، شمال غرب سلفيت، شمال الضفة، صلاة الجمعة على الأراضي التي تعرضت للتجريف واعتداءات المستوطنين، حيث دعت للأسبوع الرابع على التوالي كل من الفصائل وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان ولجان المقاومة الشعبية للفعالية.
وأفادت وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية (وفا)، بأن قوات الاحتلال اعتدت على المشاركين وأطلقت عليهم قنابل الصوت بعد توجههم إلى الشارع الرئيسي المحاذي للبلدة وإغلاقه، حيث حمل المتظاهرون الأعلام الفلسطينية واللافتات المنددة بسرقة الأراضي.
في سياق آخر، أصيب الطفل وديع فادي صلاح (15 عاما)، من بلدة الخضر، جنوب بيت لحم، برضوض وجروح مختلفة، إثر اعتداء مستوطنين عليه بالضرب. وأفاد الناشط أحمد صلاح لوكالة (وفا)، بأن مجموعة من المستوطنين هاجمت الطفل أثناء وجوده في محيط منزله بمنطقة أبو سود، غرب البلدة، القريب من الشارع الالتفافي الاستيطاني (60)، وطارده أفرادها وأمسكوا به ودفعوه من مكان عال، ما أدى الى إصابته برضوض وجروح مختلفة، وتم نقل الطفل إلى أحد مستشفيات بيت لحم.
في حين اعتقلت قوات الاحتلال ووحدة إسرائيلية خاصة، فجر اليوم الجمعة، ثلاثة مواطنين فلسطينيين من مدينة جنين ومخيم جنين، شمال الضفة الغربية، وسط اندلاع مواجهات بين الشبان وقوات الاحتلال، ولم يبلغ عن وقوع إصابات، بينما اعتقلت قوات الاحتلال، فجر الجمعة، أربعة مواطنين فلسطينيين من بلدة قفين، شمال طولكرم.