جنبلاط يحسم مشاركته في "حوار بعبدا" والحريري يتأنّى في ظل دعوات للمقاطعة

18 يونيو 2020
الحريري لم يحسم مشاركته (حسام شبارو/الأناضول)
+ الخط -

تتواصل اللقاءات بين رؤساء الأحزاب في لبنان للتشاور والتباحث بشأن آخر المستجدات على الساحة المحلية والتطورات الأمنية في محاولةٍ لمدّ الجسور بين الأفرقاء السياسيين، وذلك قبيل جلسة الحوار الوطني التي ستُعقد في قصر بعبدا برئاسة الرئيس ميشال عون في 25 يونيو/ حزيران الجاري والتي يعمل على إنجاحها شخصياً رئيس مجلس النواب نبيه بري.

ويأتي ذلك بالتزامن مع دخول "قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين" حيز التنفيذ الأربعاء، في ظل ترجيح أن تكون له تداعيات سلبية على الاقتصاد اللبناني بالنظر إلى التعامل العسكري والسياسي بين "حزب الله" والنظام السوري المستهدف بالعقوبات الأميركية، الواردة بالقانون.

وفي مقابل الجولات السياسية للتركيز على وحدة الصف في ظل الظروف الراهنة وضرورة المشاركة في جلسة الحوار التي ستوجه الدعوة فيها لرؤساء الكتل النيابية ورؤساء الحكومات السابقين، تبرز دعوات من قبل عدد من الشخصيات السياسية المعارضة والمجموعات المدنية لمقاطعة جلسة الحوار في قصر بعبدا لأنه يضم المنظومة السياسية نفسها التي أدت بالبلد إلى الانهيار. وبحسب هؤلاء فإن القائمين على المبادرة يحاولون اليوم الظهور بدور المنقذ.


واستقبل مساء اليوم رئيس "تيار المستقبل"، سعد الحريري، في بيت الوسط رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط على رأس وفد نيابي وحزبي، وعقد الطرفان خلوة بحثا فيها ملفات الساعة.
وقال جنبلاط، "جئنا اليوم في زيارة تضامن مع بيروت وطرابلس شمال لبنان، وجئنا لنؤكد على ضرورة الحوار بالرغم من كل الظروف الصعبة، والطريق طويل في هذا الإطار، ونحن نعلم أننا مع الرئيس الحريري والرئيس نبيه بري وكل المخلصين سنجتاز هذه الصعوبات ولن نفقد الأمل".


وحول مشاركته في الحوار، قال الحريري، "نحن معارضة، ولكل أمر وقته، بالمبدأ لسنا ضدّ الحوار، ولكن في ظلّ الأزمة والانهيار الذي نعيشه لم يعد ينفع الحوار من دون نتائج، والحوار يجب أن تكون له نتائج". وتابع قائلاً "الحوار الذي كان يحصل سابقاً وذلك الذي حصل بين "تيار المستقبل" و"حزب الله" برعاية الرئيس بري كان بهدف وأد الفتنة وكان له مفعول بعكس الحوارات الأخرى التي لم تأتنا بشيء".


وبينما لم يحسم الحريري مشاركته من عدمها في الحوار الوطني، أكد وليد جنبلاط حضوره ومشاركته شخصياً فيه.
وبشأن الأزمة التي يمكن أن يواجهها لبنان بسبب "قانون قيصر"، تساءل الحريري: "هل نحن من وضع قانون قيصر؟ نسمع دائماً من يسألنا عن هذا القانون فهل نحن من وضعه؟ الكونغرس الأميركي هو من وضع القانون ومجلس الشيوخ الأميركي هو من صدّقه والرئيس الأميركي هو الذي وقعه".
وأضاف: "هناك تداعيات لهذا القانون، ويعود للدولة اللبنانية أن ترى كيف ستتعامل معه كغيره من القوانين التي وضعت سابقاً وقلنا إننا لا نريد أن ننفذها، ثم عدنا وقمنا بإقرارها في مجلس النواب وتنفيذها لأنه في نهاية المطاف القانون أميركي وليس لبنانياً، وهو يطبق على الصينيين والروس وأي دولة تتعامل مع سورية. لذلك إذا أردنا أن نغض النظر عنه يمكننا فعل ذلك لكن إذا أراد لبنان أن يتحمل النتائج فعلى من تخطى القانون أن يتحمل هذه العواقب".
ورداً على سؤال حول ما إذا كان هناك قرار بإعادة استخدام طرابلس كصندوق بريد (كإشارة لانعكاس الأحداث الداخلية بطرابلس)، وأن من ينتمون الى بهاء الحريري (شقيق رئيس تيار المستقبل الأكبر) والمنتدى هم من يحركون الشارع، أجاب الحريري، "سرايا المقاومة لم تقصر أيضاً، (تابعة لحزب الله) وآخرون كالمنتدى لم يقصّروا وغيرهم كذلك، وهناك أجهزة أمنية وبالنسبة إلينا الغطاء مرفوع عن كل الناس من قبلنا".
في سياق منفصل، قال رئيس "حزب الكتائب" النائب سامي الجميل، في مؤتمر صحافي عقده الأربعاء، "سنتخذ القرار المناسب بشأن حضور حوار بعبدا في اجتماع المكتب السياسي الكتائبي وعندما يتم وضع جدول أعمال واضح لجلسة الحوار".


وخصّص الجميل مؤتمرّه للردّ على كلمة أمين عام "حزب الله"، حسن نصر الله، المتلفزة مساء الثلاثاء، وقال، "لبنان يدفع ثمن سياسة حزب الله خارج إرادته بقوة السلاح"، مشدداً على أن "الشعب هو سيد قراره ويجب أن نعيد له القرار عبر الانتخابات النيابية".


ورأى الجميل أن "أمين عام حزب الله يخرجنا من الاقتصاد العالمي ويكرّس عزلتنا الدولية والعربية ويحوّلنا الى بلد دون طموح ورفاهية"، متسائلاً: "هل يحق لفريق من اللبنانيين أن يقرّر عن كل اللبنانيين وأن يأخذنا الى لبنان لم نقرّره؟".
ورفع رئيس "الكتائب" من لهجة تصريحه تجاه نصر الله قائلاً، "لا نريد مجتمعاً ممانعاً إنما مجتمعاً منفتحاً ولا نريد مليشيات إنما سلاحاً واحداً هو سلاح الجيش"، مضيفاً: "لسنا عملاء إنما لبنانيين ونطلب منك أن تضع نفسك معنا تحت سقف الدستور لنحمي لبنان معاً عبر جيشنا البطل".
ولم تحسم غالبية الكتل النيابية موقفها من المشاركة في حوار بعبدا، ومن بينها "حزب القوات اللبنانية" و"الكتائب" بانتظار جدول أعمال جلسة الحوار لبناء الشيء على مقتضاه ولا سيما أن رئيس "القوات"، سمير جعجع، سبق أن شارك في "اللقاء الوطني المالي" الذي عقد في السادس من مايو/ أيار الماضي، وخرق بخطوته هذه مقاطعة قوى "14 آذار" وعلى رأسهم الحريري الاجتماع.
ويعمل نبيه بري و"حزب الله" على التواصل مع رئيس "تيار المردة"، سليمان فرنجية، لحثه على المشاركة في الحوار منعاً لتكرار تغيّبه عن اجتماع قصر بعبدا الأخير للمحافظة على وحدة الصف ولا سيما في ظلّ الضغوطات الخارجية التي يتعرّض لها "حزب الله".
أما رؤساء الحكومات السابقون الذين اجتمعوا مساء الثلاثاء للتداول بأبرز المستجدات السياسية فلم يحسموا موقفهم بعد، ولكن بيانهم ارتكز على مهاجمة رئاسة الجمهورية والحكومة برئاسة حسان دياب التي برأيهم لم تقدم على أي خطوة جدية وحاسمة لمباشرة الإصلاح. ورأى الرؤساء أن "هذا الوضع وما يحمله من انعكاسات وتداعيات سلبية وخطيرة أصبح يستدعي من العهد والحكومة المبادرة فوراً إلى اتخاذ ما يلزم من أجل الإنقاذ الوطني بشتى أشكاله واستعادة الثقة في لبنان ودولته واقتصاده ومستقبله".


وقال رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة لـ"العربي الجديد" في وقت سابق إنّ الحوار ضروري في كل الأوقات وعندما توجه إليه الدعوة سيبحث موضوع المشاركة أو عدمها. وأضاف أن "أي حوار يحتاج في المقابل إلى تحقيق المقررات التي تصدر عنه والنتائج المرجوة منه وتجارب الماضي ليست مشجعة في هذا الإطار".

وقال كذلك "أنا من رؤساء الحكومات السابقين الذين عايشوا الحوار والإصلاح ودائماً كان هناك استعصاء أي عدم رغبة بالإصلاح منذ التسعينيات وحتى يومنا هذا، لأن الإرادة لم تكن موجودة لا بل كان هناك نوايا مقصودة بعدم إجراء أي إصلاح والدليل استمرار مشكلة الكهرباء والعجز الحاصل في القطاع".
وكان نائب رئيس مجلس النواب، إيلي فرزلي قال لـ"العربي الجديد" إنّ "هناك تحديات داخلية وخارجية تحتم علينا استنفار الإرادة الوطنية الجامعة لمواجهة الأخطار الآنية والقادمة على لبنان، من هنا فإنّ ما يميّز طاولة الحوار التي ستعقد في قصر بعبدا عن سابقاتها هو حجم المخاطر التي تستهدف البلاد وجديتها خصوصاً أننا جمعياً على مركب واحدٍ وغرقه يعني غرق الكلّ من دون استثناء". ولفت فرزلي إلى أنّ "المشاركة يجب أن تكون شاملة ومن لا يحضر عليه أن يتحمّل مسؤولية قراره علماً أنّ المقاطعة اليوم لا تصب في صالح لبنان".

المساهمون