وإذا كان بايدن أكبر المستفيدين، فإن الرئيس ترامب أكثر المتضررين؛ ففي حساباته أن معركته ستكون أسهل ضد "اشتراكي"، وهو لقب يسهل تنفير الأميركيين من صاحبه. ثم إن الرئيس ترامب كان من البداية متخوفاً من بايدن، باعتباره أغنى خبرة في شؤون الحكم من باقي المرشحين الديمقراطيين. ومن هنا، كانت محاولة نبش فضيحة أوكرانيا ضده، لكنها ارتدت على الرئيس وكادت تؤدي إلى عزله.
غير أن هناك إشكالية أخرى قد تؤذي بايدن إذا ما امتدت أجواء كورونا إلى موعد الانتخابات في نوفمبر/تشرين الثاني القادم؛ فالرئيس أعلن من اليوم رفضه للتصويت بالبريد في انتخابات الرئاسة، إذا ما حال الوباء دون الحضور إلى صناديق الاقتراع. رهانه على ما يبدو على أن ذلك من شأنه خفض الإقبال في صفوف الديمقراطيين والمستقلين، خوفاً من الوباء وبما يساعد على هزيمة منافسه.
على الإثر، جرى التحرك في الكونغرس لسن قانون يشرّع تصويت البريد لو اقتضى الأمر. المشكلة أن مثل هذا القرار مسدودة طريقه في مجلس الشيوخ المسيطر عليه من الجمهوريين الواقفين مع الرئيس. وبالتالي قد يكون للبيت الأبيض ما يريد إذا تعذر التوافق على صيغة حل لهذا الإشكال، فيما لو استمر شبح كورونا حتى الخريف القادم.
وأمس أجرى الجمهوريون "البروفه" وكسبوا الجولة. فبالرغم من توقف انتخابات التصفية منذ أواسط مارس/آذار الفائت بسبب كورونا، أجرتها ولاية وسكنسون، أمس الثلاثاء، وبالحضور الشخصي ولو في ظل حالة الرعب السائدة. حاكم الولاية الديمقراطي أمر بتأجيل الاستحقاق إلى موعد لاحق. لكن الجمهوريين استعانوا بالقضاء لنسف قراره، وكان لهم ما أرادوا حين وقفت المحكمة الفيدرالية العليا بقرار مستعجل إلى جانبهم، بأكثرية أعضائها المحافظين. وبالفعل، كان الإقبال فيها في أدنى حدوده.
وإذا ما أصرّ فريق الرئيس على هذه الصيغة، برغم اعتراض الديمقراطيين، وبقيت كورونا سيدة الساحة إلى ذلك الحين، عندئذ، من المتوقع نشوب أزمة مفتوحة على مأزق دستوري غير مسبوق، بدأت سيرته تحتل منذ الآن واجهة المداولات المتعلقة بموضوع الانتخابات يدور الجدل المبكر، ولأول مرة، حول كيفية إجرائها.