مصر: عبد العال يطالب النواب بتجاهل كورونا وسد النهضة

06 مارس 2020
يتجنّب النواب إثارة الجدل حول ملفات محددة(محمد مصطفى/Getty)
+ الخط -
لا حديث في مصر يعلو فوق أزمة فشل مفاوضات سد النهضة، والمخاوف المشروعة من انتشار فيروس كورونا، وهو ما أثار تساؤلات لدى المواطنين حول دور مجلس النواب في هذين الملفين، لا سيما أن رئيس المجلس وأعضاءه يتجنبون الحديث عنهما تماماً، على الرغم من الاختصاصات الدستورية الممنوحة للسلطة التشريعية في مساءلة الحكومة، وارتباط الملفين بصحة وحياة جميع المصريين. وكشفت مصادر برلمانية أن رئيس المجلس علي عبد العال، أعطى تعليمات لرؤساء لجان العلاقات الخارجية والشؤون الأفريقية والشؤون الصحية في البرلمان، بعدم الدعوة إلى اجتماعات من شأنها مناقشة أيّ من الملفين، أو طلب استدعاء الوزراء المختصين أو أي من ممثلي الحكومة، للرد على الأسئلة أو طلبات الإحاطة أو البيانات العاجلة التي تقدم بها النواب بشأنهما.

وأفادت المصادر لـ"العربي الجديد"، بأن هناك حالة من الغضب المكتوم بين أعضاء هذه اللجان، خصوصاً أن المواطنين يلقون باللوم عليهم في دوائرهم، على خلفية تجاهلهم الملفات الهامة التي تشغل الرأي العام، وتركيزهم على قضايا أخرى فرعية وغير هامة للمواطن عوضاً عنها، بما يؤثر سلباً على فرص النواب في انتخابات البرلمان المرتقبة نهاية العام. وأضافت المصادر أن وفداً مصغراً من لجنة الشؤون الصحية التقى عبد العال، للمطالبة بموافقته على عقد اجتماع للجنة هذا الأسبوع، لاستعراض إجراءات وزارة الصحة والسكان الخاصة بمواجهة فيروس كورونا، وإصدار اللجنة لتوصياتها في هذا الشأن، غير أن الأخير رفض الموافقة على عقد الاجتماع بحجة سفر الوزيرة هالة زايد إلى الصين، وانشغال قيادات الوزارة في المتابعة الميدانية للحالات المشتبه في إصابتها. وبحسب المصادر، فقد جدد عبد العال مطالبته للجنتي العلاقات الخارجية والشؤون الأفريقية، بعدم التطرق لأزمة سد النهضة على الإطلاق، سواء من قريب أو بعيد، وهو ما يُشكل مخالفة صريحة للائحة البرلمان، لما يمثله هذا الموضوع من اختصاص أصيل للجنتين، مشيرة إلى أن لجنة الشؤون الأفريقية استحدثت داخل البرلمان في عام 2016 لبحث ملف سد النهضة على وجه التحديد.



في السياق، قال مصدر مطلع في الأمانة العامة للبرلمان، إن رفض رئيس مجلس النواب مناقشة أزمة كورونا أو ملف سد النهضة، بإيعاز من الأمين العام للبرلمان، المستشار المنتدب من مجلس الدولة محمود فوزي، هو أمر غير مسبوق في تاريخ المجالس النيابية المصرية، التي جرى العرف فيها على استعراض الملفات ذات الأولوية للمواطن، ولو عن طريق عقد اجتماعات "صورية" للخروج بتوصيات "شكلية". وأضاف المصدر لـ"العربي الجديد"، أن مجلس النواب يملك كافة الصلاحيات الدستورية لاستعراض أي أزمة تهم الرأي العام، حتى لا يكون منفصلاً عن الواقع وما يجري في الشارع، مستطرداً أن دعوة الخبراء والمختصين من الحكومة أو الأكاديميين، لبحث تطورات مفاوضات سد النهضة، أو إجراءات القضاء على فيروس كورونا، هو أقل ما يفعله أعضاء البرلمان "حفظاً لماء الوجه" أمام الناخبين.

من جهته، أصدر عضو لجنة الشؤون التشريعية في البرلمان، حسن بسيوني، بياناً جاء فيه أن "امتناع إثيوبيا عن حضور مفاوضات التوقيع النهائي بشأن سد النهضة في واشنطن، أثبت للعالم أجمع سوء نيتها، ومراوغتها في سلسلة المفاوضات، سعياً لتحقيق أهداف أخرى تضر بالمصالح المصرية، وقد يكون من بينها رغبتها في بيع المياه لمصر". وأضاف بسيوني أنه "لم يعد من المقبول أن تلتمس مصر أعذاراً أو مبررات جديدة لمواقف إثيوبيا المتعنتة، والتي تتعمد المراوغة لكسب الوقت حتى بناء وتشييد أكبر قدر ممكن من جسم السد قبل الاتفاق"، مستدركاً "بعد استنفاد كافة وسائل المفاوضات، لا يمكن للقاهرة أن تقف عاجزة أمام المؤامرة الإثيوبية التي أصبحت واضحة للعيان، وعليها استخدام كافة الوسائل الدبلوماسية والقانونية اللازمة للحفاظ على حقوقها التاريخية من مياه النيل، والتي تمثل قضية أمن قومي لكل المصريين".

وسبق أن ذكرت مصادر مصرية أن "القاهرة تستعد لإعلان موقف رسمي جديد بشأن أزمة سد النهضة، بعد امتناع أديس أبابا عن التوقيع على اتفاق واشنطن، الذي جهزته الإدارة الأميركية عبر وزارة الخزانة والبنك الدولي، بعد جولات من المفاوضات بين وزراء مياه وخارجية دول مصر والسودان وإثيوبيا، وإعلان الأخيرة، نيتها البدء في التخزين خلف السد من دون التوصل لاتفاق نهائي". وتدفع مصر ثمن سلسلة من الأخطاء السياسية والفنية، وعلى رأسها توقيع الرئيس عبد الفتاح السيسي على اتفاق المبادئ عام 2015، الذي اعترف أولاً بحق إثيوبيا في بناء السد، الأمر الذي لم تكن مصر قد بادرت به من قبل، وأقر ثانياً بحقها السيادي في إدارته، ولم يقرر أي جزاء قانوني دولي عليها في حال مخالفة الاتفاقات السابق توقيعها في إطار الإدارة المشتركة لمياه النيل.

وعلى صعيد أزمة كورونا، فقد أعلن قطاع الطب الوقائي بوزارة الصحة المصرية احتجاز 5 حالات لأجانب مشتبه في إصابتها بفيروس كورونا بمستشفى حميات إمبابة بالجيزة، في الوقت الذي ارتفع فيه عدد الإصابات بالفيروس ممن غادروا مصر أخيراً إلى 15 شخصاً، بواقع ستة مصابين في فرنسا، وثلاثة مصابين في الصين، ومصابين اثنين في الولايات المتحدة، ومصاب واحد في كندا، ومصابة واحدة في تايوان.