وأكد مصدر دبلوماسي جزائري لـ"العربي الجديد" ترشيح لعمامرة رئيساً لبعثة الأمم المتحدة، خلفاً لسلامة، الذي قدم استقالته من منصبه مطلع الشهر الجاري.
وتدعم الجزائر اختيار الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، للعمامرة بحكم خبرته ومساره الدبلوماسي وتجربته في الوساطة والمساعدة في حل بعض النزاعات في أفريقيا، إضافة إلى أن العلاقة الجيدة التي تربط الجزائر بمختلف أطراف الأزمة في الداخل الليبي قد توفر للعمامرة أرضية مساعدة لبناء حل سياسي.
ويشغل لعمامرة في الوقت الحالي منصب مفوض للاتحاد الأفريقي للسلام مكلف بمهمة "إسكات البنادق"، وهو عضو في فريق "الأزمات الدولية"، وشغل قبل ذلك منصب وزير للخارجية الجزائرية، ثم نائب لرئيس الحكومة الجزائرية لفترة قصيرة عقب اندلاع الحراك الشعبي في الجزائر. وغادر الحكومة بعد الإعلان عن حكومة جديدة في منتصف مارس/ آذار 2019، ورفضت مظاهرات الحراك الشعبي حينها محاولته الإشراف رفقة الدبلوماسي الأخضر الإبراهيمي على ندوة وفاق وطني.
Twitter Post
|
وبالرغم من وجود مرشحين تونسيين وازنين في مكانة وزيري الخارجية السابقين خميس الجيهناوي ومنجي الحامدي، إلا أن كفة المنافسة كانت تتجه نحو شخصيات أخرى من خارج الفضاء المغاربي على غرار الدبلوماسية الأميركية ستيفاني ويليامز، التي تولت منصب نائبة رئيس البعثة منذ يوليو/ تموز 2017، وشغلت سابقاً منصب القائمة بأعمال السفارة الأميركية في طرابلس، ورئيس وزراء السودان الأسبق، يعقوب الحلو. وهو ما دفع الدبلوماسية التونسية، على ما يبدو من كواليس التعيين، إلى أن تنحاز لجارتها الكبرى الجزائر في إطار تضامن القرب ودبلوماسية الجوار.
ويرى المحلل عبد المنعم المؤدب، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "تونس كسبت موقفاً ومكانة بدعمها للجزائري لعمامرة ببقائها في دائرة المبادرة المغاربية التي تجمع تونس والجزائر حول حل الأزمة الليبية والتي تمخضت عن اللقاء الذي جمع الرئيسين التونسي قيس سعيد والجزائري عبد المجيد تبون".
وأضاف المؤدب أن "حظوظ تونس لم تكن بقدر حظوظ الجزائر، بحسب ما نقلته الكواليس، ولكن دفع تونس ودعمها للجزائر يبقيانها في نادي المبادرين، بالإضافة إلى موقعها الدبلوماسي المتميز بعضويتها غير الدائمة لمجلس الأمن واحتضانها لقمة الفرنكوفونية لهذا العام".
وقد ينهي تعيين لعمامرة حالة الارتباك والاهتزاز في الأوساط الليبية من انهيار المسارات الثلاثة للأزمة المعروفة بمحادثات جنيف والقاهرة ومخرجات مؤتمر برلين الأخير، والتي كانت تدار برعاية مباشرة من سلامة، لكن هذه المسارات لم تكن متماسكة، في ظل غياب أي بوادر إيجابية لنجاحها بحسب المحلل.
وتوقع المؤدب أن تقدم الجزائر وتونس زخماً جديداً للمحادثات حول الأزمة بليبيا بعد حقبة كانت محكومة بالفشل، بفعل تعدد الأطراف الخارجية اللاعبة في الأزمة وتضارب المصالح بين الدول ورعاة الحوار، إضافة إلى عدم احترام أطراف الخلاف الليبي لقرارات الأمم المتحدة.
وذهب مراقبون إلى أن استقالة سلامة مردّها ضغوط دول دفعت إلى عرقلة مسار السلام في ليبيا وتحقيق المصالحة إلى جانب يأسه وخيبة أمله من المجتمع الدولي، فبعد مؤتمر برلين ظنّ أنه سيحظى بدعم دولي كافٍ لحل الأزمة، الشيء الذي يؤكد أن مهمة لعمامرة، إن حظي بالمنصب، لن تكون بالهينة رغم عامل القرب الجغرافي والتاريخي ومعرفته الدقيقة بالجوار الليبي وأطراف النزاع.