لا تختلف أجواء جلسة البرلمان العراقي، المقرر عقدها اليوم السبت، عن نظيرتها التي عقدت أمس الأول الخميس، لجهة استمرار النقاط الخلافية ذاتها بين الكتل البرلمانية حيال التصويت على منح الثقة لحكومة محمد توفيق علاوي، الذي يبدو أنه لا يحمل في جعبته أوراقاً كثيرة، إذ ناور الكتل السياسية في الساعات الماضية، بورقة تغيير أسماء المرشحين لشغل حقائب حكومته الوزارية، وكذلك الموافقة على جملة من المطالب التي تقدمت بها القوى الكردية، في الوقت الذي تطرح قوى سياسية أخرى فكرة أن الاعتراض لم يعد على البرنامج الحكومي أو الوزراء بل على شخص علاوي نفسه. علاوي الذي يحاول أن يسرب بين وقت وآخر حتى قبل ساعات من انعقاد جلسة البرلمان الجديدة، أنه مستعد لتسجيل خطاب صوتي يكشف الكتل التي حاولت ابتزازه لمنحه دعمها والتصويت له مقابل المناصب الوزارية أو ما دونها في حكومته، خاض نهار أمس الجمعة جولة مفاوضات واسعة مع عدة قوى سياسية لم يبد أنه وُفّق في كثير منها، إذ إن الخلافات اتسعت لتشمل قوى سياسية شيعية تشعر بخطورة ميل علاوي لكتل معينة دون أخرى، على غرار كتلة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، "دولة القانون"، التي أكد قيادي بارز فيها لـ"العربي الجديد"، أن علاوي يميل للصدر والعامري (مقتدى الصدر، وهادي العامري)، وقد تستولي الكتلتان على أغلب امتيازات الحكومة الجديدة بما ينفي عنها صفة الاستقلالية. فيما كشفت مصادر في الدائرة القانونية بالبرلمان العراقي، لـ"العربي الجديد"، مساء أمس، أنّ رئيس الوزراء المكلف قدم طلباً رسمياً مستعجلا لرئاسة البرلمان، بتأجيل الجلسة إلى يوم غد الأحد، مبينة أنّ الطلب من ناحية قانونية مستوفى ويمكن لرئاسة البرلمان عقد الجلسة الأحد.
وأخفق علاوي، في تمرير حكومته في البرلمان العراقي، الخميس، بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني للجلسة، إذ امتنع النواب عن العرب السنّة والشيعة وقوى كردية ونواب المكوّن المسيحي عن دخول قاعة البرلمان رغم تواجدهم في المبنى ذاته، وهو ما انتهى بمشادة كلامية بين رئيس البرلمان محمد الحلبوسي ونائبه الذي ينتمي للتيار الصدري، حسن الكعبي، على خلفية تأجيل جلسة منح الثقة لرئيس الوزراء المكلف.
وأقر عضو في البرلمان مقرّب من علاوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، بأن علاوي "يلاقي صعوبة في حصوله وحكومته الجديدة على ثقة البرلمان، خصوصاً مع تعثر تفاهماته مع القوى السياسية الرئيسة في المجلس النيابي". وأكد أنه على الرغم من تقديم علاوي تنازلات فيما يتعلق بمرشحي حكومته لشغل الوزارات وكذلك إضافة بنود إلى برنامجه الحكومي، إلا أن الخلافات لم تحل وهناك جانب شخصي في الخلاف غير خاف. كما أن قوى سياسية تتحفظ على قربه الحالي من كتل وقوى سياسية معينة، مرجحاً أن جلسة اليوم السبت قد تواجه نفس سيناريو جلسة الخميس وسيحتاج علاوي إلى أكثر من الحظ لتمرير وزارته اليوم.
في المقابل، أكد القيادي في تحالف الفتح، النائب فاضل الفتلاوي، في اتصال مع "العربي الجديد"، أنه "بعد فشل جلسة الخميس، دارت مفاوضات وحوارات مكثفة بين كافة القوى السياسية، وهناك تفاؤل بأن حكومة محمد توفيق علاوي، ستمرر بجلسة السبت". وبيّن الفتلاوي أن "الأغلبية البرلمانية، الداعمة لحكومة علاوي، موجودة منذ جلسة يوم الخميس الماضي، لكن نحن أردنا أن يكون هناك إجماع للتصويت على الحكومة الجديدة، بمشاركة كافة القوى السياسية ومن كل المكونات". وأضاف أن جلسة السبت، ستشهد التصويت على حكومة محمد توفيق علاوي، إذا حصل إجماع وطني عليها، وإذا لم يحصل فسوف تمرر بالأغلبية السياسية، التي تكتلها القوى الشيعية. وختم بالقول إن "الحوارات والمفاوضات، قبل عقد جلسة، اليوم بساعات، ستكون هي الحاسمة للوصول إلى توافقات واتفاقات بين كافة القوى السياسية".
بدوره، قال النائب يحيى المحمدي، المتحدث باسم تحالف القوى العراقية، بزعامة الحلبوسي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الخلافات السياسية، ما زالت قائمة، وما زالت الكثير من القوى السياسية، من المكون السني والكردي، وحتى بعض القوى السياسية الشيعية معارضة لتمرير حكومة علاوي". وأوضح أن "تمرير حكومة علاوي في البرلمان صعب، بسبب وجود معارضة لها من قوى رئيسية، كما نتوقع أن جلسة اليوم، قد لا يحالفها الحظ في عقدها بسبب النصاب القانوني، ولغاية الآن لا يوجد اتفاق وتوافق على إكمال النصاب". وأضاف أن "هناك إصرارا من بعض القوى السياسية على تمرير حكومة علاوي، بجلسة اليوم، لكن إذا عقدت جلسة بحصول نصاب قانوني، ربما تسقط حكومة علاوي، بالتصويت، وربما أيضاَ تمر لكن هذا التوقع ضعيف". وأكد أنه "في حال مررت القوى الشيعية حكومة علاوي، من دون مشاركة السنة والأكراد، سنكون معارضين لها وستكون لنا مواقف أخرى تعلن لاحقاً".
من جهته، أكد القيادي في ائتلاف "دولة القانون"، سعد المطلبي لـ"العربي الجديد"، أن "الخلافات السياسية ما زالت قائمة وهي عميقة جداً، وهذه الخلافات أعمق من قضية مصالح ومناصب، فهناك خلاف على قدرة رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي، على إكمال المهمة، وإدارة المرحلة الانتقالية، كما أن الاختيارات في التشكيلة الوزارية بعيدة جداً عن مطالب الجماهير الثائرة"، مضيفاً أن "عملية الإصلاح، تتم حالياً بنفس أدوات المحاصصة وأدوات التوافق السياسي، التي انتفض عليها الشباب الثائر، فهذه الأدوات غير قادرة على أي عملية إصلاح". وبيّن المطلبي أنه "وفق المعطيات فإن جلسة اليوم السبت لن يتحقق فيها النصاب القانوني، وحتى إذا حصل، فالاحتمال كبير بعدم حصول الحكومة على الثقة. لكن الحوارات مستمرة حتى قبل انعقاد الجلسة، كمحاولة للوصول إلى اتفاق بين القوى السياسية، والمفاجآت مطروحة بكل الأحوال من خلال قرارات اللحظات الأخيرة المعروفة بالعراق".