في موازاة المباحثات التركية الروسية التي شهدتها موسكو اليوم الإثنين حول الملف السوري وتطورات إدلب، والتي تقرر استمرارها غداً الثلاثاء، في إشارة واضحة إلى الفشل في التوصل إلى تفاهمات، كان النظام السوري ومليشيات تسانده وبدعم جوي روسي، يحاول التقدّم أكثر في ريفي إدلب وحلب، بعدما سيطر الأحد على جيب هام في ريف حلب الغربي، يمكّنه من تأمين مدينة حلب بالكامل من جهاتها الأربع. وسعت قوات النظام للتقدّم أكثر نحو طريق عفرين-إدلب، عبر طريقين مفترضين، سيكفل سلوك أحدهما فصل إدلب عن عفرين والمناطق المتبقية تحت سيطرة المعارضة ونفوذ تركيا شمالي وشرق سورية، ما سيجعل مصير الملايين في إدلب ومخيماتها الشمالية كارثياً، إما لجهة حصارهم وقطع الإمداد عنهم، أو لجهة تهديدهم بالقصف المستمر.
واستضافت موسكو اليوم جولة جديدة من المباحثات الروسية التركية، والتي تبدو كفرصة أخيرة لوضع مقاربة جديدة للوضع في إدلب ترضي الطرفين، مع الرهان على إبداء موقف روسي أكثر مرونة، مقابل إصرار أنقرة على انسحاب النظام من المناطق التي تقدّم إليها أخيراً، وتلميحها بنيّتها التعامل مع أكثر الملفات العالقة بينها وبين موسكو في طريق إيجاد حل في إدلب، وهو ملف "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، حين أشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزير الدفاع التركي خلوصي أكار قبل أيام، إلى إمكانية وضع حد لكل من سيقف في وجه تطبيق وقفٍ مستدامٍ لإطلاق النار، بما فيها الجماعات الراديكالية.
وأعلنت الخارجية التركية، أن جولة ثانية من المحادثات ستجري غداً الثلاثاء، موضحة أن الوفد التركي شدد خلال المحادثات اليوم على خفض التوتر في إدلب. وذكر البيان أن الوفد التركي أكد في المفاوضات "الحاجة إلى التخفيف الفوري للتوترات في المنطقة ومنع تدهور الحالة الإنسانية". وأضاف "تمت مناقشة التدابير التي يمكن اتخاذها لمنع انتهاك وقف إطلاق النار. وقد تمت الإشارة أيضاً إلى ضرورة العمل في إطار اتفاقية سوتشي حول إدلب".
وكانت مصادر تركية مطلعة قد قالت لـ"العربي الجديد" قبيل الاجتماعات، إن الطرفين سيبحثان خطة لوقف إطلاق نار شامل في إدلب، معتبرة أن "مشروع وقف إطلاق النار الشامل، هو فرصة التفاوض الأخيرة بين أنقرة وموسكو، على خلفية تدهور الأوضاع في منطقة خفض التصعيد بإدلب". وأضافت أن تركيا "أوضحت مطالبها للجانب الروسي، وهي ابتعاد النظام إلى خارج حدود منطقة خفض التصعيد، وفتح الطرق الدولية بصيغة مشتركة".
في المقابل، قال وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، إن تركيا وروسيا تواصلان التعاون من أجل التوصل لتفاهم نهائي حول إدلب السورية. وفي تصريح أدلى به لصحيفة "إزفيستيا" الروسية، قال "يجب علينا ألا نسمح للأزمة السورية بأن تؤثر على التعاون بين البلدين". وأشار إلى وجود العديد من الإجراءات التي يجب اتخاذها حيال إدلب، مضيفاً "تواصل تركيا وروسيا التعاون من أجل التوصل إلى تفاهم نهائي حول إدلب".
من جهته، أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن العسكريين الروس والأتراك على تواصل دائم في إدلب، وأن تفاهماً كاملاً يسود بينهم، معرباً عن أمله في إمكانية خفض حدة التوتر هناك. وشدد لافروف في تصريحات للصحافيين في ختام مشاركته في مؤتمر ميونخ للأمن اليوم، على أن فصل المسلحين المستعدين للحوار مع النظام السوري، عن "الإرهابيين"، يمثّل مفتاحاً لتسوية الوضع في إدلب، وأضاف أن انعدام التقدّم على هذا الصعيد أدى إلى توقيع اتفاق على إنشاء منطقة منزوعة السلاح داخل إدلب، لكن تنفيذ هذا الاتفاق تعثر أيضاً على الرغم من نشر نقاط مراقبة تركية هناك. وادعى أن "الإرهابيين استمروا في قصف مواقع الجيش السوري وقاعدة حميميم الروسية من خلف نقاط المراقبة التركية، الأمر الذي لم يكن ممكنا تركه بلا رد، وتصدت القوات السورية بدعم روسي لكل تحرك من هذا القبيل".
في هذا الوقت، أعلن رئيس النظام السوري بشار الأسد أن قواته عازمة على مواصلة القتال حتى "تحرير" كافة الأراضي الخارجة عن سيطرتها. وقال الأسد في كلمة متلفزة بثّها التلفزيون الرسمي إن "معركة تحرير ريف حلب وإدلب مستمرة بغضّ النظر عن بعض الفقاعات الصوتية الفارغة الآتية من الشمال، كما استمرار معركة تحرير كل التراب السوري وسحق الإرهاب وتحقيق الاستقرار". وأضاف "إلا أننا نعي تماماً أنّ هذا التحرير لا يعني نهاية الحرب ولا يعني سقوط المخططات ولا زوال الإرهاب ولا يعني استسلام الأعداء، لكنه يعني بكل تأكيد تمريغ أنوفهم بالتراب كمقدمة للهزيمة الكاملة عاجلاً أم أجلاً، وهو يعني أيضاً ألا نستكين بل أن نحضّر لما هو مقبل من معارك".
ميدانياً، كانت قوات النظام قد سيطرت الأحد على قرى ومدن هامة في ريف حلب الغربي، الذي يضم قرى وبلدات شويحنة، كفرحمرة، جمعية الزهراء، بيانون، حيان، حريتان، عندان، تل مصيبين، بابيص، معارة الأرتيق، جمعية الهادي، بشقاتين، الهوتة، الليرمون، حريتان، جمعية الزهراء، الملاح، كفرداعل، الواقعة شمالي غرب حلب، بعد انهيار لقوات المعارضة هناك وانسحابها بشكل غير مفهوم.
وبعد هذه السيطرة، تحاول قوات النظام مواصلة تقدّمها غرباً، انطلاقاً من بلدة عنجارة التي تقدّمت إليها صباح اليوم الاثنين، إما بسلوك الطريق إلى ترمانين ثم إلى بلدة الدانا فسرمدا والوصول إلى معبر باب الهوى الاستراتيجي على الحدود السورية التركية، الذي روّج إعلام النظام أخيراً لأهمية السيطرة عليه، أو اختيار الطريق الأطول بالانطلاق من جبل الشيخ عقيل الاستراتيجي الذي بات هو الآخر تحت سيطرة قوات النظام بعد معارك مع قوات المعارضة، نحو دارة عزة في ريف حلب الشمالي الغربي، ثم الوصول إلى بلدة أطمة الحدودي شمالي إدلب، مروراً بمناطق المخيمات التي تغص بآلاف النازحين ولا سيما تجمّع مخيمات قاح وعقربات.
اقــرأ أيضاً
وتكمن خطورة سيطرة النظام على جبل الشيخ عقيل، والذي توجد فيه أيضاً نقاط للجيش التركي، بأن قوات النظام ستصبح قادرة على السيطرة على دارة عزة ما يعني الإشراف من مكان مرتفع على منطقة أطمة، التي تعج بمخيمات النازحين والمهجرين، والإشراف على طريق "غزاوية" الشريان الرئيسي الواصل بين عفرين وإدلب. كما أن سيطرة النظام على هذا المحور وتقدّمه في محور الأتارب أيضاً في سيناريو آخر، يضعه على طريق معبر باب الهوى، كخيار أو طريق ثالثٍ ربما، ما سيجعل قرابة ثلاثة مليون نسمة في إدلب وريفها تحت خطر الحصار شبه الكلي، ويحرم المعارضة من التحرك بحرية على الطرق الرئيسية.
كما أن تقدّم النظام بهذه الطريقة، يقرّبه من الوصول إلى الحدود السورية التركية في كل من ريفي إدلب وحلب، ذلك للمرة الأولى منذ عام 2012 عندما فَقَد النظام السيطرة على المعابر الحدودية في المحافظتين لصالح فصائل الجيش السوري الحر.
في غضون ذلك، قال مراسل "العربي الجديد" في إدلب، إن الجيش التركي أنشأ نقطة جديدة على الطريق الوصل بين بلدتي الدانا وسرمدا الحدوديتين شمالي إدلب اليوم الاثنين. وكانت مدرعات للجيش التركي قد انتشرت صباح الأحد داخل بلدة سرمدا، ما يشير إلى توجس تركي من تقدّم قوات النظام نحو الحدود مع تركيا.
ولا شك في أن التقدّم على أحد المحورين أو الثلاثة التي سيوصل أحدها قوات النظام إلى الحدود ومعبر باب الهوى، سيجعل شهية النظام مفتوحة للتقدّم أكثر في عمق المحافظة، وهنا لا يمكن استثناء مدينة إدلب من دائرة الخطر، إذ تقف قوات النظام على بُعد سبعة كيلومترات من المدينة، بعد سيطرتها على بلدة النيرب إلى الشرق منها بداية الشهر الحالي، ما سيعيد الوضع الأمني في إدلب إلى ما قبل 2015، أي حين سيطرت قوات المعارضة على مناطق واسعة في إدلب، ومنها إدلب المدينة ومدينتا جسر الشغور وأريحا ومساحات واسعة في محيط تلك المدن، وإن حدث ذلك، يعني تغلغل النظام داخل مناطق سيطرة المعارضة، وتمكّنه من رصد كل المناطق الخاضعة لسيطرتها، ما يسهل استهدافها واستهداف المدنيين فيها.
بيد أن الخطوة الاستراتيجية لقوات النظام وحليفها الروسي، والتي ربما تكون مؤجلة في الوقت الحالي إلى ما بعد تحقيق تقدّم باتجاه معبر باب الهوى، تكمن في السيطرة على كامل الطريق الدولي حلب-اللاذقية "أم 4"، بعد إعلان السيطرة الكاملة على طريق حلب-دمشق أم 5" قبل أيام. وسيكون لتلك المعركة وقعها المؤلم من الجانب الإنساني، إذ يُتوقع أن تعمد قوات النظام وحليفها الروسي إلى تفريغ المدن والبلدات على جانبي الطريق وصولاً إلى اللاذقية، ويعني ذلك السيطرة على أريحا والتقدّم غرباً حتى الوصول إلى جسر الشغور، بكل ما سيعترضها خلال الطريق من عشرات المدن والبلدات التي تغص بالمدنيين.
والسيطرة على طريق حلب-اللاذقية (أم 4)، يعني شطر إدلب إلى قسمين، شمالي وجنوبي، أي شمال الطريق وجنوبه، وبالتالي لن يجد المتبقون في القسم الجنوبي ولا سيما في قرى جبل الزاوية بداً من النزوح إلى الشمال، كون بقائهم يعني وضعهم تحت خصار خانق من قبل قوات النظام من دون إيجاد منفذ حدودي يمدهم بالمستلزمات أو يمكّنهم من الحركة.
وفي موازاة الحراك الدبلوماسي، تواصل تركيا إرسال المزيد من القوات والعتاد إلى نقاطها المنتشرة في منطقة خفض التصعيد، إذ شهد ليل الأحد دخول رتل ضخم من الآليات العسكرية إلى النقاط التركية داخل إدلب. وقالت وكالة "الأناضول" إن قافلة تعزيزات تضم مدافع ودبابات وناقلات جند مدرعة، وصلت مدينة الريحانية بولاية هاتاي جنوبي البلاد من مختلف الثكنات العسكرية التركية، موضحةً أن القافلة المؤلفة من 150 مركبة عسكرية، توجّهت إلى نقاط المراقبة التركية في إدلب.
في هذا الوقت، تتفاقم المأساة الإنسانية في المنطقة، إذ وصل عدد النازحين جراء هجوم النظام في شمال غرب سورية إلى 900 ألف نازح منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، بحسب ما أعلنت الأمم المتحدة.
واستضافت موسكو اليوم جولة جديدة من المباحثات الروسية التركية، والتي تبدو كفرصة أخيرة لوضع مقاربة جديدة للوضع في إدلب ترضي الطرفين، مع الرهان على إبداء موقف روسي أكثر مرونة، مقابل إصرار أنقرة على انسحاب النظام من المناطق التي تقدّم إليها أخيراً، وتلميحها بنيّتها التعامل مع أكثر الملفات العالقة بينها وبين موسكو في طريق إيجاد حل في إدلب، وهو ملف "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، حين أشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزير الدفاع التركي خلوصي أكار قبل أيام، إلى إمكانية وضع حد لكل من سيقف في وجه تطبيق وقفٍ مستدامٍ لإطلاق النار، بما فيها الجماعات الراديكالية.
وكانت مصادر تركية مطلعة قد قالت لـ"العربي الجديد" قبيل الاجتماعات، إن الطرفين سيبحثان خطة لوقف إطلاق نار شامل في إدلب، معتبرة أن "مشروع وقف إطلاق النار الشامل، هو فرصة التفاوض الأخيرة بين أنقرة وموسكو، على خلفية تدهور الأوضاع في منطقة خفض التصعيد بإدلب". وأضافت أن تركيا "أوضحت مطالبها للجانب الروسي، وهي ابتعاد النظام إلى خارج حدود منطقة خفض التصعيد، وفتح الطرق الدولية بصيغة مشتركة".
في المقابل، قال وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، إن تركيا وروسيا تواصلان التعاون من أجل التوصل لتفاهم نهائي حول إدلب السورية. وفي تصريح أدلى به لصحيفة "إزفيستيا" الروسية، قال "يجب علينا ألا نسمح للأزمة السورية بأن تؤثر على التعاون بين البلدين". وأشار إلى وجود العديد من الإجراءات التي يجب اتخاذها حيال إدلب، مضيفاً "تواصل تركيا وروسيا التعاون من أجل التوصل إلى تفاهم نهائي حول إدلب".
من جهته، أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن العسكريين الروس والأتراك على تواصل دائم في إدلب، وأن تفاهماً كاملاً يسود بينهم، معرباً عن أمله في إمكانية خفض حدة التوتر هناك. وشدد لافروف في تصريحات للصحافيين في ختام مشاركته في مؤتمر ميونخ للأمن اليوم، على أن فصل المسلحين المستعدين للحوار مع النظام السوري، عن "الإرهابيين"، يمثّل مفتاحاً لتسوية الوضع في إدلب، وأضاف أن انعدام التقدّم على هذا الصعيد أدى إلى توقيع اتفاق على إنشاء منطقة منزوعة السلاح داخل إدلب، لكن تنفيذ هذا الاتفاق تعثر أيضاً على الرغم من نشر نقاط مراقبة تركية هناك. وادعى أن "الإرهابيين استمروا في قصف مواقع الجيش السوري وقاعدة حميميم الروسية من خلف نقاط المراقبة التركية، الأمر الذي لم يكن ممكنا تركه بلا رد، وتصدت القوات السورية بدعم روسي لكل تحرك من هذا القبيل".
في هذا الوقت، أعلن رئيس النظام السوري بشار الأسد أن قواته عازمة على مواصلة القتال حتى "تحرير" كافة الأراضي الخارجة عن سيطرتها. وقال الأسد في كلمة متلفزة بثّها التلفزيون الرسمي إن "معركة تحرير ريف حلب وإدلب مستمرة بغضّ النظر عن بعض الفقاعات الصوتية الفارغة الآتية من الشمال، كما استمرار معركة تحرير كل التراب السوري وسحق الإرهاب وتحقيق الاستقرار". وأضاف "إلا أننا نعي تماماً أنّ هذا التحرير لا يعني نهاية الحرب ولا يعني سقوط المخططات ولا زوال الإرهاب ولا يعني استسلام الأعداء، لكنه يعني بكل تأكيد تمريغ أنوفهم بالتراب كمقدمة للهزيمة الكاملة عاجلاً أم أجلاً، وهو يعني أيضاً ألا نستكين بل أن نحضّر لما هو مقبل من معارك".
ميدانياً، كانت قوات النظام قد سيطرت الأحد على قرى ومدن هامة في ريف حلب الغربي، الذي يضم قرى وبلدات شويحنة، كفرحمرة، جمعية الزهراء، بيانون، حيان، حريتان، عندان، تل مصيبين، بابيص، معارة الأرتيق، جمعية الهادي، بشقاتين، الهوتة، الليرمون، حريتان، جمعية الزهراء، الملاح، كفرداعل، الواقعة شمالي غرب حلب، بعد انهيار لقوات المعارضة هناك وانسحابها بشكل غير مفهوم.
وبعد هذه السيطرة، تحاول قوات النظام مواصلة تقدّمها غرباً، انطلاقاً من بلدة عنجارة التي تقدّمت إليها صباح اليوم الاثنين، إما بسلوك الطريق إلى ترمانين ثم إلى بلدة الدانا فسرمدا والوصول إلى معبر باب الهوى الاستراتيجي على الحدود السورية التركية، الذي روّج إعلام النظام أخيراً لأهمية السيطرة عليه، أو اختيار الطريق الأطول بالانطلاق من جبل الشيخ عقيل الاستراتيجي الذي بات هو الآخر تحت سيطرة قوات النظام بعد معارك مع قوات المعارضة، نحو دارة عزة في ريف حلب الشمالي الغربي، ثم الوصول إلى بلدة أطمة الحدودي شمالي إدلب، مروراً بمناطق المخيمات التي تغص بآلاف النازحين ولا سيما تجمّع مخيمات قاح وعقربات.
وتكمن خطورة سيطرة النظام على جبل الشيخ عقيل، والذي توجد فيه أيضاً نقاط للجيش التركي، بأن قوات النظام ستصبح قادرة على السيطرة على دارة عزة ما يعني الإشراف من مكان مرتفع على منطقة أطمة، التي تعج بمخيمات النازحين والمهجرين، والإشراف على طريق "غزاوية" الشريان الرئيسي الواصل بين عفرين وإدلب. كما أن سيطرة النظام على هذا المحور وتقدّمه في محور الأتارب أيضاً في سيناريو آخر، يضعه على طريق معبر باب الهوى، كخيار أو طريق ثالثٍ ربما، ما سيجعل قرابة ثلاثة مليون نسمة في إدلب وريفها تحت خطر الحصار شبه الكلي، ويحرم المعارضة من التحرك بحرية على الطرق الرئيسية.
كما أن تقدّم النظام بهذه الطريقة، يقرّبه من الوصول إلى الحدود السورية التركية في كل من ريفي إدلب وحلب، ذلك للمرة الأولى منذ عام 2012 عندما فَقَد النظام السيطرة على المعابر الحدودية في المحافظتين لصالح فصائل الجيش السوري الحر.
ولا شك في أن التقدّم على أحد المحورين أو الثلاثة التي سيوصل أحدها قوات النظام إلى الحدود ومعبر باب الهوى، سيجعل شهية النظام مفتوحة للتقدّم أكثر في عمق المحافظة، وهنا لا يمكن استثناء مدينة إدلب من دائرة الخطر، إذ تقف قوات النظام على بُعد سبعة كيلومترات من المدينة، بعد سيطرتها على بلدة النيرب إلى الشرق منها بداية الشهر الحالي، ما سيعيد الوضع الأمني في إدلب إلى ما قبل 2015، أي حين سيطرت قوات المعارضة على مناطق واسعة في إدلب، ومنها إدلب المدينة ومدينتا جسر الشغور وأريحا ومساحات واسعة في محيط تلك المدن، وإن حدث ذلك، يعني تغلغل النظام داخل مناطق سيطرة المعارضة، وتمكّنه من رصد كل المناطق الخاضعة لسيطرتها، ما يسهل استهدافها واستهداف المدنيين فيها.
بيد أن الخطوة الاستراتيجية لقوات النظام وحليفها الروسي، والتي ربما تكون مؤجلة في الوقت الحالي إلى ما بعد تحقيق تقدّم باتجاه معبر باب الهوى، تكمن في السيطرة على كامل الطريق الدولي حلب-اللاذقية "أم 4"، بعد إعلان السيطرة الكاملة على طريق حلب-دمشق أم 5" قبل أيام. وسيكون لتلك المعركة وقعها المؤلم من الجانب الإنساني، إذ يُتوقع أن تعمد قوات النظام وحليفها الروسي إلى تفريغ المدن والبلدات على جانبي الطريق وصولاً إلى اللاذقية، ويعني ذلك السيطرة على أريحا والتقدّم غرباً حتى الوصول إلى جسر الشغور، بكل ما سيعترضها خلال الطريق من عشرات المدن والبلدات التي تغص بالمدنيين.
والسيطرة على طريق حلب-اللاذقية (أم 4)، يعني شطر إدلب إلى قسمين، شمالي وجنوبي، أي شمال الطريق وجنوبه، وبالتالي لن يجد المتبقون في القسم الجنوبي ولا سيما في قرى جبل الزاوية بداً من النزوح إلى الشمال، كون بقائهم يعني وضعهم تحت خصار خانق من قبل قوات النظام من دون إيجاد منفذ حدودي يمدهم بالمستلزمات أو يمكّنهم من الحركة.
وفي موازاة الحراك الدبلوماسي، تواصل تركيا إرسال المزيد من القوات والعتاد إلى نقاطها المنتشرة في منطقة خفض التصعيد، إذ شهد ليل الأحد دخول رتل ضخم من الآليات العسكرية إلى النقاط التركية داخل إدلب. وقالت وكالة "الأناضول" إن قافلة تعزيزات تضم مدافع ودبابات وناقلات جند مدرعة، وصلت مدينة الريحانية بولاية هاتاي جنوبي البلاد من مختلف الثكنات العسكرية التركية، موضحةً أن القافلة المؤلفة من 150 مركبة عسكرية، توجّهت إلى نقاط المراقبة التركية في إدلب.
في هذا الوقت، تتفاقم المأساة الإنسانية في المنطقة، إذ وصل عدد النازحين جراء هجوم النظام في شمال غرب سورية إلى 900 ألف نازح منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، بحسب ما أعلنت الأمم المتحدة.