قوى سياسية عراقية تدافع عن تمسكها بالمحاصصة في حكومة علاوي

11 فبراير 2020
يسعى علاوي لتقديم حكومة مستقلة (الأناضول)
+ الخط -
تواصل قوى سياسية عراقية، لغاية عصر اليوم الثلاثاء، تمسكها بما تسميه استحقاقها في الكابينة الحكومية الجديدة المرتقبة لرئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي، في حين يسعى فيه الأخير لتقديم حكومة يصفها بالتخصصية والمستقلة، لناحية انتماءات الوزراء.

وفي الوقت الذي تدافع فيه كتل سياسية مختلفة عن موقفها، مُذكّرة بأن رئيس الوزراء المكلف جاء بصيغة تحاصصية من قبل تحالفَي "سائرون" و"الفتح"، تبرز مواقف مقابلة من كتل أخرى تهدّد بعدم التصويت على منح الثقة لحكومة علاوي في حال كان وزراؤها من مرشحي الكتل السياسية.

وقال القيادي في تحالف القوى العراقية، الذي يتزعمه رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، صباح الكربولي، في اتصال مع "العربي الجديد"، إنه عندما يطالب تحالف القوى باستحقاقه الانتخابي والمكوناتي، حاله كحال باقي الكتل السياسية من المكونات الأخرى، فإن هناك سنداً لذلك، وهو استحقاق انتخابي للمكونات للمشاركة في الجانب التنفيذي في الحكومة العراقية، من خلال اختيار وزراء على أسس واضحة، من أجل أن يكون للمكون تمثيل حقيقي، وخصوصاً أن المكون السني لديه مشاكل حقيقية في مناطقه، من إعادة إعمار المدن المدمرة إلى تعويض المواطنين، ولهذا يجب أن يكون هناك توازن من أجل حل كلّ المشاكل التي يواجهها المكون".

واعتبر الكربولي أن المطالب بوجود شخصيات من المكون (السني) في مجلس الوزراء، "ليست محاصصة، كما تروج لذلك بعض الجهات السياسية، بل هو حصول المكون على استحقاقه وفق الاستحقاق الانتخابي والتوازن الوطني"، وفقاً لقوله. وأضاف: "نريد التشاور مع رئيس الوزراء المكلّف محمد توفيق علاوي، وذلك ممكن، ليتم تقديم شخصيات له ليختار من بينها، وهذا ما حصل مع رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي، فممكن أن نرشح لكل وزارة أكثر من أربعة أسماء، على أن يختار علاوي أحدها، فنحن نريد أن ننجح علاوي وحكومته المرتقبة، ولهذا يجب أن يكون لنا تمثيل واضح فيها".

وأكد أن "هناك تخوفاً لدى القوى السياسية السنية من أن يتم تغييب دور المكون وتمثيله في الجانب التنفيذي في الدولة العراقية، تحت ذريعة وزراء مستقلين، وخصوصاً أن المكون السني يعاني الآن من عدم التوازن في مؤسسات الدولة العراقية، فنحن ما زلنا مهمشين ونواجه إقصاء، وليس لدينا تمثيل حقيقي وفق التوازن في الدولة العراقية".

وأكد القيادي في تحالف القوى العراقية أنه "لغاية الآن لم نقرر التصويت على منح الثقة لرئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي من عدمه، فهذا الأمر متوقف على وجود تمثيل حقيقي في الكابينة الوزارية، وعدم وجود هذا التمثيل يعني عدم التصويت لصالح علاوي".

إلى ذلك، قال القيادي في حزب "الاتحاد الوطني الكردستاني" النائب شيروان ميرزا، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "الجانب الكردي يعتقد أن بعض القرارات الاتحادية التي تصدر، تؤثر بشكل مباشر على نوعية الحياة وطبيعة سير الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في إقليم كردستان".

وبيّن أن "القوى الكردية لا تريد الغياب عن الحكومة المقبلة برئاسة محمد توفيق علاوي إذا ما نالت الثقة من قبل البرلمان العراقي، كما أنها لا تريد مسايرة ما يجري الآن من ألا يكون لدى الأحزاب ممثلون داخل الحكومة، باعتبارها حكومة انتقالية، وترك أمر اختيار الوزراء لعلاوي، فالقوى الكردية تريد استحقاقها الانتخابي".

وأضاف أن "القوى الكردية لها حضور قوي في البرلمان العراقي، فإعطاء الثقة من قبل النواب الكرد لا بد أن يكون مبنياً على مواصفات وشروط محددة، وعلى رأسها مشاركتهم في الحكومة، من خلال تقديمهم وزراء ممثلين عنهم، كما أن القوى الكردية غير معنية كثيراً بما يجري من الناحية السياسية لجهة الاحتجاجات الشعبية في بغداد وبعض مدن الوسط والجنوب".

وختم النائب الكردي بالقول إن "الكرد يريدون استحقاقهم الانتخابي، عبر كتلهم البرلمانية، وليس المحاصصة وتوزيع المغانم والمكاسب، كما تحاول بعض الجهات السياسية الترويج لذلك من أجل إثارة الرأي العام وخلط الأوراق".

في المقابل، قال قيادي في تحالف "الفتح"، الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي" في البرلمان، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن المبدأ الذي تستند إليه الكتل المطالبة بالمحاصصة، هو أن رئيس الوزراء جاء من خلفية محاصصاتية، إذ استمرت الأزمة بين القوى الشيعية لشهرين من دون تدخل باقي القوى الأخرى لحين الاتفاق عليه، وكل من طُرحوا قبل علاوي كانوا من مكون واحد، لذا فإنهم هم يعتبرون أن القاعدة مختلة بدءاً من اختيار رئيس الوزراء، فكيف يتنازلون عن مبدأ قائم بالأساس في تشكيل هذه الحكومة؟".

ونفى أن يكون هناك أي تفاوض أو مشاورات بين القوى السياسية مع بعضها البعض، إذ إن علاوي يتحرك مع مستشاريه بمفرده في مهمة تشكيل حكومته التي لم يتبق من مهلتها غير 21 يوماً.

في المقابل، قال المحلل السياسي العراقي هشام الهاشمي، لـ"العربي الجديد"، إن "القوى الكردية والسنية غير مطمئنة بأن حكومة علاوي ستكون حكومة انتخابات مبكرة، فهي تعتقد أنها إذا تنازلت عن اختيار الوزراء في الحكومة الجديدة المرتقبة، فقد يكون ذلك مكر من قبل رئيس الوزراء المكلف، وقد لا يلتزم بقضية إجراء الانتخابات المبكرة، وهذا لعدم وجود الثقة، ولهذا هم يريدون ضمان وجود لهم في الحكومة المقبلة".

وبيّن الهاشمي أن "السنّة والكرد يرون أن مناطقهم مستقرة في قضية التظاهرات، ويعتقدون أن ما يجري هو صراع شيعي - شيعي، وبالتالي هم غير ملزمين بأن يتحملوا نتائجه".

وأكد أنه "لغاية الآن، فإن علاوي لم يستطع جمع أنصار ومساندين له من القوى البرلمانية يملكون أغلبية لكي تمنحه الثقة في مجلس النواب، وهو حالياً يجمع بما يُقدّر بـ50 صوتاً داخل البرلمان"، مشيراً إلى أنه من دون إرضاء القوى السياسية الكردية والسنية، فمن الصعب تمرير علاوي، في حين أن هذه الأصوات الخمسين اشترطت عليه عدم إرضاء هذه القوى مقابل الاستمرار في دعمه، لافتاً إلى أن هؤلاء الـ50 دعموا علاوي من أجل اختيار وزراء مستقلين تكنوقراط، بعيداً عن كل القوى السياسية.

وأضاف أن "أمام علاوي خيارين من أجل حصوله على ثقة البرلمان، إما أن يتنازل للقوى السياسية، أو يعتمد على الجمهور ويفرض وزراء مستقلين تكنوقراط، ويكون عمل هذا الجمهور الضغط على مجلس النواب، لمنح الثقة له، وعدا عن ذلك فهو وحكومته لن ينالا الثقة"، قائلاً: "إذا لم ينجح علاوي في حسم أمره بين هذه الخيارين، فهو سيقدم اعتذاره عن التكليف بتشكيل الحكومة الجديدة".
المساهمون