كيف أثر مقتل سليماني على السجالات الداخلية الدنماركية؟

07 يناير 2020
موقف فريدركسن بشأن سليماني يتفق مع موقف الاتحاد الأوروبي(Getty)
+ الخط -
تكسب المواقف الإعلامية والسياسية في الدنمارك، على خلفية مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني، أهمية خاصة داخليا وأوروبيا لأسباب تتعلق كثيرا بقرب الدنمارك شبه الدائم من سياسات واشنطن. 

فليس سرّاً أن الدنمارك عادة ما تنتهج سياسات شبه متطابقة مع سياسات أميركا في المنطقة العربية، وفي الشرق الأوسط عموما، فكوبنهاغن شاركت تقريبا في معظم حروب واشنطن منذ حرب الخليج الثانية وأفغانستان وغزو العراق، وحتى إعلان التحالف الدولي بقيادة واشنطن في ما سمي في 2014 بالحرب على الإرهاب لمواجهة تنظيم "داعش" الإرهابي.
وأرسلت كوبنهاغن طائراتها الحربية وشاركت بجنودها منذ خريف ذلك العام على الأرض في العراق، ولا تزال، بالإضافة إلى مساهمات استخباراتية في مناطق متعددة في المناطق الملتهبة في الشمالَين السوري والعراقي.
وجاء مقتل قاسم سليماني على يد واشنطن ليفجر سجالا داخليا، بين تيارات سياسية عادة ما تتناقض في الموقف مع أميركا. 


ويُلاحظ هذه الأيام كيف وضع الزعيم الجديد لحزب "فينسترا" (الليبرالي المحافظ)، يكوب إلمان يانسن، حزبه في موقف حرج يتعرض خلاله لانتقادات، فهو ابن وزير خارجية أسبق، أوفه إلمان يانسن في فترة حرب الخليج الثانية وغزو العراق، ويتزعم الحزب الذي حكم حتى صيف 2019، بزعامة رئيسه السابق لارس لوكا راسموسن، والحزب الذي ترأس من خلاله أندرس فوغ راسموسن الحكومة في وقت الغزو 2003 وقيادته لاحقا لحلف شمال الأطلسي.

وعبّر يكوب إلمان يانسن، أخيرا، عن موقف ينسجم إلى حد كبير مع مواقف بعض اليسار ويسار الوسط، وخصوصا موقف زعيم حزب "راديكال" (يسار وسط) مورتن اوسترغورد الذي صرح بأن على واشنطن "التزام بعض القواعد الدولية في السياسات المنتهجة"، وهو ما أكده إلمان يانسن أيضا في معرض التعليق على قتل سليماني.
وأثار هذا الموقف غضب أقصى اليمين المتشدد وصحافة شعبوية راحت تتساءل، كما فعلت "صحيفة الموجز" اليوم الثلاثاء: "ما هي تلك القواعد التي يجب الالتزام بها أميركيا بعد أن تورط سليماني في حروب سورية والعراق ومهاجمة قواعد أميركية والسفارة في بغداد، فهل كان يجب منح سليماني ومليشياته الدينية المتشددة حوار طاولة مستديرة؟ وهل كان يستحق (أسامة) بن لادن و(أبو بكر) البغدادي طاولة الحوار ذاتها؟".

بعض شخصيات معسكر اليمين المتشدد، وحتى داخل حزب إلمان يانسن، وخصوصا نائبة رئيس الحزب والوزيرة السابقة إنغا ستويبرغ، اندفعت للتملص من تعليقات الرجل المتفقة مع يسار الوسط في تقييم نقدي لاغتيال واشنطن لسليماني، فستويبرغ اعتبرت أن "كل بلد له الحق في الدفاع عن نفسه، حتى حين يكون اسم رئيس ذلك البلد (دونالد) ترامب".
ولم يبتعد موقف مقرر شؤون الهجرة في الحزب ذاته (فينسترا)، مادس فوليد، حين خالف موقف رئيسه (إلمان يانسن) بالقول إن "(قاسم) سليماني كان زعيما لإحدى أكبر الشبكات الإرهابية وأكثرها كفاءة وقدرة، ولذلك كان دائما هدفا مشروعا، والادعاء بخلاف ذلك هو ببساطة وجهة نظر غريبة، فإذا كان للغرب عدو لدود فهو سليماني".


وما يثير الانتباه أن السجال في أوساط قيادية في الحزب الحاكم حتى صيف العام المنصرم وصل إلى حد التراشق على خلفية مقتل سليماني، فمقرر شؤون السياسات الخارجية في فينسترا، ميكال أوستروب، تلاقى مع زعيم حزبه أكثر من تلاقيه مع صقور الحزب حين قال إن "سليماني لم يكن إرهابيا". 

واعتبر أوستروب أن قاسم سليماني "كان جنرالا إيرانيا رفيع المستوى"، ولم يقتصر السجال على قيادة وقواعد الحزب اليميني في الوسط، بل انتقل إلى أحزاب أخرى؛ فالسياسي المعروف في حزب المحافظين ومقرر السياسات الخارجية فيه ناصر خضر، الذي شكل ائتلافا حكوميا سابقا مع فينسترا، انتقد مواقف زعيم الحزب يكوب المان يانسن ويسار الوسط، واعتبر أن "سليماني لم يكن سوى أخطبوط إرهابي كان يجب وقفه، وما قامت به أميركا أمر صحيح".

رئيسة الوزراء وزعيمة حزب يسار الوسط "الاجتماعي الديمقراطي"، ميتا فريدركسن، التي تملك قوات على الأرض العراقية، وجدت في انقسام يمين الوسط فرصة لها للتعبير عن موقف يتفق مع مواقف حلف الناتو والاتحاد الأوروبي الأخيرة بالدعوة إلى "وقف تصعيد الأزمة". وبشكل حذر، ذهبت فريدركسن لاتخاذ موقف مدين للرئيس الأميركي دونالد ترامب، خصوصا في حديثه عن معاقبة إيران إن قامت بالانتقام لمقتل سليماني.​

المساهمون