أعلن وزير الخارجية الألمانية هايكو ماس، اليوم الخميس، من بنغازي أن اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر "مستعد من حيث المبدأ للمشاركة في قمة برلين"، التي ستنعقد يوم الأحد المقبل، وذلك بعد ساعات من إعلان السراج رسمياً قبول الدعوة لحضور القمة.
وبحسب الباحث الليبي في الشؤون السياسية بلقاسم كشادة، فإن أهم بنود إعلان قمة برلين المنتظرة بالنسبة لحفتر، بحسب الوثيقة المسربة، "شيئان أساسيان، أولهما الإشارة الواضحة للدعوة لحل المجموعات المسلحة، ما يعني أنها تستهدف جزءاً من قوات حكومة الوفاق، والثاني أنها تدعو لتشكيل حكومة وحدة وطنية، وهو الأهم بالنسبة لحفتر، كون الحكومة الجديدة ستكون بديلة عن حكومة الوفاق، التي لطالما وقفت أمام تحقيق طموحه في الدخول لطرابلس لتسعة أشهر".
ورغم قبول السراج حضور قمة برلين، إلا أنه ليس من الواضح حتى الآن شكل وحجم مشاركة قادة طرفي الصراع في ليبيا، السراج وحفتر، لكن كشادة يؤكد في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن بنود إعلان قمة برلين المسربة شجعت حفتر على قبول الدعوة.
ويبدو أن حفتر رغم الاعتقاد بأن روسيا تمثل أهم داعميه، إلا أن الواضح من خلال موقفه الأخير الرافض للمبادرة الروسية بدا أكثر اعتماداً على دول أخرى أمنت له موقفاً داعماً، كالإمارات ومصر وفرنسا، وكلها دول لم تخف رفضها للتقارب الروسي مع تركيا، التي وقعت اتفاقات مع حكومة الوفاق بشأن قضايا لطالما مثلت إزعاجاً كبيراً لها، ولا سيما المتعلقة بترسيم الحدود المائية في البحر المتوسط.
في غضون ذلك، زادت تركيا من وتيرة تهديداتها لحفتر، بعدما أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم، أن حكومته بدأت إرسال قواتها إلى ليبيا، ما يعني، بحسب كشادة، إمكانية عودة التوتر، من خلال اعتبار حفتر الوجود التركي مبرراً لخرق الهدنة المعلنة في إسطنبول الأسبوع الماضي، وخصوصا أن تركيا طرف أساسي في الدعوة لها.
بدوره، يؤكد المحلل السياسي الليبي، عبد الحميد المنصوري، أن رأي السراج الذي كشف فيه عن أسباب رفض حفتر التوقيع في موسكو هو "أقرب للصحة ويبدو واقعياً"، فأغلب الدول الأوروبية والإقليمية كانت تراقب عن كثب ما يجري في موسكو، ولم تعلن عن أي ترحيب، ما يعني أنها كانت تسعى لإفشال الجهود التركية الروسية لتصبح برلين المنتدى الدولي الوحيد الذي يمكنه جمع كل الأطراف المتدخلة في الشأن الليبي.
ويضيف المنصوري لـ"العربي الجديد"، أنه "علاوة على ذلك فقمة برلين مرتبطة أساسا بخطط المبعوث الأممي ذات المراحل اللاحقة لأي اتفاق يصدر في برلين، عكس ما جرى في موسكو التي اقتصر الأمر فيها على الاتفاق على وقف إطلاق النار دون بيان الخطوات اللاحقة".
ورغم خطورة وضع الدول المناكفة للتحرك التركي الروسي في الملف الليبي كونها تواجه تحديا كبيرا وفرصة أخيرة لاستعادة قيادة الملف الليبي، إلا أن المنصوري يرى في الوقت ذاته أنها تتوفر على سبل كفيلة بنجاحها، وعلى رأسها حضور دولي كثيف على مستوى رؤساء الدول رفقة الأمين العام للأمم المتحدة، ما يعني أن تمرير أي اتفاق بالقمة إلى مجلس الأمن سيكفل حمايته وفرضه على الأطراف الليبية.
وحول الفرص التي يمكن لحلف حفتر أن يقتنصها في برلين ليمرر أهدافه، يؤكد المنصوري أن حفتر "لا يبدو لديه خيار اليوم سوى القبول بنتائج برلين، بعدما اشتركت كل القوى الدولية في رفض استمرار القتال وفشله العسكري، ولا سيما أن توازن المشاركين في القمة المرتقبة يمكن أن يحقق له حدا أدنى من أهدافه".
ويوضح أن "نجاح تركيا وروسيا في الضغط على ألمانيا من أجل إشراك فاعلين دوليين جدد تبدو مواقفهم رافضة لمشروع حفتر، كالجزائر، بالإضافة لحضور تركيا وروسيا، حقق توازنا كبيراً في المشاركين في القمة، وهو ما لم يتحقق في موسكو، ولذا ففرص حفتر في برلين تبدو أقوى".