وخلال تظاهرات مليونية، انطلقت عصر اليوم في بغداد وعدد من المحافظات الجنوبية، والتي أكد فيها المتظاهرون استمرار تظاهراتهم حتى تحقيق المطالب، منددين بـالتدخل الإيراني والأميركي في العراق، شهدت البصرة خلال التظاهرات مواجهات من قبل عناصر الأمن الذين طاردوا المتظاهرين، في مركز المدينة، وحاولوا تفريقهم بقنابل الغاز واعتقلوا عدداً منهم، خاصة في التظاهرات التي وصلت إلى أمام مركز قيادة شرطة المحافظة وسط المدينة.
وما زالت التظاهرات الشعبية متواصلة بمنطقة أم البروم في البصرة، وفي ساحة البحرية وسط المدينة، ووفقاً للناشط المدني بهاء الجابري، فإنّ "قوات الأمن اليوم مارست أعمال عنف ضد المتظاهرين، وحاولت تفريقهم بالقوة، رغم سلمية التظاهرات التي تطالب بالحقوق المشروعة"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أنّ "حالة من الفوضى تسببت بها تلك الإجراءات خلال التظاهرات، خاصة عمليات الاعتقال التي طاولت عدداً من المتظاهرين".
وتشهد ساحة التحرير في بغداد، ومحافظات واسط والقادسية والنجف وكربلاء وذي قار وميسان والمثنى وبابل، تظاهرات مماثلة، وحمل المتظاهرون لافتات ورددوا شعارات منددة بإيران وواشنطن، مطالبين بإبعاد العراق عن صراعاتهم، كما دعوا إلى حسم ملف اختيار رئيس وزراء مستقل، محملين رئيس الجمهورية مسؤولية التأخر بذلك.
ونجح المتظاهرون، في التحشيد إلى التظاهرة المليونية لهذا اليوم، وإعادة ثورتهم الشعبية التي يصادف اليوم الجمعة، مرور 100 يوم على انطلاقها، والتي لا تزال متواصلة في مدن الجنوب والوسط وبغداد، على الرغم من القمع الأمني الذي تعرضت له، وعمليات الاعتقال والاغتيال التي تنفذها مليشيات وأجنحة مسلحة مرتبطة بأحزاب داعمة للحكومة.
علاوي يستقيل من عضوية البرلمان
وأعلن رئيس "ائتلاف الوطنية" إياد علاوي، مساء اليوم الجمعة، استقالته من عضوية البرلمان العراقي، مؤكدا أن الاستقالة جاءت احتجاجا على "فشل" البرلمان في أداء دوره، فيما يؤكد سياسيون أن كتلا سياسية تفرض سيطرتها على البرلمان وتقوده وفقا لمصالحها الخاصة.
ويواجه البرلمان العراقي انتقادات عدة، من قبل بعض الكتل السياسية والنواب، لا سيما بعد قراره الأخير بإلزام الحكومة إخراج القوات الأجنبية من العراق، والذي يحذر مسؤولون وسياسيون من خطورته على الواقع العراقي (سياسياً وأمنياً واقتصادياً).
ووفقا لبيان مقتضب، صدر عن مكتب علاوي، فإنّ "الأخير أعلن استقالته من عضوية البرلمان نتيجة فشل البرلمان في أداء دوره التشريعي والرقابي وعدم تعامله بجدية وإيجابية مع مطالب الحراك الشعبي والجماهيري".
وعلى الرغم من أن استقالة علاوي ليست الأولى التي يواجهها البرلمان، إذ سبقتها استقالتان لنائبين عن الحزب الشيوعي العراقي، على خلفية التظاهرات وعمليات القمع التي واجهتها، وضعف دور البرلمان، إلا أنها (استقالة علاوي) تعد الأبرز والأكثر تأثيرا، خاصة أن علاوي له ثقل سياسي في العراق وخارجه، لما يتمتع به من علاقات واسعة داخلية وخارجية.
سياسيون أكدوا، أن لا دور للبرلمان العراقي تجاه القضايا التي يمر بها العراق، وأنه يعمل وفقاً لأجندات الأحزاب والكتل الكبيرة التي تفرض أجندتها عليه.
وقال القيادي في "ائتلاف الوطنية" النائب السابق حامد المطلك، لـ"العربي الجديد"، إنّ "البرلمان لم يقم بواجبه تجاه المسؤوليات الملقاة على عاتقه، مشيرا إلى أن قوى سياسية وحزبية تفرض إرادتها عليه، على الرغم من أن تلك الإرادة تتعارض مع مصلحة الشعب عامة والمتظاهرين خاصة".
وأضاف المطلك: "يفترض بالبرلمان أن يأخذ دوره الرقابي والتشريعي بما يخدم مصالح الشعب، لا مصلحة تلك الكتل التي أفرزتها انتخابات شابها التزوير، جعلت من تشكيلة البرلمان الحالي ممثلة للأحزاب وليس للشعب".
وأوضح أن "تلك الهيمنة واضحة من خلال مواقف البرلمان البائسة تجاه حقوق الشعب، والتي لم تكن بالمستوى المطلوب تجاه المتظاهرين والخروقات التي تعرضوا لها، ولن تكون بالمستوى المطلوب مستقبلا"، مشيراً إلى أن "معظم اللجان البرلمانية لا تستطيع أن تقوم بعملها بشكل جيد، بسبب تلك الهيمنة الحزبية والقوى الخارجية والداخلية، المسيطرة على القرار العراقي".