جدل بليبيا حول دعوة السيسي لحل الأزمة بتوزيع الثروة

26 سبتمبر 2019
من تظاهرة سابقة بطرابلس رفضاً لتدخلات السيسي(محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -
أثارت كلمة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، الثلاثاء الماضي، والتي دعا خلالها إلى معالجة الأزمة الليبية على أساس "توزيع الثروة"، جدلاً واسعاً في البلد المجاور، ففي حين اعتبره البعض تدخلاً في الشأن الداخلي، اعتبره آخرون تغيّراً في سياق تعامل القاهرة مع الملف الليبي، خاصة من خلال دعم حليفها العسكري اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

وجاء أول المواقف المستنكرة على لسان رئيس المجلس الرئاسي لحكومة "الوفاق" فايز السراج، خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أمس الأربعاء، قائلاً "نستغرب التدخل المصري في شؤوننا وإعطاء الليبيين دروساً في أسس الديمقراطية والدولة المدنية والاقتصاد وكيفية توزيع الثروات".

من جهته، أكد عبد المالك المدني المتحدث الرسمي باسم مكتب الإعلام الحربي لعملية "بركان الغضب"، التابعة للجيش بقيادة الحكومة، أنّ "الحل يكمن في رجوع حفتر إلى مواقعه التي انطلق منها في شرق البلاد ومحاسبة المتورطين في دماء الليبيين".

وشدد في حديث مع "العربي الجديد"، اليوم الخميس، على أنّ "مصر ليس لها الحق في التدخل في الشأن الليبي، وفي أن تتحدث عن ثروات الليبيين".

بدوره، رأى الباحث في الشأن الليبي بشير السوحلي، أنّ مصر "أدركت أنّ العملية العسكرية لدخول طرابلس والتي راهنت عليها قد فشلت، وبدأت الآن عملية البحث عن حلول سياسية وبدأ مسار الأمم المتحدة في ذلك"، معتبراً أنّ حديث السيسي عن خطة توزيع الثروة "هو محاولة تبرير عدوان حفتر على طرابلس"، لكنه في الوقت ذاته أكد أنّ "القاهرة لن تتوقف عن دعم حفتر".

وشدد السويحلي، في حديث مع "العربي الجديد"، على أنّ "كلام السيسي عن الثروة تدخل سافر في شؤون ليبيا الداخلية"، مضيفاً أنّ "استغراب السراج لحديث السيسي عن الديمقراطية والعدالة، رد مباشر وواضح".

وأما المحلل السياسي الليبي فرج فركاش، فرأى أنّ "خطاب السيسي يمكن أخذه في سياق المطالب المتكررة لنواب المنطقة الشرقية بمجلس النواب في طبرق، والذين لطالما تكلموا عن التوزيع العادل للثروة وعن التهميش وعن المركزية".

وأضاف فركاش، في حديث لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، أنّ "حديثه السياسي جاء في سياق تمثيل الطرف الغائب الذي يدعمه، وهم أعضاء مجلس النواب المتواجدون في طبرق خاصة من يمثلون برقة".

وأشار فركاش إلى أنّ "الحديث عن توزيع الثروة ليس بجديد"، مذكّراً بأنّ المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة "أثار أيضاً هذا الموضوع في تصريحات إعلامية وفي إحاطات أممية"، معرباً عن اعتقاده بأنّ "أحد دوافع الصراع هو الصراع على الثروة".

وفي هذا الصدد، أكد فركاش أنّ "على السيسي أن يعلم أنّ موضوع الثروة وكيفية توزيعها مكانه دستور ليبي توافقي يتفق عليه غالبية الليبيين، وهذا لن يتأتى إلا بعد وحدة البلاد تحت سلطة تنفيذية واحدة ووحدة المؤسسات".


في المقابل، برّر عضو مجلس النواب محمد العباني، الموالي لحفتر، تصريحات السيسي، باعتبار أنّ "أمن مصر مرتبط بأمن ليبيا"، وقال، في تصريح صحافي، إنّ "ارتباط جمهورية مصر مع ليبيا بحدود برية تقارب 1200 كيلومتر، يجعلها من أكثر الدول تأثرا بالصراع الليبي لارتباط أمنها القومي بالأمن في البلاد".

تغيّر الموقف المصري؟

لكن أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الليبية خليفة الحداد، رأى أنّ "حديث السيسي يكشف عن سياق جديد للتعامل المصري مع الملف الليبي، بعد هزيمة حفتر العسكرية في طرابلس".

وأضاف، في حديث لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، أنّ "تصريح السيسي يجب ألا نفصله عن ما يعانيه الآن من تنامي المعارضة داخل مصر، والتي سببها تزايد الفقر وتراكم الديون التي لم يفلح السيسي في معالجتها".

وتابع الحداد "من جانب آخر يجب ألا ننسى تصريحات نواب طبرق، بل وتصريحات حفتر نفسه، التي أكدوا فيها أنّ مصالح مصر هي مصالحهم. وغير بعيدة أطماع مصر في الجعبوب الليبية".

ويرجح أنّ خطاب السيسي قد يشير إلى أنّ رؤيته بأنّ سياق معالجة الأزمة الليبية وفق الحديث عن مبدأ "توزيع الثروة" هو الأنسب بالنسبة له، فأراضي برقة التي يسيطر عليها حفتر حتى "الهلال النفطي" غنية بالموارد، وعليه أيضاً في ذلك الوقت تبديل لهجته السابقة بالنسبة لطرابلس التي لا تزال قرارات الأمم المتحدة تؤكد على شرعيتها الوحيدة في إدارة موارد النفط.