السيسي يفضّل حمادة الصاوي على 5 مرشحين للنيابة العامة

13 سبتمبر 2019
الصاوي عاد بعد انقلاب 2013 إلى النيابة العامة (فيسبوك)
+ الخط -
لم يكن قرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الصادر أمس الخميس، بتعيين المستشار حمادة الصاوي نائباً عاماً جديداً لمدة 4 سنوات وليد الأيام القليلة الماضية، إذ قضت دائرته الخاصة، فضلاً عن المخابرات العامة والأمن الوطني والرقابة الإدارية، شهراً تقريباً في البحث والتحري عن قائمة قصيرة مكوّنة من 6 قضاة، بعدما تنازل مجلس القضاء الأعلى طوعاً عن حقه الدستوري في اختيار 3 قضاة من النواب العموم المساعدين والمحامين العموم، ونواب رئيس النقض، ورؤساء الاستئناف، ليختار منهم السيسي نائباً عاماً. في السياق كشفت المصادر لـ"العربي الجديد" أن النائب العام السابق نبيل صادق غير مطمئن لاختياره لاحقاً وزيراً للعدل وفق التكهنات في الأوساط القضائية والسياسية، وأنه لا يرغب في العودة لمنصبه السابق نائباً لرئيس محكمة النقض، بهدف استمراره بالتمتع بمزايا النائب العام، لحين البت في مصير ترشحه للوزارة. فتقدم بمذكرة إلى مجلس القضاء الأعلى السابق برئاسة المستشار مجدي أبو العلا قبيل تقاعده، وأفاد فيها بأنه من حقه الاستفادة من التعديلات الدستورية الجديدة التي أقرت في إبريل/نيسان الماضي، بأثر مباشر، لناحية البدء من جديد باحتساب فترته نائباً عاماً اعتباراً من وقت صدور القانون 77 لسنة 2019 الذي أفرغ النصوص الدستورية الجديدة في الصيغة القانونية القابلة للتطبيق، بمعنى أن يبدأ منذ صدور ذلك القانون في 25 يونيو/ حزيران الماضي فترة ولاية جديدة لمدة 4 سنوات تنتهي عام 2023.

وأوضحت المصادر أن مجلس القضاء الأعلى في ذلك الوقت ارتأى "مجاملة" صادق، وهو العضو بالمجلس، فأجمع أعضاؤه على تدعيم هذه المذكرة وإرسال مذكرة أخرى تؤيدها إلى رئاسة الجمهورية. وبعد تعيين المستشار عبد الله عصر رئيساً جديداً لمجلس القضاء الأعلى في يوليو/ تموز الماضي، أعاد المداولة في الأمر، واتجهت أغلبية المجلس، ومن بينهم صادق، للاستمرار على الموقف السابق، وعدم الزج بالمجلس في صراعات مستعرة بين القضاة على الترشيح، وتزكية استمرار صادق، وبالتالي ترك مسؤولية الاختيار كاملة لرئيس الجمهورية.

هذا التخاذل من أعلى سلطة قضائية بمصر في مباشرة حقها الدستوري منح السيسي صكاً على بياض لاختيار من يشاء لمنصب النائب العام، فتداولت الأجهزة والدوائر المختلفة أسماء عدة، على رأسها رئيس جهاز الكسب غير المشروع المستشار عادل السعيد، الذي تولى من قبل منصب النائب العام المساعد في ولاية 3 نواب عموم، هم: المستشار عبد المجيد محمود في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك والمجلس العسكري، ثم المستشار طلعت عبد الله في عهد الرئيس المعزول الراحل محمد مرسي قبل أن يقال، ثم عاد مع المستشار هشام بركات حتى اغتياله، وكذلك المستشار محمد شيرين فهمي القاضي الذي توفي الرئيس المعزول مرسي أمامه، وعُرف بإصدار أحكام مشددة ضد الإخوان ومعارضي النظام، والذي تم استبعاده من الترشيحات بسبب اللغط الذي أثير حول وفاة مرسي ومدى إمكانية إنقاذ حياته وتأخر وصول الأمن وسوء معاملته من قبل فهمي نفسه أثناء كلماته الأخيرة، قد تكون جميعها أسباباً للهجوم على قرار اختياره من دوائر غربية.

كذلك تفوق الصاوي على صادق المقرب من المستشار أحمد السيسي شقيق رئيس الجمهورية، والنائب العام المساعد السابق، المستشار زكريا عبدالعزيز عثمان المعار حالياً إلى الإمارات، وأخيراً النائب العام المساعد المستشار مصطفى سليمان، الذي تقدم فور معرفته بقرب تعيين الصاوي بطلب لمغادرة النيابة العامة والعودة إلى منصة القضاء بمحكمة استئناف القاهرة، نظراً لخلافات سابقة بينهما. مع العلم بأنه كان المسؤول عن إدارة أكثر الملفات حساسية مع صادق، وعلى رأسها التعاون القضائي مع إيطاليا في قضية مقتل الطالب جوليو ريجيني.

ويخلو سجل الصاوي من أي إنجازات لافتة للنظر، عدا أنه حافظ لفترة طويلة على مواقعه المتميزة في النيابة العامة في عهد النائب العام الأسبق عبد المجيد محمود، قبل ثورة يناير/ كانون الثاني 2011 وبعد انقلاب يوليو 2013 عندما كان على رأس العائدين إلى النيابة العامة، بعد إطاحة النائب العام الأسبق طلعت عبد الله، الذي كان قد عينه مرسي، مما يعطي دلالة كافية على قرب الصاوي من الدوائر الأمنية والسيادية وأنه يحظى بثقة السلطة التنفيذية.

بدأ الصاوي حياته القضائية في النيابة العامة عام 1986 وتنقل بين النيابات الجزئية إلى أن عُيّن في نيابة الأموال العامة العليا في العام القضائي 1992-1993، ثم انتقل إلى منصة القضاء متدرجاً في المحاكم الابتدائية لأربع سنوات، قبل أن يعود للنيابة العامة عام 1998 رئيساً لنيابة الزيتون الجزئية ثم رئيساً لنيابة غرب القاهرة الكلية، ثم رئيساً لنيابات مرور القاهرة لثلاث سنوات، حتى ترقى محامياً عاماً لنيابة الجيزة الكلية لثلاث سنوات حتى نهاية 2010.

وبعد عودته إلى دائرة الضوء في عام 2013 عيّن رئيساً للمكتب الفني للمركز القومي للدراسات القضائية وأميناً عاماً له، وفي عام 2015 تم ندبه بالمكتب الفني لمحكمة استئناف القاهرة، ثم قاضياً للتحقيق في عدة قضايا، ثم شغل منصب رئيس لجنة الشكاوى بالأمانة العامة للجنة العليا للانتخابات البرلمانية، إلى أن انتدبه النائب العام المنتهية ولايته نبيل صادق محامياً عاماً أول لنيابة استئناف القاهرة في أكتوبر/ تشرين الأول 2015، وهو المنصب الذي كان يعني ضمنياً أنه من بين أقوى 5 شخصيات في النيابة العامة وأكثرهم نفوذاً.

في ذلك المنصب أشرف الصاوي على التحقيقات في العديد من القضايا التي أعطتها السلطة التنفيذية أولوية، وعلى رأسها تفجير الكنيسة البطرسية (2016) وهي الواقعة التي تحولت فيما بعد إلى جزء أساسي من قضية تفجيرات الكنائس الكبرى، وكان هو أول من حقق وأمر بحبس رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات سابقاً المستشار هشام جنينة، للتحقيق معه في بلاغات مختلفة، من بينها بلاغ قدمه وزير العدل الأسبق أحمد الزند، يتهمه بالإدلاء بتصريحات الغرض منها الإساءة لمؤسسات الدولة وهزّ ثقة الرأي العام بها، وفي العامين القضائيين الأخيرين تم ندبه مديراً لمعهد البحوث الجنائية والتدريب بالنيابة العامة.

المساهمون