لم يكن تعهد رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بضم أجزاء من الضفة، مفاجئاً لدى بعض المسؤولين والقيادات الفلسطينية، في ظل ما وصفوه بأنه يأتي في سياق حملته الانتخابية، بل إن هذا الإعلان يأتي وسط خشية أن يقوم بمزيد من المشاريع الاستيطانية الأخرى، إذ تهدّد تلك التعهدات بتمكين إسرائيل من السيطرة على 27% من الضفة الغربية.
ويقول خبير الاستيطان خليل تفكجي لـ"العربي الجديد": "إنه لم يفاجأ من تصريحات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن ضم أراضٍ في منطقة الأغوار بالضفة الغربية، في إطار التحضيرات للانتخابات العامة في دولة الاحتلال والمقررة الأسبوع المقبل". ويشير إلى أن الجديد في هذه التصريحات هو استخدام نتنياهو الأمن في دعايته الانتخابية، بعد أن كان يتذرع به في معاركه السياسية وفي مفاوضاته مع الفلسطينيين.
ويوضح أن الأغوار مهمة في نظر نتنياهو لثلاثة أسباب، هي السيطرة على الموارد المائية، والزراعة المبكرة، وتنفيذ مشروع 2050، ومن ضمنه إقامة أكبر مطار في المنطقة، إلى الشرق من القدس المحتلة.
ويرى تفكجي أن تنفيذ نتنياهو لوعوده بهذا الشأن، سيمكن الاحتلال من السيطرة المطلقة على ما مساحته 27% من مساحة الضفة الغربية، بعد أن نجح الاحتلال في تأمين الجبهة الداخلية، معتبراً أن إحكام السيطرة على هذه المنطقة سيمنع تكرار تجربة قطاع غزة بحفر الأنفاق وإدخال أشخاص غير مرغوب فيهم.
يُذكر أن المنطقة التي سيشملها الضم تمتدّ من عين البيضا وبردلة وكردلة في الشمال، حتى عين جدي في الجنوب، حيث توجد فيها 25 مستوطنة ويقطنها 6 آلاف مستوطن.
من جانبه، قال عضو اللجنة المركزية لـ"حركة فتح" جمال محيسن، في تصريح لإذاعة فلسطين الرسمية، "إن كافة إجراءات الاحتلال الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة مخالفة للقانون الدولي والاتفاقيات والتفاهمات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، متوقعاً أن يطرح نتنياهو المزيد من المشاريع الاستيطانية، وأن يكثف من عدوانه قبيل الانتخابات الإسرائيلية.
وشدد محيسن على أن هذه الإجراءات تدمر إمكانية إقامة دولة فلسطين، وتتطلب تنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي، لافتاً إلى ما ورد في خطاب الرئيس محمود عباس في اجتماع القيادة، والذي خلص إلى تشكيل لجنة لوقف التعامل مع إسرائيل بكافة الاتفاقات التي وُقعت.
بدوره، طالب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة "التحرير الفلسطينية" صائب عريقات، في تصريحات له، دول العالم بفرض العقوبات الفورية على إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، وإدانة تصريحات رئيس حكومتها التي أعلن خلالها عن ارتكاب جريمة حرب بفرض السيادة على غور الأردن، وضم المستوطنات الاستعمارية حال فوزه في الانتخابات.
وأكد عريقات أن فلسطين، ومعها قوة القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة والإجماع الدولي، لا تعترف بإجراءات سلطة الاحتلال وضمها غير القانوني للقدس ووادي اللطرون وهضبة الجولان، وتعتبرها لاغية وباطلة.
وقال عريقات: "إن الحصانة التي منحها المجتمع الدولي لإسرائيل، وتمتعها بثقافة الإفلات من العقاب، هي التي شجعت نتنياهو لمطالبة الجمهور الإسرائيلي بانتخابه، في حال ارتكابه جريمة أخرى".
ودعا عريقات هذه الدول منفردة ومجتمعة للتحرك العاجل من دون تأخير، لردع نتنياهو وحلفائه، وإنقاذ فرص السلام قبل فوات الأوان، واستثمار دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة الـ74، لمساءلة سلطة الاحتلال، وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة. وقال: "إن وقف هذه الجرائم يشكل تحدياً لدول العالم، إما القبول بنهج القوة ومخالفة القانون، أو إعلاء شأن الأمم المتحدة وتنفيذ قراراتها، والالتزام بمبادئها وقيمها وسيادة القانون".
وطالب عريقات المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية بفتح التحقيق الجنائي فوراً، مؤكداً أن كل تأخير في محاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين يكلف الشعب الفلسطيني أرضه وأرواحه ثمناً لذلك، متسائلاً: "ماذا ينتظر المجتمع الدولي ومنابر العدل الدولية التي أُنشئت من أجل تحقيق العدالة للقيام بواجبها؟ لقد حان الوقت لوضع سلطة الاحتلال في مكانها الطبيعي، وإنجاز حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير، والحرية، والاستقلال في دولته، على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".