أطماع نتنياهو بالأغوار الفلسطينية: الأرقام تتحدث

12 سبتمبر 2019
ستطيح أطماع إسرائيل بالأغوار بكنز فلسطيني (Getty)
+ الخط -

يسلط تعهد رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مساء الثلاثاء، بالسيطرة على الأغوار الفلسطينية ومنطقة شمال البحر الميت الواقعة شرقي الضفة الغربية، حال فوزه بالانتخابات الإسرائيلية القادمة المزمع عقدها الثلاثاء المقبل، الضوء من جديد على أطماع إسرائيل في تلك المنطقة التي تشكل ما بين 27-28% من مساحة الضفة الغربية، حيث تبلغ مساحة منطقة غور الأردن وشمال البحر الميت 1.6 مليون دونم.

ومنذ أن احتلت إسرائيل الضفة الغربية عام 1967 وحتى الآن، فقد أقامت دولة الاحتلال 36 مسـتوطنة فـي الأغوار الفلسطينية، مقامة على حوالي 27 ألف دونم صالحة للزراعة ويعيش فيها ما يقارب 9500 مستوطن.

وكذلك يوجد في المنطقة ثمانية معسكرات إسرائيلية للتدريب، ومن بين تلك المستوطنات 11 مستوطنة مقامة على أراضي الأغوار الشمالية التابعة لمحافظة طوباس وتشـمل 1500 مستوطن، وذلك وفق حقائق ومعطيات لدراسة أعدتها الباحثة تحرير صوافطة العام الماضي، ونالت بها درجة الماجستير من جامعة بيرزيت، حيث تظهر تلك الدراسة أطماع إسرائيل في الأغوار.

لكن في المقابل، فإن عدد السكان الأصليين من الفلسطينيين في الأغوار بلغ عام 2012 حوالي 70 ألف فلسطيني يعيشون في 29 بلدة على مساحة 10 آلاف دونـم تقريباً، وهناك حوالي 15 ألف فلسطيني يعيشون في عشرات التجمعات البدوية الصغيرة.

الأغوار تشكل 88% من مناطق "ج"

تشكل الأغوار الفلسطينية حوالي 28% مـن مسـاحة الضـفة الغربية، لكن 88% من أراضي الأغوار تصنف مناطق "ج" الخاضعة لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي، وتعمل إسرائيل على تنفيذ مشاريعها في الأغوار وفقاً لما ورد في مشروع "ألون" الذي دعا لضم مناطق لإسرائيل، منها شريط عرضه بين 10 -15 كم على امتـداد غـور الأردن، وشريط عرضه بضعة كيلومترات تجري دراسته على الطبيعـة مـن شـمالي طريـق المواصلات بين القدس والبحر الميت.

وحتى تعريف الأغوار ومساحتها يختلفان بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي، حيث يعمد الاحتلال إلى إدخال أكبر عدد ممكن من الأراضي الفلسطينية المتاخمة للأغوار بهدف الاستيلاء عليها، ويعرف الفلسطينيون الأغوار بأنها تقع في الجزء الشرقي من الضفة الغربية، وتمتد من محافظة أريحا في الجنوب إلى محافظة طوباس في الشمال بطول 68.5 كيلومتر، ومن شواطئ البحر الميت في الشرق وحتى المنحدرات الغربية لمحافظتي طوباس وأريحا في الغرب بعرض 24 كم، وتحتل منطقة الأغوار ما مساحته 840.9 كيلومترا مربعا، ما نسبته 14.9% من المساحة الكلية للضفة الغربية.

وتبلغ مناطق الأغوار المصنفة "أ" و"ب" 8.4% من مساحة أراضي الأغوار، ويتركز غالبية سكان الأغوار فيها، أما بقية المناطق في الأغوار فتصنف "ج" وتخضع للسيادة الإسرائيلية الكاملة، حيث يمنع البناء الفلسطيني فيها أو الاستفادة منها بأي شكل من الأشكال إلا بتصريح صادر عن السلطات الإسرائيلية المختصة.

ومن الجدير ذكره، أن معظم الأراضي الواقعة في مناطق "ج" تشمل الأراضي الزراعية والمناطق المفتوحة والخصبة والغنية بمصادر المياه الطبيعية، والتي تشكل مصدر دخل رئيسي لأهالي قرى الأغوار الفلسطينيين.

أما الاحتلال الإسرائيلي فيعرّف الأغوار بشكل مختلف، حيث تبلغ مساحتها وفقاً للمصادر الإسرائيلية ما يقارب 1600 كم، بما يعادل 28.8% من مساحة الضفة الغربية، أما السبب فـي اختلاف نسب المساحة فهو أن المصادر الفلسطينية فصلت المناطق البرية للخليل وبيت لحـم والقدس وطوباس، بينما المصادر الإسرائيلية عملت على إدخالها، فيما أطلقت عليه مسمى غور الأردن، لذلك فالنسب تتباين تبعاً لاختلاف المناطق التي تشملها وفقاً لإحصاءات الطرفين.

مشروع نتنياهو/ ألون

ومشروع نتنياهو/ ألون المعدل عام 1997 دعا لمنح الفلسطينيين 45-50% من أراضي الضفة الغربية دون المساس بالمناطق الحيوية "الغور، وغوش عتصيون، والقدس الكبرى"، والعمل على تفكيك بعض المستوطنات البعيدة سيما التي تقع داخل نطاق السلطة الفلسطينية، إضافة إلى عدم التنازل والسيطرة والسيادة على مدينة القدس، وأن نهر الأردن سيكون الحدود الشرقية لدولة إسرائيل، ويشـكل حـدوداً دائمة بين إسرائيل والمملكة الأردنية.

وتتبلور طبيعة المشاريع والخطط الاستيطانية في الأغوار بالتعامل مع هذه المنطقة بآلية تختلف عن بقية منـاطق الضـفة الغربية منـذ بـدء الاستيطان فيها عام 1967، حيث تتبع المنطقة لقوانين إسرائيلية، كما تم إعلان العديد من مناطق الأغوار مناطق عسكرية مغلقة، ومراكز لتدريب الجيش الإسرائيلي، إضافة لإنشاء المستوطنات على أراضي الأغوار استناداً لقانون أملاك الغائبين، فإسرائيل انتهجت كافة الطرق التي تمكنها من الاستحواذ على الأغوار لما لها من أهمية حالية ومستقبلية.

والأغوار في السياسة الإسرائيلية هي الجزء الشرقي من الضفة الغربيـة، والذي تم الاستيلاء عليه عام 1967، حيث يمتد من عين جدي بالقرب من البحر الميـت جنوباً، وحتى قرية عين البيضاء شمالاً في الأغوار الشمالية بمحافظة طوباس والواقعة إلى الجنوب من بيسان، بطول 120 كم، وعرض يتراوح بين 5 -25 كم، حيث تحتوي على ربع أراضـي الضفة الغربية، وقد تم اعتماد مصطلح الأغوار بالمفهوم الإسرائيلي في "خطة ألون"، بهدف بسـط نفوذهم على المناطق بين جبال الخليل ونابلس ونهر الأردن، والتي تحتوي على عدة كتل استيطانية.

وتظهر الأطماع الإسرائيلية واضحة بسعيها لإنشاء مطار استراتيجي قرب البحر الميت، إذ أكد رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية، وليد عساف في تصريحات لوسائل إعلام محلية أن إسرائيل وضمن سعيها لمخطط القدس الكبرى التي ستمتد باتجاه البحر الميت، فإنها تخطط لبناء مطار في منطقة النبي موسى قرب البحر الميت، وهو المكان الذي خططت له السلطة لبناء مطار دولي فيه عام 2008.

الأغوار الكنز المفقود

وستطيح أطماع إسرائيل بالأغوار بكنز فلسطيني وتجعله حلماً مستحيلاً، حيث أشار مركز العمل التنموي / معاً في نشرة له عام 2012 بعنوان (الأغوار الفلسطينية هـل ستصبح المساحة الصالحة للزراعة فـي الأغـوار كنزاً مفقوداً وحلماً مستحيلاً؟) بحوالي 280 ألف دونم، يستغل منها المزارعون الفلسـطينيون 50 ألف دونـم، بينما تصل نسبة الأراضي المصادرة منها لأغراض زراعية ملحقة بـ 36 مستوطنة على أراضـي الأغوار حوالي 27 ألف دونم.

وتعتبر الأغوار المورد الأساسي للمنتجات الزراعية في الضفة الغربية، وسلة الغذاء الفلسطيني بسبب غناها بالموارد المائية الجوفية والسطحية، فضلاً عن الثورة الحيوانية التي تشكل مصدراً أساسياً للدخل لمعظم العائلات الفلسطينية في الأغوار، ومن ناحية سياحية تضم الأغوار ما يزيد عن ثمانين موقعاً تاريخياً ودينياً.

وتستخرج إسرائيل من عمليات التنقيب عن المياه في الأغوار حوالي 32 مليون متر مكعب سنوياً، معظمها مخصص للاستعمال من قبل المستوطنات، ويصل مجموع كميات المياه التي استخرجها الفلسطينيون في المنطقة في العام 2008 إلى 31 مليون متر مكعب فقط.

بينما يشير مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضـي المحتلة "بتسيلم"، إلى أن ما يقارب من نصف الأراضي التي يعيش فيها الفلسطينيون تحتلها المستوطنات باعتبارها بيئـة ملائمة للزراعة وتربية الثروة الحيوانية، وحالياً يسيطر الجيش الإسرائيلي على 44 % مما تبقى من تلك الأرض لغاية الاستيطان وبحجة إعلانها مناطق عسـكرية مغلقـة ومحميـات طبيعية.

وأشار تقرير لـ"بتسيلم" إلى أن إسرائيل تمنع الفلسطينيين من استخدام أغلب الأراضي في الأغوار الفلسطينية وشمال البحر الميت، بذريعة أنها أراضي دولة، وتبلغ نسبتها 48.7%، وأن أكثر من نصفها معرف كأراضي دولة منذ فترة الحكم الأردني وما قبله، فيما تمت مصادرة آلاف الدونمات لصالح الاحتياجات العسكرية، وبعد ذلك تم تحويلها لصالح 9 مستوطنات أقيمت في غور الأردن حسب خرائط الإدارة المدنية -الحكم العسكري للعام 2007.

واستولت إسرائيل على مناطق في شمالي الأغوار لغرض الجدار الفاصل وأقامت 64 حقلاً ملغماً على مقربة من مسار نهر الأردن، والتي وفقاً لادعاء الجيش لا حاجة لها لأغراض عسكرية.

المساهمون